ظلال الاستبداد على ضفاف النيل : مأساة أبناء جبال النوبة في شندي ..!!؟؟
د. عثمان الوجيه
في خضم الأحداث الدامية التي يشهدها السودان ، حيث تتناحر الأطماع وتتصارع القوى ، تبرز حادثة جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان في هذا البلد ، ففي مدينة شندي ، الواقعة على ضفاف نهر النيل ، وقعت جريمة بشعة بحق مجموعة من أبناء جبال النوبة الأبرياء ، الذين لم يرتكبوا سوى جريمة الانتماء إلى مجتمعهم وعقيدتهم ، بالامس ، أقدمت الاستخبارات العسكرية السودانية على اعتقال ستة عشر مواطناً من أبناء جبال النوبة ، وهم في طريقهم إلى المدينة قادمين من الخرطوم بحري ، وقد تم اعتقالهم بشكل تعسفي ودون وجه حق ، وذلك بعد أن تم فصل الرجال عن النساء والأطفال الذين سُمح لهم بالرحيل ، وتوجهت أصابع الاتهام إلى السلطات العسكرية التي نفذت هذه الاعتقالات ، حيث اتهمها اتحاد محامي جبال النوبة باتباع نهج عنصري ضد شعبهم ، وأكد الاتحاد على أن حرية الحركة والتنقل هي حق أساسي مكفول للجميع بموجب الدستور والقوانين الدولية والإنسانية ، وقد عبر العديد من أصحاب الضمائر ، عن استنكارهم الشديد لهذه الحادثة ، مؤكدين أنها تأتي في إطار سياسة استهداف المواطنين على أساس عرقي ، مشيرين إلى ما يسمى بـ “قانون الوجوه الغريبة” الذي تتذرع به السلطات لتبرير هذه الانتهاكات، حيث يعيش المعتقلون في ظروف قاسية داخل معتقلات الاستخبارات العسكرية ، حيث يحرمون من الزيارة ويتعرضون لمعاملة لا إنسانية ، وتخشى أسرهم على سلامتهم ، وتناشد المنظمات الدولية بالتدخل للإفراج عنهم فوراً ، فهذه الحادثة أحدثت صدمة كبيرة في صفوف مجتمع جبال النوبة ، حيث أظهرت مدى عمق الكراهية والعنصرية التي يتعرض لها هذا المجتمع ، كما أثارت مخاوف بشأن مستقبل السودان، حيث تسود حالة من الانقسام والاضطهاد ، إن ما حدث في شندي ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب السوداني ، فالحرب التي تشهدها البلاد منذ أشهر قد أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية ، وانتشار العنف والتشريد ، إننا ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الشعب السوداني ، والضغط على الأطراف المتحاربة لوقف العنف ، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ، وضمان احترام حقوق الإنسان ، كما ندعو الشعب السوداني إلى التكاتف والوحدة لمواجهة التحديات التي تواجهه ، والبناء سوياً مستقبلاً أفضل للبلاد ، وإلى قادة السودان ، نناشدكم بالعودة إلى الحوار السلمي، والعمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية ، وإنهاء المعاناة التي يعيشها الشعب السوداني ، إن التاريخ لن يغفر لكم هذه الجرائم التي ترتكبونها بحق شعبكم .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي : أجد نفسي في خضم عاصفة من الأحداث المتسارعة ، أراقبها عن كثب وأتحسس دقات قلبي مع كل خبر جديد ، الأيام الأخيرة حملت في طياتها الكثير من الصخب والضجيج ، ففي عالم افتراضي يتسع يوماً بعد يوم ، تتناثر الآراء والأحكام ، وتتضارب المواقف ، ولا يكاد المرء يستقر على رأي حتى ينقلب الحال ، أعود بذاكرتي إلى الساعات القليلة الماضية ، تلك الساعات التي شهدت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي ، حيث أثار قائد مليشيا الدعم السريع المتمردة تصريحات مثيرة للجدل حول قبيلة الشوايقة ، فاندلعت موجة من الغضب والاستياء بين أبناء القبيلة ، وتبارى النشطاء في الرد عليه ، فمنهم من كتب قصائد الهجاء ، ومنهم من أطلق أغاني تحمل في طياتها الكثير من العنف والكراهية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل تعداه إلى قضية أخرى أثارت حفيظة الرأي العام ، وهي زيارة الدكتور ناجي مصطفى إلى قبيلة الشكرية ، حيث ظهر وهو يحمل سلاحه غير المرخص!!، مما أثار حفيظة أبناء القبيلة ، وخاصة بعد أن انتقد أحد أبنائهم وهو “كيكل” القيادي بالمليشيا المتمردة ، أمام هذا المشهد المتشابك ، وجدت نفسي حائراً بين موقفين متناقضين : فمن جهة ، أشعر بالغضب والاستياء من تلك التصريحات التي تمس بهوية القبائل السودانية ، وتثير الفتنة بين أبناء الوطن الواحد ، ومن جهة أخرى ، أشعر بالقلق من أن ينساق البعض وراء هذه الحملات ، ويتحول النقاش السلمي إلى صراع دموي ، ولم يقتصر الأمر على الشأن الداخلي للسودان ، بل امتد إلى العلاقات الخارجية ، حيث ركز بعض النشطاء على تصريحات حميدتي التي تهاجم مصر، وراحوا يبحثون عن السوشلجية السودانيين المقيمين في مصر الذين يدعمون المليشيا ، محاولين بذلك إثارة الفتنة بين الشعبين الشقيقين ، أشعر بالأسف الشديد على ما وصل إليه حالنا، فبدلاً من أن نتوحد ونبني بلدنا، نحن منشغلون بالصراعات الجانبية والخصومات الشخصية ، أخشى أن نضيع في هذا الزحام ، وأن ننسى القضايا الكبرى التي تواجه وطننا ، أدعو الله أن يعي كل فرد منا مسؤوليته ، وأن يتحلى بالحكمة والروية ، وأن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ، وأن يتذكر الجميع أننا جميعاً أبناء هذا الوطن ، وأننا مسؤولون عن حمايته وبنائه ، وأؤمن بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الخلافات ، وأن التسامح هو أساس العيش المشترك ، وأننا إذا ما تمسكنا بقيمنا الأصيلة ، وتعاوننا معاً ، سنتمكن من تجاوز هذه المحنة ، وبناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة .. I believe that dialogue is the only way to resolve differences, that tolerance is the basis of coexistence, and that if we adhere to our authentic values and cooperate together, we will be able to overcome this ordeal and build a better future for our coming generation
وعلى قول جدتي : “دقي يا مزيكا !!”.
خروج : في خضم الحرب .. وقفة إنسانية،، ففي خضم الحرب التي عصف بالبلاد ، وشتت شمل العباد ، وقضت على الأخضر واليابس ، برزت ملامح الأمل في صورة مبادرات إنسانية تسعى لتخفيف معاناة المتضررين ، وفي هذا السياق، نجد أن وزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم ، بقيادة السيد صديق فريني، قد بادرت إلى زيارة إحدى النوافذ الخدمية لمتابعة سير مشروع دعم الأسر المستفيدة ، فوقف السيد صديق فريني ، مدير عام وزارة التنمية الاجتماعية ، وبصحبته السيد مرتضى يعقوب ، المدير التنفيذي لمحلية شرق النيل ، في إحدى النوافذ الخدمية بمحلية بحري ، كان الهدف من هذه الزيارة هو الاطلاع على سير مشروع الدعم النقدي الذي يستهدف الأسر الأكثر احتياجاً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ، وقد لوحظ خلال الزيارة الحرص الكبير على تنظيم عملية توزيع الدعم ، حيث تم تخصيص مبلغ قدره 280 ألف جنيه سوداني لكل أسرة شهرياً ، وذلك لمدة ثلاثة أشهر متتالية ، وقد أكد السيد الوزير أن هذا المشروع يأتي في إطار اتفاقية تعاون مع منظمة سودو ، ويهدف إلى تقديم الدعم للشرائح الضعيفة في ولاية الخرطوم ، ولم يغفل السيد الوزير عن أهمية التعاون مع الجهات المانحة والمؤسسات الخيرية ، مشيراً إلى أن الدعم المقدم من الزكاة والمانحين يساهم بشكل كبير في تخفيف حدة المعاناة التي يعاني منها المواطنون جراء الحرب ، كما أكد على أهمية التوسع في الأنشطة التي تستهدف المواطنين، وذلك مراعاة للظروف الاستثنائية التي يمرون بها ، من جانبه ، شدد السيد مرتضى يعقوب على ضرورة التأكد من وصول الدعم إلى مستحقيه، داعياً إلى ضرورة التدقيق في قوائم المستفيدين والتأكد من هوية المسجلين ، إن هذه المبادرة الإنسانية التي تقوم بها وزارة التنمية الاجتماعية ، بالتعاون مع الشركاء، تعد نموذجاً يحتذى به في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد فهي تعكس حرص الدولة على تقديم الدعم والرعاية للمواطنين ، وتؤكد على أهمية التكاتف والتضامن في مواجهة الأزمات..
#أوقفوا الحرب
ولن أزيد ،، والسلام ختام.
المصدر: صحيفة الراكوبة