تقرير يكشف معاناة قرابة 50% من المقاولات المغربية في الحصول على التمويل
أوضح تقرير جديد أنه على الرغم من امتلاك المغرب لنظام مصرفي كبير، إلا أن الحصول على التمويل لا يزال يشكل عائقًا رئيسيًا، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة جدا والصغيرة التي تمثل الغالبية العظمى من النسيج الاقتصادي، حيث تشكل 88% من إجمالي الشركات المسجلة.
وكشفت أرقام التقرير الذي أصدرته مجموعة البنك الدولي بتعاون مع المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة أن القروض المقدمة للقطاع الخاص في المغرب تفوق نظيراتها في العديد من الدول، إلا أن 47% من الشركات المغربية تشعر بصعوبة في الحصول على التمويل، وفقًا لاستطلاع البنك الدولي، كما أن 28% من هذه الشركات ترى في نقص مصادر التمويل الخارجية عائقًا رئيسيًا أمام نموها.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الدراسات تؤكد أن غالبية القروض المصرفية تتركز في عدد محدود من الشركات الكبيرة، مما يحرم الشركات الصغيرة والمتوسطة من التمويل اللازم لنموها، على الرغم من أنها تشكل النسبة الأكبر من الشركات المسجلة.
وأكدت بيانات المرصد المغربي على أن سياسة الإقراض المصرفي في المغرب تركز بشكل أساسي على الشركات الكبرى، مما يحد من فرص الشركات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل.
وأشارت الوثيقة ذاتها إلى وجود فجوة كبيرة في الحصول على التمويل بين الشركات الصغيرة والكبيرة، فبين عامي 2016 و 2019، لم تتجاوز نسبة الشركات التي تضم أقل من 10 موظفين والتي لديها عقود ائتمان نشطة 33% (16% للشركات التي تضم أقل من 4 موظفين و50% للشركات التي تضم بين 4 و10 موظفين)، في حين وصلت هذه النسبة إلى 70% للشركات التي تضم 50 موظفًا فأكثر.
وأضاف أن حجم الشركة يؤثر بشكل كبير على قدرتها على الوصول إلى التمويل المصرفي، فالشركات الصغيرة التي تضم حتى 10 موظفين تعتمد بشكل أقل على القروض المصرفية، حيث لا تتجاوز نسبة القروض المصرفية من إجمالي ديونها 8.3% في المتوسط، مقارنة بنسبة 20.6% للشركات الكبيرة التي تضم أكثر من 500 موظف.
وشدد الوثيقة على وجوب إعادة النظر في المعايير المتبعة في منح القروض المصرفية، بحيث يتم التركيز بشكل أكبر على العوامل التي تدل على قدرة الشركة على السداد، وليس فقط على مستوى إنتاجيتها.
وكشف التقرير أن الاقتصاد المغربي واجه صعوبات في خلق وظائف جديدة وزيادة مستويات الدخل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى النمو المتواضع في الإنتاجية، الذي بلغ 2.2% بين عامي 2016 و2019، وهو أقل بكثير من متوسط نمو الإنتاجية في باقي قطاعات الاقتصاد المغربي، التي شهدت زيادة بنسبة 5% خلال نفس الفترة.
وأظهرت أبحاث المرصد المغربي للمؤسسات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة (OMTPME) أن سوء تخصيص العوامل الإنتاجية في القطاع الخاص الرسمي بالمغرب يؤثر سلبًا على كفاءة الاقتصاد، كما أن عدم الاستخدام الأمثل للموارد يعيق تحقيق معدلات نمو مرتفعة ويزيد من التكاليف.
وأوردت التحليلات إلى وجود تناقض في أداء الإنتاجية خلال الفترة الممتدة بين عامي 2016 و2019، فبينما سجلت المؤسسات تحسناً في كفاءتها الداخلية، إلا أن ضعف كفاءة نقل الموارد بين الشركات أدى إلى تراجع النمو الإجمالي للإنتاجية، مما يعكس وجود خلل في تخصيص العوامل الإنتاجية.
وخلصت النتائج إلى وجود تناقض مثير للاهتمام، حيث تبين أن الشركات الأكثر إنتاجية غالبًا ما تكون أصغر حجمًا، في حين أن عامل العمر لا يبدو مرتبطًا بشكل مباشر بمستوى الإنتاجية، وهو ما يطرح تساؤلات حول العوامل التي تساهم في تحقيق الإنتاجية العالية.
هذا؛ وقد شهد المغرب خلال العقدين الماضيين توسعًا اقتصاديًا ملحوظًا، حيث ارتفعت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي من متوسط 3.6% بين عامي 1980 و1999 إلى 4.8% خلال الفترة بين 2000 و2009، ورغم هذه الزيادة، إلا أن النمو الاقتصادي شهد تباطؤًا ملحوظًا منذ عام 2010، نتيجة عدة عوامل خارجية، مثل الأزمة المالية العالمية، وأزمة ديون منطقة اليورو، وجائحة كوفيد19، بالإضافة إلى سلسلة إلى الجفاف.
وللإشارة فإن الناتج المحلي الإجمالي للفرد من حيث تعادل القوة الشرائية حقق زيادة تجاوزت 70% بين عامي 2000 و2019، إلا أنه لا يزال أقل بنسبة 22% من الحد الأدنى للاقتصادات ذات الدخل المتوسط في الشريحة العليا.
المصدر: العمق المغربي