أبطال المملكة في “تحدي القراءة العربي” يعرّفون بالثقافة المغربية في المشرق
جاء الوفد المغربي المشارك في نهائيات الدورة الثامنة من “تحدي القراءة العربي”، التي تتوج الفائزين خلال الحفل الختامي يوم الأربعاء المقبل، إلى دبي بالإمارات العربية المتحدة لتولي مهمة استئناف الحضور الوطني في هذه الفعالية التي يصفها المنظمون بأنها “التظاهرة القرائية الأكبر من نوعها باللغة العربية على مستوى العالم”. حضور يعول عليه لتكريس “مصداقية” ينوه بها المشارقة كثيراً، حسب معاينة هسبريس.
المغرب يمثله في التصفيات النهائية يوسف الزهري، بطل تحدي القراءة العربي في دورته الثامنة على المستوى الوطني، والطالبة كوثر القرشي، صاحبة المركز الأول في فئة “أصحاب الهمم”، من بين 800 ألف طالب وطالبة مثلوا 7165 مدرسة تحت إشراف 8500 مشرف ومشرفة. كما يمثل البلد في النهائيات ذاتها نجاة شربيكة بعد فوزها بلقب “المشرف المتميز”، ومدرسة “الإعدادية منزل سالم” الحائزة على لقب “المدرسة المتميزة” على المستوى الوطني.
العيوب على اللقب
يوسف الزهري (16 سنة)، بطل تحدي القراءة العربي في دورته الثامنة على مستوى المغرب، كشف أن الوصول إلى المرحلة الأخيرة عزز من ثقته، قائلاً: “أنا أكثر ثقة بنفسي الآن. أتمنى أن يكون اللقب هذه السنة مغربياً كي نعود إلى أهلنا في المغرب حاملين التتويج بين أذرعنا”، وزاد: “لا شيء مستحيل. وكما كنا نردد مرةً بكل الفخر الممكن، المستحيل ليس مغربياً. نريد أن يسمع صوتنا مجدداً في هذا المشروع المعرفي الأكبر من نوعه لغرس ثقافة القراءة”، وفق تعبيره.
الزهري أفاد هسبريس بأنه قرأ نحو 300 كتاب، ويطالع جميع أنواع المراجع، مع اهتمام أكبر بتلك التي لها علاقة بالمواضيع السياسية والاجتماعية، مضيفاً: “أنا مصطف في جزء كبير من أذواقي إلى الكتب الفكرية. تأثرت بالمفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد، كما تشكل وعيي السوسيولوجي مع الراحلة فاطمة المرنيسي، أحب أيضاً الروائي عبد الرحمن منيف، وعبد الرحيم الكواكبي، وغيرهم من الكتاب كثيرين لا يمكن ذكرهم جميعاً”.
ابن القنيطرة، القادم إلى دبي بحلم كبير، عد الحضور في الحفل الختامي بمثابة “تعريف متجدد بالثقافة المغربية، ولنكشف أننا شعب قارئ أيضاً ولدينا تقدير لا غبار عليه لما يوجد بين دفتي الكتب وما يوجد في رفوف المكتبات”، معتبراً أن “الجميع يشهد أن المشاركة المغربية دائماً ما تكون متميزة ولها طعم خاص. وقد رسمت لنا المغربية مريم أمجون، الفائزة بنسخة 2018، أفقاً لم يمحَ قط وظل دائماً تحفيزاً متواصلاً لتقديم عطاءات جديدة في القراءة”.
حلم وإشعاع
وئام العساوي (16 سنة) قالت لهسبريس: “القراءة نضال من أجل استعادة أنفسنا”، وأضافت: “تنمية أفكارنا ورصيدنا المعرفي كان بفضل المطالعة التي أدخلت شخصياتنا في عمليات تقوية صارمة؛ فضل الكتب علينا كبير. ودخول سباق التباري كان فرصةً للتعرف على أصدقاء جدد من قبيلة المولعين بالكتب، وأن نتقاسم كتباً وأفكاراً وتجربةً حملتنا إلى الإمارات العربية المتحدة لنقول كلمتنا كمغاربة لديهم حلمٌ لا يتوقف”.
العساوي أيدت الطرح الذي تقدم به زميلها الزهري، وهو أن “المشاركة في تحدي القراءة العربي لديها أيضاً جانب إشعاعي للثقافة المغربية. المشاركون يصيرون تلقائيا سفراء لبلدهم ولتقديم موروثهم العلمي وزادهم الثقافي أمام بقية البلدان العربية الحاضرة وأيضاً الأجنبية الموجودة تحت يافطة بطل الجاليات”، معولة على “الثقافة لتمنيع الإنسان المغربي والإفريقي والعربي، وكذا لمواجهة التحديات التي يمكن أن تعترض الكائن البشري”، بحسبها.
كما ذكرت ابنة تاوريرت، الحائزة على المركز السابع وطنياً، أن “القراءة فرصة للتغيير”، بما هي تقف حاجزاً أمام محاولات التدجين والتمييع، مشددةً على أن “المستقبل سيكون ممتلئاً بالتحديات. وحدها الطاقات والمواهب الموجودة في جوهر الإنسان، والمتشكلة من القراءة وأشياء أخرى، هي ما يمكن أن يضمن خلاصنا جميعاً”، وتمنت بدورها في النهاية أن “يكون بطل تحدي القراءة العربي هذه المرة مدثراً بالعلم المغربي”.
تحريرٌ… بأملٍ كبير
محمد رضى اوعبو (13 سنة)، من مدينة ابن أحمد، يرى أن “القراءة طقس”، وأيضاً هي “مفتاح العالم وسر فهم وجود الكون ودافع سعي الإنسان نحو الكمال”، معتبراً أنه “لا إنسان بدون قراءة، والعكس صحيح. وهذا الترابط والتشابك هو الذي يجعل الإنسان موجوداً وقادراً على اكتشاف ذاته”. وزاد: “لنقرأ، بما أنها عملية تحرير للعقول، وفرصة لتحدي الذات أولاً وتحدي ما يعطل حركية الإنسان الفكرية ثانيا”.
أوعبو أورد، وهو يتحدث لهسبريس في دبي، أن “مسابقة تحدي القراءة العربي كانت تجسيداً لهذا التحدي، وهو ما سمح لي بأن ألتقي بمجموعة من الزملاء الأفاضل الذين نافستهم بجدارة واستحقاق”، مبرزاً أن “مشاركة المغاربة في تحدي القراءة تعكس إصرارهم وتفوقهم الدائم والحاضر في كل وقت وحين، ونحن نتذكر إنجازاتهم الكروية في كأس العالم بقطر وفي محطات أخرى. هذا خير دليل على أننا كنا وما زلنا شعباً عظيماً قادراً على رفع السقف”.
صاحب المركز الثاني على مستوى المملكة المغربية وضح أن “جلب مثال الكرة إلى النقاش هو للإخبار بأن نجاحنا كمغاربة هم قطاعات كثيرة”، مشدداً على أن “الأمر نفسه ينطبق على الثقافة. يبدو أنها تحتاج إلى إمكانات أكبر”، بوصفها “تواجه تحديات مركبة”، ودعا إلى تقويتها بما يخدم فعل القراءة بكل صنوفها. وقال: “هكذا أنا، لست عدواً لأي كتاب، أستفيد من الكتب جميعها، في أي حقل تنتمي إليه، أمحصها وأدققها وأنقد ما يستوجب القيام بذلك فيها”.
أرقام قياسية
مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية”، الراعية والمنظمة لـ”تحدي القراءة العربي”، كشفت أن الدورة الثامنة شهدت أرقاماً قياسية؛ إذ “شارك في تصفياتها 28.2 مليون طالب وطالبة من 50 دولة يمثلون 229620 مدرسة، وبإشراف 154643 مشرفاً ومشرفة”، مبرزة أن “إجمالي جوائز المسابقة التكريمية والتشجيعية يصل إلى 11 مليون درهم، حيث سينال الطالب الفائز بلقب بطل التحدي جائزة مالية قيمتها 500 ألف درهم”.
بالنسبة للمركز الثاني، فسينال صاحبه 100 ألف درهم، والثالث 70 ألف درهم، في حين تحصل المدرسة الفائزة بلقب “المدرسة المتميزة” على مبلغ مليون درهم، وصاحبة المركز الثاني 500 ألف درهم، وصاحبة المركز الثالث 300 ألف درهم. كما يجني المشرف الفائز بلقب “المشرف المتميز” مبلغاً قدره 300 ألف درهم، وصاحب المركز الثاني 100 ألف درهم، وصاحب المركز الثالث 50 ألف درهم.
أما الفائز بلقب بطل تحدي القراءة العربي في فئة “أصحاب الهمم”، فسيحظى بجائزة قدرها 200 ألف درهم، والثاني 100 ألف درهم، والثالث 50 ألف درهم. في حين تبلغ مكافأة صاحب المركز الأول في فئة الجاليات 100 ألف درهم، والثاني 70 ألف درهم، والثالث 30 ألف درهم. ومع تكريم أبطال الدورة الثامنة، تكون قيمة الجوائز الموزعة خلال ثماني دورات قد وصلت إلى 88 مليون درهم.
المصدر: هسبريس