مقترح دي ميستورا تخلى عنه مجلس الأمن منذ سنوات لأنه غير عادل وغير واقعي
قال عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إبراهيم بلالي اسويح، إن ماتقدم به الوسيط الأممي دي ميستورا أمام أعضاء مجلس الأمن في إحاطته حول جهوده في إيجاد تسوية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية بشأن إحيائه لفكرة التقسيم التي وسبق أن كانت من مخرجات خطة التسوية البائدة تخلى عنها مجلس الأمن منذ 2003 عقب رفض المغرب القاطع لقرار مجلس الأمن 1495 في فترة الوسيط جيمس بيكر آنذاك وبعدها تقرير كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي أقر بأن الحلول السابقة المقترحة لايمكن تطبيقها وبالتالي المفروض البحث عن حل سياسي.
وفي إحاطة لمجلس الأمن خلف الأبواب المغلقة اول أمس الأربعاء، قال دي ميستورا، إن التقسيم “يمكن أن يسمح بإنشاء دولة مستقلة في الجزء الجنوبي من الإقليم، ومن جهة أخرى دمج بقية الإقليم كجزء من المغرب، مع الاعتراف بسيادته عليه دولياً”.
و بحسب ما أفاد به دي ميستورا خلال الإحاطة لم يقبل أي من المغرب أو جبهة البوليساريو هذا الاقتراح، وأوضح أنه على الأمين العام للأمم المتحدة إعادة النظر في جدوى دور مبعوثه إذا لم يتم إحراز تقدم في غضون ستة أشهر.
وقال المحلل السياسي ابراهيم اسويح في تصريح لجريدة “العمق” إن ما سبق دفع الوسيط الأممي بيتر فان والسوم سنة 2006 إلى الإعلان عن استحالة تطبيق الاستفتاء في هذا النزاع، ليتبع ذلك تقديم المغرب لمبادرة الحكم الذاتي سنة 2007 والتي لاتزال تحظى بالدعم العالمي الواسع.
وأضاف المتخصص في الشان الصحراوي إن اقتراح تقسيم الصحراء غير عادل وغير واقعي بالنظر للعديد من الاعتبارات لكونه أولا يتناقض مع دور الوساطة نفسها التي تلتزم الحياد وهو أمر لم يتحقق حيث إن هذا المقترح يخدم الطرف الجزائري الذي يسعى إلى قطع الطريق على المغرب في الامتداد في عمقه الأفريقي كما أن هذه الوساطة التي يقودها دي ميستورا كانت مؤطرة بقرارات مجلس الأمن منذ تعيينه ثلاثة سنوات حيث دعت إلى الدفع بالحل السياسي بل وحددت خصوصياته في الواقعية والبرغماتية وهو مايتنافي مع اقتراح دي ميستورا.
وتابع اسويح قائلا: “كما أن دعوة مجلس الأمن إلى استئناف المفاوضات مرهون بنهج سابقه كولر الذي استقال بعد جولتي المفاوضات في جنيف منذ 2019 والتي كانت على شكل المائدة المستديرة التي يدعو مجلس الأمن منذ 2018 إلى انخراط كافة الأطراف خصوصاً الجزائر الطرف الرئيسي في هذا الخلاف الإقليمي”.
ومن حيث الجوهر، يضيف المتحدث، يعتبر ماورد في الإحاطة إيذانا بفشل دي ميستورا في مهمته خصوصا وأن المقاربة التي اعتمدها لحد الساعة لم تثمر نتائج عملية بالدفع بمسلسل التسوية السياسية الذي لازال يراود مكانه خصوصاً وأن لقاءاته المتتالية مع الأطراف تظهر إخفاقه في إقناع الجزائر وجبهة البوليساريو للجلوس على طاولة المفاوضات التي يعتبرها مجلس الأمن الآلية الوحيدة للتوصل إلى اتفاق نهائي.
كما أن هذه الإحاطة تتناقض في مضمونها مع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الأخير s/2024 /707 والذي حدد القواعد لانخراط المملكة في احترام وقف إطلاق النار من خلال أربعة فقرات ثم استعدادها للتفاوض والتوافق حول المبادرة المغربية للحكم الذاتي الذي ذكر التقرير بمواصلة المغرب للمسار التنموي لهذه الأقاليم من المبادرة الملكية الأطلسية في الفقرة الخامسة من التقرير وكذلك مواصلة تشييد البنى التحتية في المادة الحادية عشرة، بالمقابل كان لافتاً أن الإدانة الضمنية للذين يخرقون وقف إطلاق سواء من حيث الهجمات الصاروخية التي طالت حتى المدنيين كما هو الحال في الحادثين الإرهابيين على مدينة السمارة في الفقرة الرابعة عشرة والسادسة عشرة ثم موقع في اوسرد لسقوط سبعة صواريخ في الفقرة الثامنة عشرة أو رفض التنسيق في باقي الفقرات، وفق تعبير المصدر.
وقال إبراهيم بلالي اسويح إن اختيار دي ميستورا لبعض المحاورين الإقليميين كما جاء في التقرير لم يكن بريئا كما هو الحال بالنسبة لجنوب أفريقيا شهر أبريل الماضي وهو مانبه المغرب إليه آنذاك حيث يتعارض مع الجغرافيا وحتى الموقف السياسي العدائي جهارا نهاراً لهذا البلد للوحدة الترابية للمملكة.
وأشار إلى أن أي نص لقرار مجلس الأمن لا يكرس المكتسبات السياسية للمملكة ولا يؤكد إطار العملية السياسية والجهات الفاعلة فيها وكذا أهدافها يعتبر انحرافا غير مرحب به وأن المغرب يربط بين التمديد لولاية المينورسو وبين إعطاء الأولوية والسمو لمقترح الحكم الذاتي لأنه ببساطة من حيث من حيث الجوهر فإن تمديد مهام المينورسو ضمن المعايير الجديدة التي ستحكم جهودها في خلق بيئة مناسبة لاستمرار العملية السياسية (يعد في حد ذاته موقفا يدين اللذين عملوا ويعملون على عرقلة مهامها).
وخلص المحلل السياسي ذاته إلى أن إحاطة دي ميستورا تؤشر عن انسداد الأفق الشخصي في الاستمرار في مهامه وخارج حسابات السياقين الدولي المنشغل بما يجري في الشرق الأوسط والإقليمي المتسم باستمرار التوتر المتزايد في العلاقات بين المغرب والجزائر ومواصلة البوليساريو انتهاكها لوقف إطلاق النار وهو مايرجح أن القرار الجديد المقبل سيمدد بموجبه ولاية بعثة المينورسو مع إدخال بعض التعديلات الطفيفة على النصوص السابقة لحث الأطراف على الانخراط في العملية السياسية دون الإخلال بلغة الدبلوماسية التي يسعى من خلالها المجلس إلى الحفاظ على الحد الأدنى من الوساطة تجنباً لأي قطيعة محتملة خصوصاً وأن الجزائر عضو في مجلس الأمن وتعلم على أن المزاج الدولي يبارك الحل السياسي المتمثل في المبادرة المغربية لمنح هذه الأقاليم حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية.
المصدر: العمق المغربي