مصدر من معهد الثقافة الأمازيغية يوضح بشأن منح جائزة لزوجة العميد بوكوس
دافع أطر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عن منح الجائزة التقديرية لفاطمة أكناو، زوجة العميد أحمد بوكوس، برسم 2023، تقديرا لجهودها في النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين بالمغرب، مشددين على أن المتوجة، التي تعد من رواد إرساء تدريس اللغة الأمازيغية بالمغرب، لديها “مسيرة شافية” تتحدث عنها حتى قبل أن تكون زوجة العميد وحتى قبل إحداث “إركام” بظهير ملكي سنة 2001.
من الجهة الأخرى، اعتبرت فعاليات أمازيغية أن “العميد بوكوس استغل منصبه ليمنح الجائزة التقديرية لزوجته”، وقيمتها 100 ألف درهم، وهو ما أشعل نوعا من “الغضب” على مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يرفض فيه أطر “إركام” ما اعتبروه “اتهامات بلا أدلة”، متمسكين بمبدأ “الاستحقاق”، الذي “لا يبت فيه العميد، بل لجان يحضر فيها متخصصون من خارج المؤسسة”.
“المعايير واضحة”
مصدر رفيع داخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية اعتبر أن “من تحدث عن التنافي بكون الحائزة على الجائزة التقديرية هي زوجة عميد المعهد، لم يطلع على القوانين التي تؤطر عملية منح الجائزة”، مضيفا أن “الأمر يتعلق بالمال العام، والقوانين واضحة، والتتويج تتكفل به لجنة مستقلة تراعي المعايير والقوانين المعمول بها، منها عطاء الشخص وسيرته الذاتية، فهل هناك من يستطيع أن ينفي ما قدمته فاطمة أكناو للثقافة الأمازيغية؟”.
المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، بالنظر إلى ضرورة التصريح للصحافة “وفق مساطر كتابية”، قال إن “العميد ليس هو من يمنح الجائزة، واللجنة قبل أن تختار تطلع على القوانين لتعرف إن كانت القرابة تقف حاجزا أمام اختيار شخص يتوفر على كافة المعايير التي توفرت في الذين منحت لهم الجائزة طيلة سنوات فائتة”، مضيفا أن “هناك محضرا تصوغه اللجنة التي تختار شخصية ما للتتويج، وهو متوفر للإعلام إذا طلبه”.
مصدر هسبريس دعا جميع الصحافيين المغاربة والمهتمين بالجائزة وبشروط منحها إلى الاطلاع على النظام الخاص بالجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية، مؤكدا أن “إدارة المعهد لا تتدخل في الجائزة مباشرة، ومنذ نحو 20 عاما، ونحن نشتغل بالمنطق نفسه ونتوفر على محاضر كل الجوائز التي منحت طيلة السنوات الماضية في أرشيف المؤسسة”، موردا أن “العمل مؤسساتي ويحترم القانون، وسيبقى كذلك”.
هسبريس عادت إلى النظام الذي أشار إليه المصدر، فوجدت أن المادة الأولى تنص على أن الجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية، التي يمنحها المعهد سنويا، والمحدثة بمقتضى قرار عمادي على وجه التقدير والتكريم والاعتراف بأهمية الأعمال والإبداعات والمنجزات ذات الإسهام المتميز في مجال النهوض بالأمازيغية، تمنح للأشخاص غير المنتمين للمعهد، كما أنها لا تمنح للشخص نفسه إلا مرة واحدة.
وجاء في المادة ذاتها أيضا: “يصدر العميد مقررا بتعيين لجنة الجائزة التقديرية. وتتكون اللجنة من العميد، رئيسا، والأمين العام، مقررا، ومن رئيس الدورة، ومن ثلاثة أعضاء من خارج المؤسسة، من ذوي الخبرة في مجال الثقافة الأمازيغية”. كما تضيف: “يتولى العميد وضع لائحة بالمرشحين لنيل الجائزة المذكورة، وتقوم اللجنة بدراسة ملفات الترشيح المعروضة عليها والتداول والبت فيها. ويحرر المقرر محضرا بأشغال اللجنة ونتائجها، يوقعه الرئيس وأعضاء اللجنة. وتمنح الجائزة التقديرية مرة واحدة ولمرشح واحد”.
وهو ما طرحته هسبريس مع المصدر، ملتمسة التوضيح بخصوص وجود العميد رئيسا وأنه يقترح المرشحين وضمنهم حرمه، فرد بأنه “رغم وجوده ضمن تشكيلة اللجنة، فهو لا يتخذ القرار، ولا يشارك في نقاش منح الجائزة”، مشيرا إلى أن “عبد المالك الحمزاوي، الذي هو رئيس الدورة، كان حريصا على مصداقية منح جميع الجوائز”، وزاد: “إن العميد يقدم جميع الملفات المرشحة والقرار يبقى للجنة”.
“دفاعا عن مسار”
أحمد عصيد، باحث بارز في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، قال من جهته إن “فاطمة أكناو قدمت للأمازيغية في لحظات حاسمة من تاريخها أعمالا جليلة تستحق عليها أكثر من جائزة وأكثر من تكريم، فقد عملت في أكبر ورش للنهوض بالأمازيغية، وهو ورش التعليم”، مسجلا أنها “كانت ضمن فريق التأليف المدرسي الذي بذل تضحيات جسيمة لتحقيق إنجاز غير مسبوق في تاريخ المغرب كله”.
عصيد أورد ضمن إفادات لهسبريس تفاعلا مع الجدل الذي أثاره إعلان أكناو متوجة بهذه الجائزة، أن “سلسلة الكتب المدرسية الأمازيغية التي سيتم بها، لأول مرة، تدريس اللغة الأمازيغية في المدرسة الوطنية، كانت مساهمة أكناو فيها واضحة”، مضيفا أن المتوجة “عملت أيضا بتفانٍ كبير على إصدار الحوامل البيداغوجية المساعدة، والكتب التوجيهية للأستاذ، وساهمت في مختلف مناطق المغرب في تكوين أساتذة اللغة الأمازيغية وإعدادهم لأداء مهمتهم”.
الناشط الأمازيغي كشف أيضا أن فاطمة أكناو “ساهمت بنصيب وافر في تدقيق معجم اللغة الأمازيغية الخاص بالتعليم، وهذه كلها خدمات وإنجازات جوهرية، دون أن ننسى عمل هذه السيدة في المجال الجمعوي النضالي، حيث كانت ضمن الجيل الأول للنساء المناضلات في الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي”، وزاد: “هذا من حيث كفاءة الشخصية وإنجازاتها الكبيرة”.
أما من حيث “حالة التنافي”، فقد شدد المتحدث على أن زوجة العميد “لم تعد عاملة بالمعهد لأنها في وضعية تقاعد، كما أنها لا تنتمي إلى أي من اللجان التي تقرر في موضوع الجائزة، وربطها بزوجها فيه حيف كبير، لأن الجائزة التقديرية لا تعطى بدون استحقاق، ولا تمنح باعتبار الروابط العائلية، ولهذا في اعتقادي من يتحدث عن أن عميد المعهد منح زوجته الجائزة التقديرية يقوم بتبخيس شخصية المرأة وبتجاهل عملها الجبار ومسارها الغني بالعطاء”.
المصدر: هسبريس