شبهات مقيتة السودانية , اخبار السودان
خالد فضل
قال مسؤول وكالة الإغاثة التركي وهو يودع سفتين تركية وكويتية متجهتين بشحنتيهما من المساعدات الإنسانية صوب ميناء بورتسودان السوداني, إنّهما تحملان هذه المساعدات إلى (بقعة أخرى مضطهدة في العالم) . وزير خارجية تشاد قال : في كل مرّة يفشل فيها السودانيون في إيجاد طريقهم يتهمون تشاد ويتهمون الدول المجاورة , ومن الأفضل أن يركزوا على مسؤولياتهم . محمد بن شمباس ؛ رئيس لجنة الإتحاد الإفريقي رفيعة المستوى قال : الصراع في السودان أسوأ من الصراع في أوكرانيا وغزّة . فيما قال الرئيس اليوغندي يوري موسيفني : نصحت رؤوساء سابقين للسودان من ضمنهم عمر البشير بعدم الزج بصراعات الهوية والحزازات الإثنية والدينية ضمن صراعات السلطة , وخطورة إعمال السلاح بدل الحوار , فأسباب الحرب أخطاء آيدولوجية ارتكبها قادة البلاد .
طيلة مسيرة الحروب السودانية الداخلية , ظل الخطاب العام الصادر عن الحكومات , وتتبناه قطاعات واسعة من المواطنين , يتحدث بصيغة الجمع , وعند تفكيك هذا الخطاب يكتشف الناس بسهولة أنّه غير صحيح في صيغته تلك , الأصح أنّه يعبر عن مجموعة من المواطنين على رأسها قيادات الحكومة في اللحظة , فلماذا استخدام هذه الصيغة التضليلية لمواجهة الأزمات . وهو خطاب يحمل التناقضات الظاهرة ومع ذلك يستعيد تأثيره بعد كل فضح لمحتواه الخاوي , فأين العطب ؟
في حربي الجنوب _سابقا _ ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق , ظل الخطاب باستمرار يتحدث عن الشعب السوداني في مواجهة المؤامرات الخارجية و وكلائها من العملاء في الداخل , صفات ظلت ملازمة للراحل د. جون قرنق منذ العام 1983م حتى العام 2005م , حينما أصبح وطنيا غيورا , تفرش له البسط الحمراء ويتوهط مكتبه نائبا أولا لرئيس كل السودانيين . لم ينتبه الناس كثيرا لهذا التناقض الفج , وما إذا كانت مثل هذه التناقضات تشكل الأسباب الجذرية لجعل بلادنا (بقعة مضطهدة) , أو ( أوضاعها أسوأ من غزة وأوكرانيا) !! فالسيد مالك عقار(محكوم سابق بالإعدام في محكمة سنجة ) ؛ وأحد قادة فيالق حرب الكرامة السودانية الراهنة رفقة زملائه جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي وحتى التوم هجو وأردول (الذي أبعد معصوب العينين إلى جوبا مع رفيقه السابق ياسر عرمان ) , ظلوا لعقود طويلة رموزا للخيانة ضد الشعب السوداني (البطل) , إنّهم الآن ببساطة , رموز لكرامته وعزّته , ولا أحد ينتبه !! لقد تحول ثيرموميتر الخيانة والعمالة هذه الفترة إلى شوقي عبدالعظيم ؛ زميلنا الصحفي , وعمر الدقير ؛ المهندس المهذب سلوكا ومقالا , و د. الهادي إدريس ابن دارفور , ود. عبدالله حمدوك الكردفاني , والمهندس الصديق الصادق حفيد الثائر محمد أحمد عبدالله من نواحي جزيرة لبب بدنقلا , وعلى استحياء تتم الإشارة في سياق الخيانة والعمالة إلى محمد حمدان دقلو (حميدتي) !! فهو كما تستعطفه مثلا السيدة سناء حمد (ليس الرجل الذي عرفناه) تقصد أيام كان حاميا لكنوز التمكين , وباسم السودانيين يحارب الخونة المارقين , و (إن جنح للسلم هرولنا ناحيته مسرعين ؛ مأمورين بنص القرآن الكريم ), في بلاد يهرب المسؤولون فيها عن مسؤولياتهم ليتهموا تشاد ودول الجوار فتأمل فقط !!
وفي الفيديوهات المصورة لإستعادة السيطرة في مدن ولاية سنار , يعلو الصوت بالتكبير الله أكبر , فقد حررتها كتائب البراء الإسلامية ! وفي عزاء الضابط أحمد شاع الدين (الشكري) يتهدج صوت قائد الجيش البرهان (أهو الجعلي أم قبيلة أخرى لا أعلم صراحة ) فحتى المرحوم شاع الدين لم أك أعرف قبيلته لولا أني قرأتها في سياق تقرير منشور على بعض المواقع الإعلامية صوت قائد حرب كرامة (السودانيين) يبشر بتسليح قبيلة الشكرية استجابة لصيحة الحرب التي أطلقها ناظر عمومها ؛ لتنتقم لمقتل ضابطها الشجاع , وأفرادها المدنيين العزّل المساكين في تمبول ورفاعة وقرى شرق الجزيرة على صيغة ( يا لتغلب في أيام العرب القديمة ),بمثلما يعتمر الكدمول عمد ونظار وشراتي القبائل في دارفور وكردفان إستجابة لنداء القائد الهمام نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني , حميدتي ,في حرب التحرير المزعومة , ورئيس يوغندا من على خط الإستواء ينصح الرؤوساء السودانيين بعدم استخدام الهويات الدينية والحزازات الإثنية في تأجيج الصراعات حول السلطة , فتأمل أيها السوداني المنكوب تأمل فقط !
ومجرد السؤال , نعم سؤال للنفس فقط , من أنا ؟ ومن ذاك الآخر ؟ ففي كل مرّة (نكون )بصيغة الجمع (السودانيون) مع ( حكومة الوقت ) ضد ضد, ضد من ؟ الخونة وعملاء المؤامرات الخارجية من دول الجوار مرورا بشواطئ الخليج (العربي/الفارسي) مع سندة قصيرة في بلاط (الفهد المروّض) وصولا إلى ما وراء المحيطات بلاد العم سام , و يا البي بي سي عندي ليك خبر ما تدسي ؟؟ بينما يتهرب القياديون عن مسؤوليتهم , في هذه البقعة المضهدة, الأسوأ من كل نكبات الدنيا , بفضل الحزازات على الهوية , فهل من أمل هل , وهل من متأمل !!
المصدر: صحيفة التغيير