التغييرات الأمنية في دول الجوار خطوة نحو إعادة ترتيب المشهد الإقليمي وتأثيرها على صراع السودان
زهير عثمان حمد
التحليل الأمني لوضع المنطقة المحيطة بالسودان ، خاصة في ظل التغييرات الأخيرة في أجهزة الاستخبارات والأمن في جنوب السودان ، تشاد ، ومصر ، يعكس ديناميات معقدة لها تأثير مباشر على المشهد الأمني السوداني والإقليمي. هذه التغييرات تتزامن مع توترات وصراعات متعددة الأبعاد في الإقليم ، مما يبرز الحاجة إلى فحص العلاقات المتبادلة بين هذه الدول ودورها في الحرب الدائرة في السودان.
خلفية التغييرات الأمنية
جنوب السودان : إقالة مدير الاستخبارات أكول كور ، الذي شغل منصبه منذ استقلال جنوب السودان في 2011، يعكس حاجة الرئيس سلفا كير لإعادة ضبط الملف الأمني في ظل النزاع المستمر مع رياك مشار ، والانقسامات الداخلية التي تهدد استقرار الدولة الوليدة. هذه التغييرات قد تكون إشارة إلى رغبة القيادة في تجنب انهيار أمني داخلي أو محاولات للتكيف مع التدخلات الإقليمية.
تشاد إقالة محمد شرف الدين مرقي ، مدير الأمن العام ، والقرارات التي اتخذها الرئيس محمد إدريس ديبي
بإزاحة مقربين من السلطة تشير إلى تصاعد الصراعات القبلية داخل تشاد. قبيلة الزغاوة التي ترتبط بدارفور تلعب دورًا رئيسيًا في التأثير على السياسة التشادية ، لا سيما في ما يتعلق بالتوترات بين تشاد والسودان حول دورها في المنطقة.
مصر إقالة عباس كامل ، الذي كان يعد واحدًا من أقوى الشخصيات الأمنية في مصر منذ 2018م ، يثير تساؤلات حول الاستراتيجية المصرية في التعامل مع الملف السوداني. اتهامات قوات الدعم السريع لمصر بالتدخل لصالح الجيش السوداني تضيف بعدًا جديدًا للعلاقات الثنائية التي تتأرجح بين التعاون والمنافسة في مجال الأمن الإقليمي.
التحليل الأمني للوضع الإقليمي
تشير هذه التغييرات إلى احتمال وجود ترتيبات أمنية جديدة في المنطقة. ومن المرجح أن تكون هذه التغييرات ذات صلة مباشرة بالصراعات في السودان ودولة جنوب السودان، بالإضافة إلى التوترات بين تشاد وقبائلها القوية. إقالة شخصيات بارزة في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية قد تكون محاولة لتجنب تفاقم الأزمات الداخلية والخارجية عبر إعادة هيكلة هذه الأجهزة وتبني استراتيجيات جديدة.
التوقعات الأمنية استنادًا إلى دراسات المراكز الأمنية المتخصصة
التنسيق الإقليمي المشترك و تشير بعض الدراسات إلى أن هناك احتمالًا لزيادة التنسيق الأمني بين هذه الدول الثلاث لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة. هذا التنسيق قد يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن تحركات الميليشيات المسلحة ، بالإضافة إلى الجهود المشتركة لضمان استقرار الحدود ومنع تصدير الصراع من السودان إلى دول الجوار.
تأثير دول الخليج واللاعبين الدوليين و يُظهر دور الإمارات في الصراعات الإقليمية جانبًا من التدخلات الخارجية في الأزمات السودانية. تسعى بعض دول الخليج، ومن بينها الإمارات ، إلى توسيع نفوذها الإقليمي عبر دعم أطراف متعددة في الصراعات المحلية. هذا الدور يثير مخاوف من احتمالية استمرار الصراع في السودان. علاوة على ذلك ، الولايات المتحدة ، من خلال مشاركتها في محاولة تهدئة الصراع الإسرائيليالفلسطيني ، قد تسعى للتأثير على النزاعات الأخرى في المنطقة عبر الضغط على اللاعبين الدوليين لوقف دعم الأطراف المسلحة.
تغييرات استراتيجية في إدارة الملف الأمني أن تغيير القادة الأمنيين في جنوب السودان وتشاد ومصر قد يكون إشارة إلى محاولات جادة لإعادة النظر في استراتيجيات الأمن القومي لهذه الدول. في السودان ، من المتوقع أن
تلعب هذه التغييرات دورًا في الضغط على الأطراف المتحاربة لإنهاء الصراع المستمر. المراكز البحثية تشير إلى أن الفشل في احتواء الحرب في السودان قد يؤدي إلى تفاقم الصراع الإقليمي ، خاصة في ظل تشابك المصالح الأمنية مع القبائل العابرة للحدود بين دارفور وتشاد.
السيناريوهات المستقبلية
تعزيز الاستقرار الإقليمي إذا تمكنت هذه الدول من التنسيق بفعالية في التعامل مع تهديدات الميليشيات والتدخلات الخارجية ، قد نشهد تحسنًا تدريجيًا في الاستقرار الإقليمي. مصر ، تشاد ، وجنوب السودان يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في دعم أي مبادرة إقليمية أو دولية تهدف إلى إنهاء الصراع في السودان.
استمرار عدم الاستقرار إذا استمرت التدخلات الخارجية وتزايد التوترات الداخلية في هذه الدول فمن المحتمل أن يتفاقم الصراع في السودان مما سيؤدي إلى عدم استقرار إقليمي أكبر. الصراع القبلي داخل تشاد قد يمتد إلى دارفور ، مما يزيد من تعقيد الوضع.
دور جديد للولايات المتحدة في المنطقة ومع قرب الانتخابات الأمريكية ، يمكن أن نرى تحولًا في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة. سواء استمر الديمقراطيون في الحكم أو عاد الجمهوريون ، من المتوقع أن تُركز الإدارة الأمريكية القادمة على احتواء الصراعات الإقليمية لمنع نشوب حروب أكبر في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي.
من الواضح أن التغييرات في أجهزة الأمن والاستخبارات في جنوب السودان ، تشاد ، ومصر تأتي في إطار جهود لإعادة تشكيل المشهد الأمني الإقليمي. هذه التحولات قد تمهد الطريق أمام سياسات جديدة تهدف إلى احتواء الصراعات في السودان ، لكن النجاح في ذلك يعتمد على قدرة هذه الدول على التنسيق والعمل معًا ، بالإضافة إلى تقليل التدخلات الخارجية التي تعيق جهود الاستقرار.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة