موسم أصيلة.. دبلوماسيون يشخصون أزمة الحدود الأفريقية وعلاقتها بالهيمنة الغربية
اعتبر محمد المدني الأزهري، الأمين العام السابق لتجمع دول الساحل والصحراء، إلى أن الخلل الأساسي الذي تشكله أزمة الحدود في القارة الإفريقية كان في افتراض أن الدول التي تشكلت بعد الاستعمار مشابهة للدولة القومية الأوروبية. موضحا أن القارة الإفريقية تاريخيًا لم تعرف مفهوم “دولة الأمة” كما في أوروبا، بل كانت عبارة عن تجمعات بشرية تحكمها قبائل وسلاطين وإمارات.
وتحدث الأزهري عن الفرق بين الحلم والواقع، مشيرًا إلى أن الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية كانوا يعتقدون أن الحدود الموروثة ستختفي تلقائيًا بمجرد تحقيق الوحدة الإفريقية. لكن التطورات السياسية والاجتماعية التي عرفتها القارة كانت أقوى من هذا الحلم. مشددا على أن الأسباب الداخلية والخارجية، وكذلك الظروف الموضوعية، حالت دون تحقيق هذا الهدف.
جاء ذلك خلال مداخلته في الجلسة الثالثة من ندوة “أزمة الحدود في إفريقيا.. المسارات الشائكة”، التي نظمت ضمن فعاليات اليوم الثاني من موسم أصيلة الثقافي الدولي الخامس والأربعين، والتي كانت مخصصة لمناقشة “أفريقيا: حدود، أمن وتجارة حرة”.
كما استعرض الأزهري تجربة تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في 1963، معتقدا أن الحل المقترح في تلك الفترة، والذي تمثل في عدم المساس بالحدود الاستعمارية، كان الخيار الأفضل لتجنب الحروب.
من جانبه، أكد السفير السابق للملكة المغربية برومانيا، حسن أبو أيوب على أهمية إعادة النظر في مسألة الحدود الإفريقية التي تسببت في الكثير من المشكلات الأمنية والسياسية في القارة. موضحا أن النقاش حول الحدود الموروثة عن الاستعمار كان حاضرًا منذ إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية في عام 1963، لكنه تأجل إلى قمة القاهرة بعد عام، التي انتهت بقرار، بحسب أبو أيوب، افتقد إلى التبصر ولم يأخذ في الحسبان التعقيدات الثقافية والبشرية للقارة الإفريقية.
وأشار المتحدث، في تصريح صحفي أعقب الجلسة الثانية المخصصة لـمناقشة “الوحدة الإفريقية: فرص وتحديات المستقبل”، إلى أن الكثير من الدول الإفريقية تعاني اليوم من التفكك وانتشار المجموعات المسلحة التي تهدد استقرار الكيانات الوطنية. كما أكد أن الوقت قد حان لتجاوز فكرة الحدود التقليدية لصالح تكتلات جهوية تعتمد على أسس ديمقراطية تشاركية وتحترم الهويات الثقافية والدينية المشتركة.
وأعرب أبو أيوب عن أمله في أن تكون لدى النخب الإفريقية والحكومات إرادة سياسية لإعادة تقييم تجربة الستين عامًا الماضية، وبناء نموذج جديد يتماشى مع تطلعات القارة، موضحا أن النمط الأوروبي للدولة نشأ وطور في مناخ يختلف تماما عن المناخ والمجال الإفريقي.
كما أكد أبو أيوب أن إفريقيا لا تزال تعاني من الهيمنة الثقافية والاقتصادية الغربية، مشيرًا إلى أن الاتحاد الإفريقي، رغم مرور عقود على تأسيسه، لا يزال يعتمد على المساعدات الأوروبية والغربية لتمويل أنشطته. وأعرب عن قلقه من أن هذه الاعتمادية تعيق القارة عن تحقيق استقلالها الفعلي.
المصدر: العمق المغربي