مكتب الصرف ينفتح على أبناك أجنبية لتسريع “التسوية التلقائية” قبل متم السنة
بعدما أتاح مكتب الصرف، بتعاون مع مختلف السلطات المالية المتدخّلة، الاطّلاع على معلومات وإجراءات هامة مرتبطة بـ”عملية التسوية التلقائية 2024 Opération Régularisation Spontanée” من خلال بوابته الإلكترونية، مرّ المكتب ذاته إلى مباشرة “مهام تحسيس وتوعية لفائدة الأبناك الأجنبية”، خاصة مع اقتراب موعد انتهاء مهلة التسوية التلقائية المحددة في متمّ دجنبر من السنة الجارية.
في هذا الصدد أفاد مصدر مطلع من “مكتب الصرف”، تحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن مهمة التحسيس والتوعية “تستهدف على الخصوص المعنيين بالعملية من المواطنين المغاربة، ليس فقط المقيمين بالخارج، بل أيضا المقيمين بالمغرب والمتوفرين على أصول مالية أو ممتلكات أو موجودات منشَأة بالخارج”.
وأكد المصدر ذاته أن اللقاءات تشمل ليس فقط الأبناك الأجنبية المتواجدة فوق التراب الأوروبي، بل أيضاً تلك المنتشرة في بلدان عديدة، يسعى مكتب الصرف إلى توسيع دائرة تواصله وحمَلاته التحسيسية معها، لافتاً إلى أن “التصريح والتسوية التلقائية يتسارعان خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من كل سنة”، وهو ما استدعى من مكتب الصرف تكثيف جهوده التوعوية.
وكان مكتب الصرف أفاد، ضمن بلاغ رسمي طالعته هسبريس، بأنه بالموازاة مع حملاته وأنشطته التواصلية في مختلف جهات المملكة ينشط كذلك على المستوى الدولي مع شركائه في الخارج “من أجل إنجاح عملية التسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج”، مذكّراً “جميع المؤسسات المالية والأشخاص المعنيين بأن عملية التسوية التلقائية 2024، التي تنتهي في 31 دجنبر 2024، تمثل فرصة لتسوية الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج”.
ويأتي هذا حسب ما أعلنه المكتب ذاته بعد أن عقد وفد منه، أواخر شهر شتنبر 2024 بمقر أحد الأبناك العالمية الشهيرة في باريس، لقاءً تواصلياً مع ممثليه من أجل تسليط الضوء على الجوانب المختلفة المتعلقة بعملية التسوية التلقائية، التي كان أقرَّها قانون المالية للسنة المالية 2024.
كما شكل هذا الاجتماع، الذي عرف تبادلا مثمراً وغنياً بين ممثلي المؤسستين، فرصة للإجابة عن مختلف الأسئلة المرتبطة أساسا بالجانب العملي والتطبيقي لهذه العملية؛ حيث تم “شرح آلية التصريح والأشخاص المعنيّين، وأهم التسهيلات الممنوحة للمُصرّحين وكذا نظام التبادل والتحسيس المتعلق بهذه العملية”.
“انفتاح بعائدات إيجابية”
عبد الرزاق الهيري، محلل اقتصادي، أفاد بأن “انفتاح مكتب الصرف على المؤسسات المالية والبنكية خارج الوطن للتوعية بأهمية وضرورة التصريح التلقائي بالممتلكات والمنشآت خارج المغرب يأتي في إطار جهود التعريف بهاته العملية، التي تجعل المؤسسات تنخرط فيها”، مبرزا “ضرورة أن يقوم المعنيون بالأمر بالتصريح التلقائي بالممتلكات، لِما لذلك من أثر على جعل ممتلكاتهم خارج الوطن أكثر مشروعية”.
وقال الهيري، في تعليق لجريدة هسبريس، إن “إخراج ممتلكات المغاربة من المجال غير المعروف بالنسبة للاقتصاد الوطني خطوة كبيرة نحو إخضاعها للقوانين الجاري بها العمل في المغرب، بما يَدعم جهود المملكة في محاربة تبييض الأموال الذي له آثار سلبية على الاقتصاد الوطني، وكذلك آثار سلبية على التصنيف العالمي للمغرب”.
“هذا التصريح بالممتلكات خارج المغرب سيمكّن ميزانية الدولة من الحصول على عائدات جبائية مهمة ستُستَعمل من أجل تمويل النفقات العمومية المتصاعدة؛ خصوصا أن الحاجيات من الخدمات العمومية في منحى ارتفاع لافت”، يبرز أستاذ الاقتصاد بجامعة فاس، معتبرا أنها “خطوة إيجابية ستمكن المغرب من الحصول على عائدات مستدامة مرتبطة بهاته الموجودات والممتلكات المنشأة خارج المغرب”، وأن “السلطات المالية المغربية تعمل على تعبئة جميع الإمكانيات من أجل الرفع من العائدات الجبائية في إطار استعادة التوازنات الماكرواقتصادية، وخصوصا استدامة توازنات المالية العمومية”.
“مبادرة محمودة رغم التفاعل الباهت”
المحلل المالي والباحث الاقتصادي المهدي فقير ثمّن، من جهته، “إشاعة الجوّ التواصلي والجهود التوعوية التي يبذلها مكتب الصرف بتعاون مع مصالح المديرية العامة للضرائب، لتبسيط وتسهيل وشرح مفصّل لإجراء التسوية التلقائية المنصوص عليها في القانون المالي للسنة الراهنة”، معتبرا أن “المستهدفين منها هم مواطنون ومواطنات مغاربة خاضعون للقانون المغربي، ولذلك فالتواصل مع مؤسسات مالية أجنبية يمكن أن يشكل دور وساطة مهمة جدا لإقناعهم بالمرور إلى عملية التصريح”.
وقال فقير، مصرحا لهسبريس، إنها “مسألة محمودة ومطلوبة ما قام به مكتب الصرف ضمن مهامّ توعوية وتحسيسية لفائدة الأبناك الأجنبية”، مسجلاً بإيجابية مماثلة دلالة “عامل الوقت الذي جاءت فيه خلال الفصل الأخير المتبقي قبل انتهاء السنة المالية المعنية”.
وتابع المحلل المالي ذاته: “التسوية التلقائية مسألة لا تعني فقط الإدارة المغربية التي تظل ملزَمةً بواجب التحفظ في هذه النوعية من القضايا؛ بل إن التفاعل الباهت الذي قد يسجله إقبال المصرحين بممتلكاتهم خارج المغرب بشكل تلقائي هو مسؤولية مشتركة بين مختلف الفاعلين وقوى الوساطة، وليس ذنب الإدارة أو القانون الذي جاء واضحاً ومبسِّطًا لإجراءات التسوية وإبراء الذمة المالية”، مثيرا في هذا الصدد أهمية “دور جمعيات المهنيين والاستشاريين وقوى الوساطة في المجتمع المالي”.
المصدر: هسبريس