بغداد/ شبكة أخبار العراق أصدر مرصد “أفاد” المتخصص بحقوق الإنسان، يوم السبت، بيانًا حول الإعدامات الجماعية التي نفذتها السلطات العراقية، مشيراً إلى أنها شملت نزلاء “اعترفوا تحت التعذيب”، فيما أكد وجود حركة متسارعة للإعدامات، تشمل بعض كبار السن، وأخرى تمت بطرق “بشعة”، محملا رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد المسؤولية.وقال في تقرير له اليوم، إن السلطات العراقية أقدمت على تنفيذ واحدة من أوسع عمليات الإعدام في البلاد منذ عام 2003، حيث تم تسليم ما لا يقل عن 50 معتقلًا لذويهم خلال شهر سبتمبر/ ايلول الماضي، بعد إعدامهم شنقًا في سجن الناصرية المركزي جنوبي البلاد.وأظهرت التحقيقات التي أجراها مرصد “أفاد” وفق البيان، عن تنفيذ إدارة سجن الناصرية أربع عمليات إعدام جماعية على مدار شهر سبتمبر، كان أبرزها في الرابع والعشرين من الشهر، حيث تم سحب 21 معتقلًا من قاعات السجن فجراً وتنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، مبينا أن إدارة السجن نفذت عمليات الإعدام بالمعتقلين بملابس النوم، ودون السماح لهم بالصلاة أو كتابة وصايا ورسائل لذويهم، حيث تم سحبهم بشكل مفاجئ إلى الوحدة الخاصة التي تقع بها منصات الإعدام. وتم رفع ستة معتقلين في كل مرة وشنقهم، مع تعليقات تنكيل طائفية في بعض الأحيان.ونقل المرصد، عن موظف في سجن الناصرية تحدث عبر الهاتف، أن المعتقلين الذين تم إعدامهم جرى تسليمهم لذويهم في اليوم التالي من دائرة الطب العدلي، وتم إبلاغ ذويهم بجلب بطانية معهم، إلى جانب دفع رسوم مالية لاستخراج شهادة الوفاة. كما أظهرت التحقيقات، وفق التقرير، أن رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وقع على إعدام المعتقلين بناءً على توصيات وضغوطات سياسية من جهات طائفية داخل بغداد، وبعضها من فصائل مسلحة، رغم وجود أدلة وعرائض قدمها المعتقلون تؤكد تعرضهم للتعذيب وانتزاع المعلومات تحت الإكراه، وتوقيعهم على أوراق مكتوبة مسبقًا.وأشار المرصد إلى أن غالبية الضحايا من محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار وبغداد ونينوى وبابل، كما أن قسمًا من الذين تم إعدامهم تعود الأحكام الصادرة بحقهم إلى حقبة حكومة نوري المالكي التي عُرفت بطابعها الانتقامي والطائفي آنذاك.
وتشير معلومات مرصد “أفاد” إلى أن من بين الذين تم إعدامهم معتقلًا في سن 68 عامًا يدعى محسن عذاب عجيل من أهالي تكريت، ولديه خمس بنات. قدم ذوو المعتقل تقارير طبية وإفادات تؤكد تعرضه لأنواع مختلفة من التعذيب، وتوقيعه على أوراق ومحضر تحقيق دون قراءتها، لكن رئيس الجمهورية وقع على تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه. كما تؤكد تقاريرنا الخاصة أن معتقلًا تعرض لتعذيب مروع قبل إعدامه، حيث تم رفعه ووضع الحبل حول عنقه بشكل غير صحيح، مما أدى إلى تعلقه لبضع دقائق قبل أن يلفظ أنفاسه، وظهرت جثته التي تسلمها ذووها صحية ذلك لاحقًا.إضافة إلى ذلك، يقول التقرير، يواصل موظفون في السجن أسلوب التعذيب النفسي من خلال سحب بعض المعتقلين وإبلاغهم بأنهم ذاهبون للإعدام، ثم يتم تركهم لبعض الوقت قبل إعادتهم إلى القاعات، مما سجل حالات إغماء وانقطاع عن الطعام للكثير منهم في تصرف غير إنساني لم يُسجل في أي دولة بالعالم. وقد كان شهر سبتمبر شهراً أسود جديداً في ملف حقوق الإنسان والاستهتار بحياة المواطنين، والتنكيل والتمييز على أساس طائفي.
وحمل مرصد “أفاد”، رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد مسؤولية ما وصفها بالمجزرة التي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 50 معتقلاً، متجاهلاً طلبات التحقيق في الاعترافات التي أدلى بها المعتقلون تحت التعذيب، أو في أجواء محاكمة محتقنة وطائفية، أو أحكام مبالغ فيها. لقد كانت فترة رئاسة رشيد حافلة بإعدام العشرات الذين وقع على تنفيذ الحكم بحقهم، متجاهلاً الدعوات في هذا الصدد من منظمات دولية حقوقية وإنسانية وأخرى محلية متخصصة أكدت وجود عشرات الأبرياء الذين يُوقع رشيد على إعدامهم منذ تسلمه المنصب قبل أكثر من عامين.وطالب مرصد أفاد المنظمات والهيئات الدولية بالوقوف بوجه عمليات الإعدام السرية التي تنفذها السلطات العراقية، مستغلة الأحداث الدولية والإقليمية لتنفيذ الإعدامات التي صدرت بحق المعتقلين، والتي لم تكتسب الدرجة القطعية أو تحصل على الأدلة الحقيقية.و”أفاد” مرصد متخصص بمراقبة الوضع الإنساني والحقوقي في العراق، ويقدم تقاريره عن الأوضاع السياسية والاجتماعية، وأشار مؤخرًا إلى أن أكثر من مليون و100 ألف عراقي لا يزالون نازحين عن مناطقهم.