سرقة الأرواح ..!!؟؟
في خضم الصراعات الدامية التي تشهدها ساحة المعركة السودانية ، حيث تتطاير الرصاصات وتتدفق الدماء، تبرز مأساة إنسانية أخرى لا تقل قسوة ووحشية ، مأساة تتجسد في سرقة أرواح الأبرياء الذين يئنون تحت وطأة الجوع والمرض ، وذلك ببيع المساعدات الإنسانية المخصصة لهم في أسواق سوداء ، وتحويلها من أداة إنقاذ إلى سلاح في حرب لا رحمة فيها ، ففي أعماق الصحراء السودانية ، حيث تتناثر جثث الأبرياء ، وحيث تغطي سحب الدخان الأسود سماء المدن ، يقف أطفال نحيلون وجوههم شاحبة ، أعينهم تترقب قطعة خبز ، وشفاههم متشققة من العطش ، هؤلاء الأطفال هم الضحايا الحقيقيون لحرب لا يشاركون فيها ، حرب تسرق منهم طفولتهم ، ومستقبلهم ، وحتى حقهم في الحياة ، في هذه الأثناء ، وفي العاصمة المؤقتة بورتسودان ، يتاجر المسؤولون الحكوميون بالمساعدات الإنسانية وكأنها سلعة تباع وتشترى ، حاويات من الأدوية والمحاليل الوريدية ، ومواد الإغاثة الطبية ، كلها تتحول إلى عملة صعبة في جيوب التجار وسماسرة الحرب ، لا يهمهم أن هذه المواد ستنقذ أرواح الآلاف ، ولا يهمهم أن هناك أطفالاً يموتون من الجوع والعطش في مكان ما ، كل ما يهمهم هو الربح السريع والثراء السهل ، حاكم إقليم دارفور ، مني أركو مناوي ، يقف في قلب هذه الجريمة البشعة ، فهو لا يكتفي بعرقلة وصول المساعدات إلى المتضررين ، بل يقوم بسرقتها وبيعها في الأسواق السوداء ، لا يهمه أن هذه المساعدات هي أمل ملايين النازحين ، ولا يهمه أن دماء الأبرياء ستلطخ يديه ، مليشيا الدعم السريع المتمردة ، بدورها ، تتهم الجيش السوداني بارتكاب هذه الجريمة الشنعاء ، وتقدم أدلة دامغة على تورط الجيش في سرقة المساعدات وتحويلها إلى أهداف عسكرية ، وتؤكد أن الجيش هو من يحرم المدنيين من المساعدات ، ويتركهم يواجهون مصيرهم المحتوم ، في هذه الحرب المأساوية ، لا يوجد منتصرون ولا مهزومون ، الجميع خاسرون ، والشعب السوداني هو أكبر الخاسرين ، فبينما يتقاتل القادة على السلطة والثروة ، يدفع المدنيون الأبرياء الثمن غالياً ، إن سرقة المساعدات الإنسانية هي جريمة ضد الإنسانية ، وجريمة حرب تستحق العقاب ، يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لوقف هذه الممارسات الإجرامية ، وأن يضغط على الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار ، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين ، إننا ندعو جميع أحرار العالم إلى الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ، وتقديم الدعم والمساعدات اللازمة له في هذه الظروف الصعبة ، فالشعب السوداني يستحق حياة كريمة ، وحقوقه الإنسانية كاملة غير منقوصة ، وهذه رسالة إلى القادة في الجيش السوداني: أيها القادة ، إن الدم السوداني أغلى من أن يسفك ، والأرواح السودانية أقدس من أن تزهق ، توقفوا عن الحرب ، واحترموا حقوق الإنسان ، واسمحوا للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى جميع المحتاجين ، إن التاريخ لن يغفر لكم ما ترتكبونه من جرائم بحق شعبكم وهذه رسالة إلى المجتمع الدولي : أيها المجتمع الدولي ، إن العالم يشهد مأساة إنسانية كبرى في السودان ، لا يمكن أن نبقى صامتين أمام هذه الجرائم البشعة ، يجب علينا التحرك فوراً لإنقاذ الشعب السوداني من هذه الكارثة ، وإننا نؤمن بأن الخير سينتصر على الشر ، وأن السلام سيعم السودان، ولكن هذا لن يحدث إلا إذا تكاتفنا جميعاً ، وعملنا سوياً من أجل مستقبل أفضل للشعب السوداني .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي : في خضمّ فوضى الحرب التي اجتاحت السودان ، وباتت فيها الدماء سائلاً لا يتوقف ، وقفت جزيرة توتي شامخةً في وسط نهر النيل الأزرق ، شاهدةً على مآسٍ لا تُحصى ، تلك الجزيرة التي كانت يوماً ما ملاذاً آمناً ، تحولت إلى سجن كبير ، يحاصر أهله من كل جانب ، كان أهل توتي ، بتقواهم وحسن خلقهم ، مثالاً للأصالة والعطاء ، لكن القدر شاء أن تكون جزيرتهم ساحة للحرب ، وأن يتحول جسرها الوحيد إلى حاجز منيع يمنعهم من الخروج ، فباتوا عالقين بين نار الحرب وماء النيل ، يعانون الأمرّين، وتحت وطأة الحصار ، ازدادت معاناة الأهالي يوماً بعد يوم ، فمليشيا الدعم السريع ، تلك الجماعة المتمردة ، لم تكتفِ بحصارهم ، بل مارست بحقهم أبشع أنواع الانتهاكات ، فحاصرتهم في منازلهم ، وحرمتهم من أبسط مقومات الحياة ، وفرضت عليهم أتاوات باهظة مقابل السماح لهم بالخروج ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل زادت المليشيا من وحشيتها ، فاستخدمت الأهالي كدروع بشرية ، وحولتهم إلى عبيد يعملون في أعمال شاقة ، وباتت أصوات النساء والأطفال تتعالى في الليل والنهار ، وهم يشتكون من الجوع والعطش والظلم ، وفي ظل هذه الظروف القاسية ، ناشدت تنسيقيات لجان المقاومة في الخرطوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر للتدخل العاجل وإنقاذ أهالي توتي من هذا المأزق ، فالأهالي لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في جزيرة وسط مدينة محتلة ، وتساءل كل من سمع قصة توتي : إلى متى سيستمر هذا الحصار؟ وإلى متى سيظل الأبرياء يعانون؟ وهل سيتذكر العالم معاناة أهل هذه الجزيرة؟ إن قصة توتي هي قصة كل من يعاني من ويلات الحروب ، وهي قصة تدعونا جميعاً إلى التضامن مع المظلومين ، والعمل على إنهاء الصراعات ، وإحلال السلام العادل والدائم ، إن هذه القصة ليست مجرد رواية ، بل هي واقع يعيشه الكثيرون في عالمنا اليوم ، وهي تذكير لنا بأن الإنسانية تجمعنا جميعاً ، وأن علينا أن نمد يد العون لمن هم في أمس الحاجة إليه ، دعواتنا إلى الله أن يفرج كرب أهل توتي ، وأن يرفع الظلم عنهم ، وأن يحفظ السودان وشعبه من كل سوء Our prayers to God to relieve the distress of the people of Tuti, to lift the injustice from them, and to protect Sudan and its people from all harm وعلى قول جدتي : “دقي يا مزيكا !!”.
خروج: “صقور الجديان .. تحدّوا الحرب وصنعوا التاريخ” نحن أبناء السودان ، أبناء النيل العظيم ، أبناء الصمود الأسطوري ، اليوم ، نرفع رؤوسنا عاليًا فخرًا واعتزازًا ، إذ حقق منتخبنا الوطني لكرة القدم إنجازًا تاريخيًا ، يتجاوز حدود المستطيل الأخضر ، ليصبح رمزًا للأمل والتحدي في وجه الظروف القاسية التي تمر بها بلادنا ، من قلب الحرب والدمار ، ومن بين أنقاض أحلامنا المتناثرة ، ارتفعت صرخة شبابنا ، لتؤكد للعالم أجمع أننا شعب لا ينكسر ، وأن روحنا القتالية لا تُقهر ، ففي الوقت الذي كانت فيه دماء الأبرياء تسيل ، وفي الوقت الذي كانت فيه آمالنا تتلاشى ، كان منتخبنا يقاتل بكل قوة وإصرار ، ليصل بنا إلى بر الأمان ، لقد واجه “صقور الجديان” تحديات جسامًا ، بدءًا من توقف الدوري المحلي ، مرورا بتشتت اللاعبين ، وانتهاءً بخوض المباريات خارج الديار. ولكنهم ، وبفضل إصرارهم وعزيمتهم ، تمكنوا من تخطي كل هذه الصعاب ، وتحقيق نتائج مبهرة أسعدت الملايين ، أذكر جيدًا تلك اللحظات التي عشناها معًا ، تلك اللحظات التي توقف فيها الزمن ، وتوحدت قلوبنا على هدف واحد ، وهو تأهل منتخبنا إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية ، لقد كانت تلك المباريات بمثابة معركة حقيقية ، كنا نخوضها بكل ما أوتينا من قوة ، وكأننا ندافع عن كرامة وطننا ، اليوم ، ونحن نحتفل بهذا الإنجاز التاريخي ، نشعر بالفخر والاعتزاز بما حققناه ، لقد أثبتنا للعالم أننا قادرون على تحقيق المستحيل ، وأننا شعب واحد لا يتجزأ ، إن هذا الإنجاز هو هدية ثمينة نقدمها لشعبنا العظيم ، وهو دليل على أننا ما زلنا نمتلك روحًا قتالية لا تُقهر ، إنني على يقين بأن هذا الإنجاز سيشعل شمعة أمل في قلوب كل سوداني ، وسيكون حافزًا لنا جميعًا لمواصلة العمل الجاد ، من أجل بناء مستقبل أفضل لبلادنا ، فالشباب السوداني هو ثروتنا الحقيقية، وهو الأمل في غد مشرق ، أهدي هذا الإنجاز إلى كل من ساهم في تحقيقه ، إلى اللاعبين والجهاز الفني والإداري ، وإلى كل من شجعنا ودعمنا ، وأدعو الله أن يحفظ السودان وشعبه ، وأن يمنحنا النصر والتمكين ..
#أوقفوا الحرب
ولن أزيد ..
والسلام ختام.
المصدر: صحيفة الراكوبة