في الذكرى ال60 لثورة اكتوبر “عقدة الفشل : حكايات السودان من ثورة إلى ثورة”..!!؟؟
د. عثمان الوجيه
في خضمّ عاصفة التغيير التي هزّت أركان السودان ، وفي ذكرى ثورة الحادي والعشرين من أكتوبر ، يطلّ علينا سؤالٌ جوهريٌّ يرنّ في أعماق كلّ وطنيٍّ : هل نحن مقدرون على كسر دورة الفشل التي أضحت سمةً بارزةً في تاريخنا المعاصر؟ أم أننا ما زلنا نراوح مكاننا ، نُعيد إنتاج الأخطاء نفسها ، ونغرق في مستنقع الصراعات والحروب الأهلية؟ لطالما كان السودان أرضاً خصبةً للثورات والانتفاضات ، إلا أن ثمار هذه الثورات ظلت حبيسة أحلام الشعوب ، فقد شهدت البلاد تجارب حكمٍ متنوعة ، من العسكر إلى المدنيين ، ومن الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية ، إلا أن النتيجة كانت واحدة : الفشل في تحقيق التنمية المستدامة ، وبناء دولة المؤسسات والقانون ، لقد دفعت الثورة السودانية ثمناً باهظاً من الدماء والتضحيات ، إلا أن النخب الحاكمة فشلت في ترجمة هذه التضحيات إلى واقع ملموس ، فقد عادت البلاد إلى المربع الأول ، واندلعت حرب أهلية جديدة ، زادت من معاناة الشعب السوداني ، فما هي الأسباب :
١/ الفساد المستشري : لقد استشرى الفساد في مفاصل الدولة السودانية ، وأصبح عائقاً كبيراً أمام التنمية والتقدم .
٢/ الصراعات الحزبية : انقسمت القوى السياسية السودانية إلى تيارات متصارعة ، مما شلّ العمل السياسي وحول الانتباه عن القضايا المصيرية ، ٣/ غياب الرؤية الاستراتيجية : افتقرت النخب الحاكمة إلى رؤية واضحة لمستقبل السودان ، مما أدى إلى اتخاذ قرارات ارتجالية وقصيرة النظر .
٤/ التدخلات الخارجية : لعبت القوى الخارجية دوراً كبيراً في تأجيج الصراعات الداخلية في السودان ، وسعت إلى تحقيق مصالحها الضيقة على حساب مصلحة الشعب السوداني، فما هي الحلول :
أ/ بناء دولة المؤسسات: يجب بناء دولة المؤسسات والقانون، التي تحكمها قواعد واضحة، وتضمن المساواة والعدالة بين جميع المواطنين.
ب/ مكافحة الفساد : يجب مكافحة الفساد بكل حزم ، ومحاسبة الفاسدين، وإعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة.
ج/ وحدة الصف الوطني : يجب تحقيق الوحدة الوطنية ، وتجاوز الخلافات الحزبية والعرقية والمذهبية، من أجل بناء السودان الجديد.
د/ التعاون الإقليمي والدولي : يجب على السودان التعاون مع الدول الإقليمية والدولية ، من أجل تحقيق السلام والاستقرار والتنمية ، فلنتفق : إنّ المستقبل يظل مشرقاً للشعب السوداني ، شريطة أن يتوحد الشعب السوداني ، ويتجاوز خلافاته ، ويعمل معاً من أجل بناء دولة ديمقراطية عادلة ومزدهرة ، فالسودان بلد غني بالموارد البشرية والطبيعية ، ولا يستحق إلا الأفضل .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي : “ذكرى أكتوبر في ظلال الحرب : بين الحنين والألم وفي صمت الحزن نحتفي : ذكرى أكتوبر في السودان المُمزق “قارئي الحصيف ، أقف أمامكم اليوم وأنا أحمل في قلبي مزيجًا من الحنين والألم ، من الفرح والحزن ، إنها ذكرى أكتوبر المجيدة ، ذكرى ثورة أضاءت سماء السودان بنور الأمل ، وألهبت قلوب الشباب بحب الوطن ، ولكننا نحتفل بها اليوم في ظروف استثنائية ، في وقتٍ يشهد فيه وطننا الحبيب حربًا طاحنة دمرت كل شيء جميل ، مرّ ستون عامًا على تلك الثورة المباركة ، التي كانت فجرًا جديدًا لسوداننا ، والتي أطاحت بنظام ديكتاتوري ، وفتحت آفاقًا جديدة للأمل والتغيير ، ولكن ، يا للأسف ، سرعان ما غُطيت تلك الأفاق بغيوم الظلم والاستبداد ، وتكررت المآسي ، وتجددت الجراح ، اليوم ، ونحن نحتفل بهذه الذكرى ، تشتعل النيران في كل أنحاء السودان ، الحرب الدائرة منذ أبريل الماضي لم تترك حجرًا على حجر ، وشردت الملايين من أهلنا ، ودمرت البنية التحتية ، وأزهقت أرواح الأبرياء ، أعلم أن الكثير منكم يشعرون باليأس والإحباط ، وأنهم فقدوا الأمل في مستقبل أفضل لسوداننا ، ولكنني أقول لكم : لا تيأسوا ، فالشعب السوداني شعب عظيم ، وصبره طويل، وعزيمته لا تلين ، قد لا نستطيع الاحتفال بهذه الذكرى كما يجب ، وقد لا نرفع أعلامنا عالياً في سماء الوطن ، ولكننا سنحتفل بها في قلوبنا وفي صلاتنا ، وسنذكر أجيالنا القادمة بما قدمه أبطال هذه الثورة من تضحيات ، وإذا كان الحزن قد سيطر على قلوبنا في الداخل ، فإن بعض الجاليات السودانية في الخارج قد احتفلت بهذه الذكرى ، معبرة عن حبها لوطنها ، وعن أملها في عودته قويًا متحدًا ، هذا الاحتفال هو بمثابة شمعة أمل في ظلمات هذه الحرب ، وهو دليل على أن روح السودان لا يمكن كسرها ، أدعو الله العظيم أن يرفع عنا هذا البلاء ، وأن يعجل بنصرنا على أعدائنا ، وأن يجمع شملنا في وطن واحد ، موحد ، قوي ، مزدهر ، ختامًا ، أقول لكم : كل عام وأنتم بخير ، وكل عام وسوداننا حراً عزيزًا ، لا تنسوا أن تشاركوني رأيكم وتعليقاتكم على هذه الكلمات..
Don’t forget to share your opinion and comments on these words
وعلى قول جدتي : “دقي يا مزيكا !!”.
خروج : “أطفال النيل بين مطرقة الحرب وسندان الإغلاق وفي مأزق التعليم : سودانيون في مصر بين الأمل واليأس” ففي خضمّ الحرب التي مزقت السودان وجد آلاف السودانيين أنفسهم لاجئين في دول الجوار ، بحثًا عن ملاذ آمن ، ومن بين هؤلاء ، كان هناك أطفال يحملون أحلاماً كبيرة ، وأملًا في استكمال تعليمهم ، إلا أن هذا الأمل سرعان ما تحول إلى كابوس ، عندما بدأت السلطات المصرية بإغلاق المدارس السودانية ، مُعلقةً بذلك مستقبل آلاف الطلاب السودانيين ، ففي مصر ، التي فتحت أبوابها لاستقبال اللاجئين السودانيين ، واجه هؤلاء الأطفال تحديات جديدة ، فبعد أن فروا من ويلات الحرب ، وجدوا أنفسهم أمام تحدٍ آخر ، وهو حرمانهم من حقهم في التعليم ، فقرار إغلاق المدارس السودانية ، وإن كان مبررًا من الناحية القانونية ، إلا أنه ألقى بظلاله الكئيبة على حياة هؤلاء الطلاب وأسرهم، نموذج : السيدة السودانية ، “أم خالد”، التي فقدت زوجها في الحرب ، وتعاني من مرض السرطان ، تجسد معاناة آلاف الأسر السودانية ، فبعد أن فقدت كل ما تملك ، وجدت نفسها أمام تحدٍ جديد ، وهو تأمين مستقبل أبنائها التعليمي ، فكيف لها أن تفعل ذلك وهي لا تعمل ، ولا تملك المال الكافي لتسجيل أبنائها في مدارس خاصة ؟ فما هي الأسباب :
١/ الحرب في السودان : أدت الحرب إلى نزوح أعداد كبيرة من السودانيين، مما زاد من الضغط على الموارد التعليمية في الدول المستضيفة.
٢/ الاشتراطات القانونية : فرضت السلطات المصرية شروطًا صارمة على المدارس السودانية ، مما صعب من عملية الحصول على التراخيص اللازمة.
٣/ عدم الاستقرار الإداري : أدى عدم الاستقرار الإداري في السودان إلى تأخر صدور القرارات الرسمية بشأن التقويم الدراسي للمدارس السودانية في الخارج ، وما هي الحلول :
أ/ تسهيل الإجراءات : على السلطات المصرية تسهيل الإجراءات اللازمة للحصول على التراخيص اللازمة لفتح المدارس السودانية ، مع مراعاة الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودانيون.
ب/ توفير الدعم المالي : يجب توفير الدعم المالي للمدارس السودانية ، لمساعدتها على تلبية الاشتراطات القانونية.
ج/ التعاون الإقليمي والدولي : يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تقديم الدعم اللازم للسودان ، لمساعدته على تجاوز هذه الأزمة ، وختاما : إن حرمان الأطفال من التعليم هو جريمة ضد الإنسانية ، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه هؤلاء الأطفال ، وأن يعمل على توفير فرص تعليمية لهم ، حتى يتمكنوا من بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولبلادهم..
#أوقفوا الحرب
ولن أزيد ،، والسلام ختام.
المصدر: صحيفة الراكوبة