بحضور الحكومة.. مناقشة قانون الميزانية تفجر خلافا بلجنة المالية والمعارضة تهدد بالمقاطعة
هددت فرق ومجموعات المعارضة بمجلس النواب بمقاطعة مناقشة مشروع قانون المالية برسم 2025، الذي قدمته الحكومة اليوم السبت في جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان. يأتي ذلك في أعقاب إعلان رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، لحسن السعدي، عن شروع الغرفة الأولى للبرلمان في مناقشة المشروع ابتداءً من منتصف الأسبوع القادم، وفق ما تم الاتفاق عليه داخل مكتب اللجنة.
ورفض رؤساء فرق المعارضة النيابية، خلال اجتماع لجنة المالية مساء اليوم السبت، بحضور كل من وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، والناطق الرسمي باسم الحكومة والوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، قرار رئيس اللجنة القاضي بانطلاق مناقشة قانون المالية يوم الخميس المقبل. مؤكدين في مداخلات متفرقة خلال الاجتماع الذي خصص لتقديم مشروع قانون ميزانية السنة المقبلة، أن المدة الزمنية الفاصلة بين التقديم والمناقشة غير كافية، وأنهم في حاجة إلى وقت أطول لإعداد المناقشة، سيما أن هناك أجندة مكثفة تنتظر النواب بعد افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان.
عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أكد أنه وفقًا للدستور الذي يحدد مدة مناقشة قوانين المالية في 70 يومًا، حيث يُعرض المشروع في 20 أكتوبر ويُصادق عليه قبل 31 دجنبر. لكن في السنوات الأخيرة، وفي ظل الولاية الحكومية الحالية، تتم المصادقة على القانون في بداية دجنبر، مما يعني أن الوقت كله يُقضم من الغلاف الزمني الذي يجب أن يُخصص للمناقشة داخل البرلمان.
وأضاف بووانو في تصريح لجريدة “العمق”، على هامش تقديم مشروع قانون المالية برسم 2025 أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، أن الرئيس تشبث بأن المناقشة ستنطلق يوم الخميس القادم، وهي المدة التي اعتبرناها في المعارضة، إلى جانب الفريق الاستقلالي، غير كافية، خاصة أن هناك أجندة برلمانية وتشريعية مكثفة خلال هذه الفترة.
وأشار إلى أن المجلس سيشرع، في غضون الأسبوع المقبل، في مناقشة مشروع القانون التنظيمي للإضراب، فضلًا عن عقد جلسة الأسئلة الشفهية الأسبوعية واجتماع خاص بين رؤساء الفرق النيابية ورئيس مجلس النواب. ولذلك، طالبنا في المعارضة بمنح البرلمان وقتًا كافيًا لكي تعد الفرق النيابية للمناقشة بشكل جيد.
وتابع قائلاً: “للأسف، جميع فرق ومجموعات المعارضة، ومعها الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، طالبت بتأجيل مناقشة مشروع قانون المالية 2025، باستثناء فريق التجمع الوطني للأحرار ورئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية المنتمي لنفس الحزب، الذين رفضوا التأجيل، وتمسكوا بتطبيق القانون بشكل متعسف”.
واعتبر رئيس مجموعة البيجدي النيابية أن إصرار رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية على الشروع في المناقشة ابتداءً من الخميس المقبل، ضد إرادة مكونات المعارضة، “هو نوع من الدكتاتورية التشريعية ومحاولة فرض الهيمنة، وهو الأمر الذي لن نقبله وسنتصدى له بكل الآليات القانونية الممكنة”.
وأعلن بووانو أن فرق ومجموعات المعارضة البرلمانية قررت مراسلة رئيس مجلس النواب ورئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بشكل منفرد، من أجل إبلاغهما احتجاج المعارضة على هذا التجاوز، مع التمسك بالشروع في مناقشة مشروع قانون المالية برسم 2025 ابتداءً من مطلع الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر الجاري.
في المقابل، أكدت النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار، ياسمين لمغور، أن المادة 120 من النظام الداخلي لمجلس النواب تعطي لمكتب اللجنة الصلاحية الكاملة لبرمجة أشغال اللجان. حيث انعقد خلال هذا الأسبوع مكتب لجنة المالية بحضور ممثلي جميع الفرق، بما فيها مكونات المعارضة، وتم الاتفاق على بدء المناقشة يوم الخميس 23 أكتوبر الجاري. وهي البرمجة التي أعلن عنها رئيس اللجنة في مستهل الاجتماع الذي خصص مساء اليوم السبت لتقديم مشروع قانون المالية برسم 2025.
واعتبرت لمغور في تصريح مماثل أن مطالب قوى المعارضة بتغيير برمجة مشروع قانون المالية تتضمن خرقًا للاحترام الواجب للمؤسسات، بالنظر إلى أن قرار المناقشة كان محل اتفاق سابق لمكتب اللجنة الذي يملك صلاحية البرمجة. وأكدت أن رفض الشروع في المناقشة ابتداءً من الأسبوع المقبل هو عرقلة للزمن التشريعي، لأن كل فريق أو مجموعة برلمانية تتوفر على ممثل داخل مكتب لجنة المالية، مما يجعل طلب المعارضة اليوم للتأجيل غير ذي موضوع ويفتقد للانسجام والمصداقية المطلوبين.
وتابعت البرلمانية التجمعية قائلة: “هذه عرقلة واضحة لمشروع قانون المالية، الذي جاء بمكتسبات كبيرة لفائدة تحفيز الاستثمار وإنعاش التشغيل وتكريس الدولة الاجتماعية والرفع من القدرة الشرائية للمغاربة.” وسجلت أن هذه الخطوة “ليست بغريبة على المعارضة، لأنه كلما جاءت الحكومة بمشروع ذي أهمية، إلا وتعمد المعارضة إلى وضع العراقيل في طريق تمريره، في وقت كان من المفروض أن تحرص المعارضة على تقديم تعديلات بناءة بدل إعاقة سير النصوص التشريعية”.
وشددت لمغور على أن المشروع الذي يقترح حزمة من التدابير الرامية إلى حماية جيوب المغاربة يتطلب من نواب الأمة السهر على إخراجه بأقصى سرعة ممكنة لكي يدخل حيز التطبيق، مما يسمح باستفادة شرائح واسعة من برامج الدعم الكثيرة التي يتضمنها المشروع. واستدركت قائلة: “لكن نأتي اليوم ونطالب بالتأجيل بدعوى تنظيم أيام دراسية والاطلاع على مختلف التقارير المصاحبة لمشروع قانون المالية، ولا يمكن اعتباره إلا محاولة لتعطيل الزمن التشريعي لحسابات سياسية”.
المصدر: العمق المغربي