هل يصلح الميداوي ما أفسده الميراوي؟
من سخرية القدر أن الوزير الجديد للتعليم “ميداوي” لايختلف إسمه كثيرا عن سلفه الأول “ميراوي”، هو حرف بعمق المعنى واختلاف الأسماء، واحد فيه مرارة، والقادم هل فيه حظ من إسمه ميداوي إحالة على الدواء؟
التعليم العالي في المغرب لايحتاج إلى دواء فقط، لقد مات وتم دفنه بإسم إصلاح مُفترى عليه، أبدع فيه الميراوي حتى كاد أن يدخل كل شهر بل دقيقة إصلاحاً..
للأسف التعليم العالي في المغرب مرتبط بمزاج الوزير وقد كان مزاج الوزير “الميراوي” عالياً على حد تعبير الأشقاء في مصر..
أغرق الجامعة باللغات والمهارات والرياضة والسباحة وركوب الخيل، وخلق أجيالاً في كليات الحقوق في المغرب يفهمون الغش وحده عبر تقنية “QSM”، سّهل لهم الطريق بنظام فاشل خلق من الطلبة مجرد آلة تقدير، لاتفهم لا في اللغات ولا في القانون..
جاء بنظام “التميز” وهو تمييز في الحقيقة بين أبناء الشعب الواحد، جاء بكل شيء حتى لايتحقق أي شيء..
في السياسة نفهم أن يُسمي السياسيين الفساد إصلاحاً وأن يعتبروا المنتقدين لهم مشوشين وأن يقتلوا كل القيم، ونفهم أيضاً كيف تتحول الثقافة إلى عبء والوعي إلى شقاء، لكن لا أفهم أن نقتل الجامعة ونمشي في جنازتها..
أنا لا أرمي سيارات الإسعاف، فقد انتقدت الوزير الميراوي مرارا حتى في البرلمان، وسأظل أنتقد أي مسؤول أخطأ في حق هذا الوطن، لايهم أن يصل صوتنا.. المهم أن لانموت كمداً..
هي رسالة للوزير القادم، رجاءً أعيدوا للجامعة المغربية بريقها وأختاروا أطراً حقيقية، فأغلب الكفاءات في المغرب ليست متحزبة، كرهت السياسة ونحن بدورنا كرهنا الولاءات والتزلف والنفاق.. نحلم بوطن يتسع للجميع، سنظل نحلم ونخشى أن تصادر الحكومة حقنا في الحلم..
فقد خلق داخل أسلاك الماستر مايسمى بالجذع المشترك، وتحولت القيادات إلى رباعية، خماسية، وحتى سداسية، فهل هناك إنجاز أكثر من هذا؟؟
نفهم كل هذا العبث في السياسة ونبلعه ونموت غيظاً على وطن يتحول فيه الولاء إلى سيرة ذاتية، لكن أن نقتل الجامعة يعني أننا نرسم طريق النهاية دون أن نشعر..
الجامعة كانت حصناً للمجتمع، مشتلاً للنخب، اليوم ماتت السياسة وماتت الجامعة، وتحولنا كأساتذة إلى موظفين لدى رئاسة الجامعة، غابت الهياكل والشعب ومجالس الكلية، وغاب النقاش وتحولنا كما في السياسة
موالين لبعض المسؤولين نمدح فيهم ونطبق تعليماتهم فقط لأنهم هم أيضا موالون للوزير أو الرئيس..
كانت الجامعة تؤثر في المجتمع والآن تتأثر به، وحين يطبع المجتمع مع الفساد فكيف ستصمد الجامعة؟؟
ختاماً هناك مسؤولون كانوا يدينون بالولاء للوزير السابق “الميراوي” وسيتحول طبعاً ولاءهم للوزير الجديد “الميداوي”، هو اختلاف في حرف واحد فقط لذلك “ماشي مشكل”.
* د.عبد الرحيم بوعيدة، أستاذ جامعي
المصدر: العمق المغربي