مونديال 2030.. تقرير يحذر من ارتفاع ديون المغرب ويدعو لتحسين الخدمات العامة
استعرض تقرير حديث لمرصد العمل الحكومي مجموعة من التحديات الاقتصادية والأمنية والبيئية التي تواجه المغرب قبل وأثناء وبعد تنظيم نهائيات كأس العالم سنة 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
واعتبر المرصد في تقريره أن تنظيم كأس العالم يشكل فرصة استثنائية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، إلا أن هذا الهدف يقترن بتحديات كبيرة تتطلب سياسات ناجعة لتحقيق مردودية مستدامة على المدى الطويل، وفق المصدر ذاته.
وأشار التقرير إلى أن “الوصول إلى النتائج المرجوة في ظل منافسة عالمية، خاصة مع دول شريكة مثل إسبانيا والبرتغال، يستلزم من المغرب معالجة بعض التحديات الجوهرية التي تتعلق بالنموذج الاقتصادي للملاعب والبنية التحتية، وضبط معدلات المديونية، وتحديث الخدمات والرقمنة”.
تحسين جودة الخدمات العامة والسياحية والنقل
أشار التقرير إلى أن مستوى جودة الخدمات العامة والسياحية يمثل تحديا أساسيا، خاصة وأن المغرب سيقارن بإسبانيا والبرتغال اللتين تمتازان بتجربة سياحية عالمية، لذلك سيكون من الضروري، وفق المرصد ذاته، العمل على تحسين الخدمات السياحية والبنية التحتية بشكل يتماشى مع متطلبات البطولة، ويقدم مستوى متقدما من الراحة للزوار، تشمل توفير مرافق عالية الجودة في الفنادق والمطاعم والمواصلات، وتدريب الأطر والموارد البشرية العاملة في القطاع السياحي على تقديم خدمة احترافية، وتهيئة المنشأت لتلائم الانتظارات العالمية.
كما ينبغي، يضيف المرصد، تطوير شبكات الطرق والمواصلات بحيث تكون قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من الزوار، مع تحسين وسائل التنقل داخل المدن وبين المناطق السياحية، حيث لا يمكن، حسب المصدر ذاته، الاستمرار في ظل منظومة نقل تقوم على الريع وعلى الاعتماد المطلق على منظومة “التاكسي” بدون أي إصلاح أو تحديث.
وشدد التقرير على ضرورة الانفتاح على تجربة التطبيقات الذكية وإيجاد الصيغ القانونية لإدماجها في منظومة النقل الشرعية، مع ضرورة توعية السائقين المهنيين فيما يتعلق بضوابط التسعيرة والتعامل الجيد مع الزوار، ما يتيح لهم تجربة مريحة تساهم في تحسين سمعة المغرب كوجهة سياحية متطورة.
إدارة المديونية وتجنب ضغوط الديون
اعتبر التقرير أن تأمين التمويل اللازم لبناء البنية التحتية وتحديثها يبقى من أكبر التحديات التي تواجه الدول المضيفة لكأس العالم، ويبرز هذا التحدي بشكل خاص بالنسبة للمغرب، حيث سيتعين إدارة التكاليف الضخمة المرتبطة بتمديد شبكات النقل، وبناء المنشآت الرياضية والمرافق العامة، خاصة مع تقدير بعض المشاريع الكبرى بمليارات الدولارات.
في هذا السياق، شدد التقرير على ضرورة أن يضع المغرب استراتيجية دقيقة لتمويل هذه المشاريع، مع التركيز على تقليل الاعتماد على القروض الممولة بمديونية مرتفعة، وتجنب ضغوط الديون المستقبلية، مقترحا التوجه نحو تطوير شراكات تمويلية مع مؤسسات دولية مانحة واستقطاب استثمارات القطاع الخاص المحلي والدولي، إلى جانب ذلك، يمكن استغلال بعض الاتفاقيات الثنائية والدعم الدولي في تطوير البنية التحتية، مما يخفف من الأعباء المالية، ويضمن تمويلا مستداما يتماشى مع أهداف النموذج التنموي المغربي.
استغلال ملاعب المونديال والتحديات البيئية
قال مرصد العمل الحكومي إن الدول المستضيفة للمونديال عادة ما تواجه تحديات كبيرة بعد انتهاء كأس العالم، لا سيما فيما يخص استخدام الملاعب والمنشآت الرياضية بطريقة اقتصادية مستدامة، مبرزة أن المغرب يحتاج إلى تطوير نموذج اقتصادي مبتكر يضمن استدامة الملاعب واستخدامها لتحقيق عائدات مالية مستدامة حتى تصبح الملاعب استثمارا غير ذي مردود بعد الحدث.
كما اقترح المرصد استغلال هذه الملاعب لإقامة فعاليات محلية ودولية في مختلف المجالات، مثل البطولات الرياضية الإقليمية والمهرجانات الثقافية والمعارض، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل مستدامة، داعيا لتشجيع الشراكات مع القطاع الخاص وتطوير برامج تمويل مبتكرة تمكن من استدامة الاستثمار وتحقيق عوائد مالية في مختلف الفترات، وبالتالي تجنب عبء الصيانة الباهظة بعد البطولة.
إلى ذلك، ركز التقرير أيضا على التحديات البيئية لتنظيم مونديال 2030 ظل التوجه الدولي المتزايد نحو تحقيق الاستدامة، معتبرا أن تنظيم بطولة عالمية بهذا الحجم يشكل تحديا بيئيا يستدعي من المغرب وضع سياسات بيئية مستدامة، تشمل إدارة الموارد الطبيعية، وخفض استهلاك الطاقة والمياه، وتقليل النفايات والانبعاثات الضارة، إذ يمكن استغلال هذه الفرصة للترويج لمشاريع الطاقات المتجددة، واستخدام الملاعب والمنشآت بطرق تتيح تحقيق مردودية اقتصادية مع الالتزام بالمعايير البيئية، ويجب على المغرب وضع مشاريع لإعادة تدوير الموارد، وتشجيع استخدامها الذكي، لضمان تراكم بيئي إيجابي للبطولة، وفق المصدر ذاته.
الأمن واستراتيجية التنقل
أكد مرصد العمل الحكومي أن “الأمن يمثل ركيزة أساسية في أي حدث عالمي، إذ أن تأمين كأس العالم يتطلب من المغرب اعتماد استراتيجية شاملة تشمل إجراءات صارمة لضمان سلامة الزوار والمنشآت، مؤكدا ضرورة تطوير خطة تنقل متكاملة تشمل وسائل النقل العام، وأماكن الإقامة، والمسارات السياحية لتجنب الاكتظاظ وتوفير تجربة آمنة ومريحة للجميع.
واعتبر التقرير أن “تعزيز الجانب الأمني يتطلب البدء منذ الآن في توعية وتحسيس المغاربة بأهمية تنظيم كأس العالم وبالفرص التي يوفرها للمغرب في مساره التنموي ومدى انعكاساته الإيجابية عليهم، مؤكدا ضرورة انخراطهم الواعي والمسؤول في إنجاح هذه التظاهرة.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “المغاربة يجب أن يكونوا جزء لا يتجزأ من إنجاح هذا المشروع، ولن يتأتى هذا الأمر إلا عبر مقاربة تشاركية يكون من خلالها للمجتمع المدني دور بارز في التواصل والتعبئة والتكوين لفائدة عموم الشباب المغاربة”.
الرقمنة وتطوير الخدمات الذكية
أكد مصدر العمل الحكومي أن الرقمنة وتطوير الخدمات الذكية تعد ركيزة أساسية لجعل تنظيم كأس العالم في المغرب تجربة متميزة، فالمقارنة مع إسبانيا والبرتغال، اللتين تتمتعان بمستوى عال بالمقارنة مع المغرب من التطور في الخدمات الرقمية، ستضع ضغطا على المغرب لتحديث بنيته الرقمية، ورفع مستوى الخدمات لجعلها متوافقة مع توقعات الجمهور العالمي.
ويشمل ذلك، حسب التقرير، تطوير منصات إلكترونية مدمجة لتيسير حجز التذاكر، وحجز الإقامات، ووسائل النقل، وتحسين تجربة المشجعين من خلال التطبيقات الذكية التي تتيح لهم الوصول إلى المعلومات والخدمات بسرعة وسلاسة.
ويستدعي هذا التحدي، يضيف المرصد، تعزيز البنية التحتية الرقمية في مختلف المدن المغربية، وتأمين خدمات الإنترنت العالية الجودة، وتطوير تطبيقات ذكية متعددة اللغات توفر معلومات عن الأماكن السياحية والمرافق العامة، إلى جانب تطوير نظام أمن سيبراني قوي لحماية بيانات المستخدمين وضمان سلامة العمليات الإلكترونية، مضيفا أن تحسين جودة الرقمنة سيكون محوريا في تحسين التجربة العامة للزوار، وجذب المزيد من السياح.
المصدر: العمق المغربي