اخبار

التضليل في شعار (الإسلام هو الحل)..ابراهيم ابراش

تحت عنوان وشعار (الإسلام هو الحل) تم عقد ندوات ومؤتمرات وتأليف كٌتب وكلها كانت من جماعات الإسلام السياسي. هذا المصطلح وبهذه الصيغة لا أصل له في القرآن والسنة ،بل هو شعار ركبته الجماعات الإسلامية وخصوصا الإخوان المسلمين لمواجهة العلمانيين والأنظمة التي تعتمد الدستور والقوانين الوضعية لحل مشاكل الأمة ومن خلال هذا الشعار استطاعوا استقطاب جماهير شعبية يسودها الفقر والجهل وتعجز أنظمة الحكم في تلبية كل متطلبات الحياة لهم ،فيوهموهم أن الإسلام هو الحل لكل مشاكلهم ومعاناتهم ،وحيث إنهم يقدمون أنفسهم كناطقين باسم الإسلام أو وسطاء بين الله وعباده فما على العباد إلا السمع والطاعة وتسليم مقاليد أمورهم للجماعة التي تفسر وتؤول مفهوم الإسلام ونصوصه المقدسة من قرآن وسنة بما يتناسب مع مصالحها السياسية الدنيوية بل لا يتورعون عن التحريف وتقويل النص الديني بما ليس فيه.

ولكن، أي إسلام يقصدون؟ وهل بالفعل هو الحل؟ وحل ماذا؟

الإسلام بشكل عام هو استسلام لله وانقياد بطاعة أوامره وترك نواهيه، وهو بهذا المعنى متواصل منذ نوح وإبراهيم الى سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، ولكن أصبح ما هو دارج أن مفهوم الإسلام والمسلمين مرتبط بالرسالة المحمدية، وعليه نستعمل مصطلح الإسلام لجماعة المسلمين المختلفين عن بقية الأديان السماوية من يهودية ومسيحية والديانات والمعتقدات الأخرى غير السماوية.

  الإسلام لوحده لا يحل مشكلات وقضايا العصر ولكنه قد يقوّم النفوس والأخلاق بما يساعد على حل بعضها، لذا فإن التعامل مع الواقع لفهمه والتعايش معه أو تغييره إن كان يتعارض مع مصالح وأهداف الأمة يكون من خلال عقله وفهم المحددات واليات عمله وإعمال العقل وليس مواجهته بالشعارات والخطابات والتمنيات والايديولوجيات والإحالة للغيبيات الدينية والاسطورية، ولا من خلال الاستعانة بالأموات من السلف الصالح والأحياء من رجال دين منفصلين عن الواقع ويرتزقون من وراء وظيفتهم الدينية وتجارتهم بالدين.

كل من يواجه الواقع وخصوصا المشاكل الاقتصادية والسياسية والتخلف العلمي والتكنولوجي بالنصوص الدينية إنما يخفي جهله وعجزه على التعامل مع الواقع واستحقاقاته.

عندما يقولون إن الإسلام هو الحل لا يوضحون المقصود بالإسلام، هل هو الإسلام السني أو الشيعي؟ هل هو إسلام الإخوان المسلمين ام إسلام داعش وطالبان ام إسلام علماء الأزهر ام الإسلام الوهابي السعودي؟ أم الإسلام العلماني كما هو مطبق في تركيا وغالبية الأنظمة الإسلامية حتى وإن ادعت إنها أنظمة اسلامية؟ أم الإسلام المقصود في القول المأثور عن الشيخ محمد عبده عند زيارته باريس عام 1881، فعندما عاد الى مصر قال مقولته الشهيرة: «ذهبت الى الغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين، ولما عُدت إلى الشرق، وجدت مسلمين ولكنني لم أجد إسلامًا»

الإسلام دين عظيم ولا شك ولكنه إسلام العقل والعمل وإعمار الارض الإسلام كما فهمه أبن رشد وليس الإسلام الذي أوله أبن تيمية ولا (الإسلام) السياسي الشكلاني الارتزاقي، إسلام اللحية والحجاب والمسبحة التي لا تفارق اليد، كما أن رب العالمين محايد في أمور السياسة والحرب فهذه ينطبق عليها قول الرسول الكريم أنتم أعلم بأمور دنياكم.

 لو تم عقل وفهم الإسلام بطريقة صحيحة كدين وعلاقة بين الإنسان وربه دون وصاية من أحد وتحريره من هيمنة الجماعات الإسلاموية، سيساعد في حل كثير من مشاكل الناس الدنيوية ولكنه ليس حلا لكل قضايا ومشاكل البشر مثل تخلف النظام التعليمي والتخلف التكنولوجي والصناعي وتلوث البيئة الخ.

لو كان الإسلام هو الحل ما أختلف صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم والمبشرون بالجنة وتقاتلوا وقتل بعضهم بعضا كما كان في الفتنة الكبرى ومقتل الخليفة عثمان بن عفان ومعركة الجمل ومقتل علي بن ابي طالب والحسين!

لو كان الإسلام هو الحل ما كان تعدد المذاهب والأحزاب والأنظمة الإسلامية وكل منها يدعي إنه يمثل الإسلام الصحيح بل يموت من خلال حروبهم مع بعضهم بعضا أكثر مما يقتل الأعداء الكفرة منهم.،

لو كان الإسلام هو الحل والنصر من عند الله كما تقول كل الجماعات الإسلاموية المسلحة والمجاهدة ما انهزم المسلمون في معركة أٌحد وما انهزموا في الأندلس وفي كثير من المعارك التي خاضوها وما كان حال (المجاهدين) في فلسطين ولبنان، الله رب العالمين لا ينصر أحدا لمجرد أنه مسلم أو يزعم أنه يجاهد في سبيل الله، فحسابات النصر والهزيمة ترجع لموازين القوى في ساحة المعركة والإعداد الجيد للحرب.

لو كان الإسلام هو الحل ما كان هذا حال المسلمين وما كانوا في أسفل سلم الحضارة والتقدم، لو كان الإسلام هو الحل ما لجأ المسلمون لمعرفة وعلوم الغرب ليحلوا مشاكلهم ويدخلوا عصر الحضارة والنهضة وما أرسلوا شبابهم للغرب لينهلوا من علمه و يتثقفوا بثقافته،

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *