المغترب “السوداني” زمن الحرب” ..!!!
د. منتصر نابلسي
يقال “اسوأ مافي الحرب أننا نستخدم أفضل مالدينا من اجل ممارسة أكثر الافعال بشاعة” .
“الحرب لو يعلمون لاتستعر نيرانها في اجـــواف المدافع بل في قلـــوب الناس وأفكارهم أيضا” .
ليس هناك سوداني لم يدفع من فاتورة الحرب الباهظة الثمن الموجعة بكل تفاصيلها المفجعة ، المدمرة حسديا .. ونفسيا .. وماديا .. لقد غابت حلاوة الابتسامة حين تشوهت كثيرا التفاصيل السودانية الجميلة والقيم الأصيلة السمحاء وسط هذه المحنة ، التى طال أمدها وتعمقت بسببها الجراح وجاءت على الأخضر ولم تترك حتى اليابس ، حتى بلغ السيل الزبى.
الإغتراب بإختصار ورغم مافيه … لا يستشعره إلا من تذوق طعمه المر من فراق للأحباب والوطن الغالي .. و من المؤكد ما من مغترب ما إلا ووضعته ظروف حياته أو حياة أهله وذويه أمام خيارات أحلاها أشدها ألما ومرارة وهـــو خيار الاغتراب المر.
حال المغترب في ذلك الوقت وبكل المـقاييس حال المصلوب على مسمار المجهول … تتسرب السنـوات والمغترب في حال ركض وصراع لا يعرف الهوادة وتعب لا يعرف الراحة ، بين كــــم وكيــف والى متى والى أين وهو دائما في نزاع بين الحاضرالمؤلم والمستقبل المجهول.
حقيقة ماذكرته سابقا يمثل صورة المغترب السوداني ما قبل نشوب الحرب اللعينة ، والتي تدخل عامها الثاني وقد غيرت معطيات الحال وقلبت الموازين رأسا على عقب ، تغيرت الطموحات والأفكار من أشواق العودة لبلادنا الى دعوات صادقة بأن يعود الوطن المجرح الى حال العافية والسلامة والامان ، حتى يعود كل نازح الذين طحنتهم وبطشت بهم المليشيا وسكنت بيوتهم واستباحت أعراضهم وسلبت كل ما لديهم الى أحضان الوطن سالمين غانمين.
وأقولها بكل صدق لولا وجود هؤلاء المغتربين السودانين في مشارق الارض ومغاربها وما يبذلونه من غال ونفيس من أجل ذويهم ومجتمعاتهم والذين أصبح حالهم يغني عن سؤالهم فلا ندري كيف كان سيكون الحال لولا وجود المغترب الذي أصبح اليوم هو “الركازة” والركن ، وهو السند الوحيد بعد الله سبحانه وتعالى.
وأتفق معكم أن قضايا كثيرة لايستطيع المغترب أن يبدلها أو يغير فيها ولكنه يناضل ويساهم ويقاوم ويكافح وبنافح مضحيا بعافيته ومستقبله ولكن هناك أهداف لا تقل أهمية من الوقوف بجانب الأهل ، وهي مساندة ودعم الدفاع عن الوطن حاليا وبكل عزيمة وتكاتف وبدون تردد عبر قواتنا المسلحة وليس لنا خيار ، لأن الوطن اذا ضاع سيبقى الشعب السوداني إما نازحا طريدا مشردا في دول الجوار والنازح كما تعلمون يفقد الكثير من كرامته وإنسانيته وقيمته وارادته ، او يبقى ذليلا تحت سطوة الجنجويد في أماكن تواجدهم في الوطن بظلمهم ويتجبرهم بين قتل وحرق وسرقة واغتصاب وترويع وإذلال .
وأحسب أن ما يمر به الانسان السوداني ليس مجرد حرب انما تدمير متعمد الهدف منه أن يقتلع الانسان السواني من وطنه ، بل من جذوره وحاضره ومستقبل أجياله ، وأن يسكن واقعنا وحياتنا هؤلاء الاشقياء الجنجاويد ليجعلوا منه وطنا للمرتزقة.
إنه تخطيط متعمد لتفريغ وطن من شعبه ليقطنه قطاع الطرق ويستمتعوا بخيراته فلا خيار لنا الا التماسك والوحدة ودعم قواتنا المسلحة “جملة ” وتفصيلا ,, معنويا وماديا ونبذل كل ما يساعد على وحدة وبقاء الوطن مهما كلف ذلك.
أيها الاحباب أذا فقدنا المال سوف يعوض بإذن الله ونمضي قدما لمستقبل جديد في وطن امن معافا ولكن إذا ضاع الوطن لن يكون لديكم فرصة لشراء وطنا اّخر .. فالاوطان لاتشترى فلا تكونوا الشعب الذي باع وطنه ” والله المستعان”.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة