اخبار الكويت

إسرائيل تستهدف وفيق صفا في وسط بيروت السكني

نتنياهو يربْط وقف النار في لبنان بصفقة مع «حماس»

إيطاليا تتّهم إسرائيل بـ«جرائم حرب محتملة» باستهدافها «اليونيفيل»

كل الطرقِ تؤدي إلى خلاصةٍ واحدة… «حربُ لبنان الثالثة» أَبْعد ما تكون عن اقتراب إخمادِ نيرانها، التي بدأ اشتعالُها غداة «طوفان الأقصى»، وكلما جرتْ محاولةٌ لفصْلِها عن محرقة غزة عاد الربطُ بين الجبهتين، مرّاتٍ من «حزب الله»… وهذه المرة من إسرائيل.

هكذا بدا المشهد في لبنان الذي كان ومعه الإقليمُ بأسْره «على أعصابه» أسيرَ خلاصاتِ المكالمة بـ «الهاتف الأحمر» بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي أريد لها أن «تُهَنْدِسَ» تَفاهماً حول حدود ردّ تل أبيب على ضربة طهران الصاروخية وترسيم «خطوط حمر» له.

جرافة إسرائيلية ترفع حطام صاروخ إيراني سقط على النقب (أرشيفية)

ولم يكن ممكناً فصْلُ اشتدادِ عَصْفِ الحرب اللاهبة التي تجتاح لبنان من الجو والبر والبحر وتوسيع «حزب الله» منسوب ورقعة استهدافاته الصاروخية لشمال إسرائيل، وصولاً إلى حيفا، عن بدء العدّ التنازلي لردّ تل أبيب على طهران والذي يُفترض أن يكون نتنياهو نال التفويض في شأنه من مجلس الوزراء الأمني ليل أمس.

فالجبهةُ اللبنانية التي فُتحتْ في الأساس (8 أكتوبر 2023) بحسابات المحور الإيراني ومقتضيات «وحدة الساحات»، لن تستكينَ أقلّه في المدى المنظور، ربْطاً بمجريات الحرب متعددة البُعد التي تخوضها إسرائيل مع الحزب وتحوُّلها ما يشبه «صراع بقاءٍ» يخوضه الحزب بوجه مؤشراتٍ إلى قرارٍ من تل أبيب، بإنهائه «مرة ولكل المرات»، كما بوصْفه «خط الدفاعٍ الأخير» عن إيران التي لم يسبق أن واجهت مرحلةً بهذه الدقة منذ نحو 4 عقود.

وعلى وقع الغموضِ الذي لفّ كيف وأين سيردّ نتنياهو، المُنْتشي والمُراوِغ، وسط خشيةٍ من أن يكون «احتفظ بأسرارِ» الضربة وبأي أزرار سيضغط عليها ولم يكشفها كلها لبايدن، الذي صارت إدارتُه «بطةً عرجاء»، استهدفت غارتان إسرائيليتان مساء أمس، محيط منطقة رأس النبع النويري» البعيدة عن الضاحية الجنوبية، في ثالث ضربة تستهدف أحياء في قلب العاصمة اللبنانية منذ بدء الحرب في 23 سبتمبر، بينما أفادت القناة الـ 12 الإسرائيلية بأن المستهدف في المبنى السكني المؤلف من 8 طوابق، هو مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا.

واستهدفت إحدى الغارتين مبنى بالقرب من مجمّع خاتم الأنبياء في النويري، والثانية منطقة رأس النبع بالقرب من مبنى العاملية، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى في الغارتين.

وفي وقت كان لبنان يُلاطِمُ اجتياحاً جوياً بلا هوادة جعل البلاد «غزة متنقّلة» وغزواً برياً على طريقة، خطوة إلى الوراء خطوتان إلى الأمام، وعدّاد ضحايا لا ينفكّ يرتفع وتجاوز 2161 ضحية و10100 جريح، تَقاطعتْ المؤشراتُ عند أن الحرب مرشّحة لتستمرّ أقله أسابيع إضافية بعدما صارَ يتم التعاطي مع الميدان من جانب إيران على أنه «جبهة صمود» إذا سقط عليها «حزب الله» كرّت السبحة وصولاً إليها، ومن جانب واشنطن وتل أبيب على أنه فرصة في السياسة لتقويض نفوذ الحزب في لبنان وإخراجه من المدار الإيراني، وعسكرياً لتفكيك بنيانه وقدراته العسكرية والمزيد من إضعافه بضرباتٍ موجعة كان أقساها اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله.

«الحلقة الأضعف»

وإذ كانت جلسةُ مجلس الأمن أمس، حول الوضع في المنطقة ولبنان امتحاناً لواشنطن التي انكفأت عن محاولات إحياء مقترح وقف النار الذي سبق أن رعتْ طرحه على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وأعلتْ مكانه وجوب انتظار عملية إنهاكِ الحزب عسكرياً، مع محاولةٍ لـ «تقليص الضرر اللاحق بالمدنيين»، ولا سيما في بيروت، وفق ما طلب بايدن من نتنياهو، مؤكداً في الوقت ذاته «حق إسرائيل في حماية مواطنيها من حزب الله» مع التشديد «على ضرورة التوصل إلى حلّ دبلوماسي»، مضى رئيس الوزراء في مناوراته الأقرب إلى بهلوانيات فوق ملاعب النار والرامية إلى إطالة أمد الحرب حتى حصْد أكبر عدد من الأهداف.

فبعدما استظلّ مواقفَ إيرانية أوحتْ بأن «حزب الله» لا يمكنه مواجهة إسرائيل لوحده ورسمتْ إطاراً لدعْمه «من الدول الإسلامية» ثم عدم معارضة الحزب مقترح وقف النار الذي سرّب أنه يوافق عليه لينفذ الاغتيال الأكبر ضد نصرالله، ها هو نتنياهو يتلقّف قبول الحزب بلسان نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم، بوقف النار من دون ربْط ذلك بحرب غزة، وهو ما كان أحد أبرز العراقيل أمام قفل جبهة لبنان (قبل اغتيال نصرالله)، عبر إصراره على هذا الربط بما أوحى أنه بات يعتبر هذه الجبهة «الحلقة الأضعف» وباب ضغط على حركة «حماس» لإطلاق الأسرى وإلا يستمر تدمير الحزب ولبنان.

وهذا ما عبّر عنه ما نقله موقع «واللا» عن مصادر إسرائيلية لجهة أن رئيس جهاز «الموساد» ديفيد برنياع، سلّم رسالة مهمة إلى رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) وليام بيرنز، تضمنت أن تل أبيب اشترطت لأي اتفاق مستقبلي لوقف النار مع الحزب في لبنان، اتفاق تبادل للأسرى مع «حماس» في غزة.

وذكر الموقع أن المؤسسة العسكرية قررت تغيير الاستراتيجية عبر ما أسمته «الانقلاب» على «حزب الله»، موضحاً أن الخطة تهدف إلى ربط وقف النار في لبنان بإتمام صفقة التبادل في غزة، بغرض الضغط على زعيم «حماس» يحيى السنوار، من خلال حليفيه «حزب الله» وطهران.

وتابع أن هذه الرسالة دليل واضح على مدى تعقيد الوضع في المنطقة «خصوصاً أن إسرائيل تحاول بكل جهد ربط الساحات المختلفة من أجل تحقيق أهدافها».

وفي موازاة ذلك، كان الميدان يشهد اشتعالاً للمواجهات جنوباً، توغلات برية في نقاط وتصدياً موجعاً لها من «حزب الله» في نقاط أخرى، وسط قصف إسرائيلي لم يوفّر قوة «اليونيفيل» ما تسبب بغضب أوروبي، وغاراتٍ واسعة في البقاع بعضها تركّز على معابر حدودية مع سورية، مع تسجيل سقوط عدد كبير من الضحايا لا يقلّ عن 25 حتى أولى ساعات المساء، في مقابل تعميق «حزب الله» استهدافاته الصاروخية على شمال إسرائيل وصولاً إلى الجولان المحتل، والتي تسببت بسقوط ما لا يقل عن 4 جرحى ودمار في عدد من المستوطنات.

وأمكن اختصار الوقائع الميدانية بالآتي:

استمرار محاولات التوغل البري التي تركّزت أمس على المحور الغربي وتحديداً في رأس الناقورة التي شهدت معركة طاحنة، انطبعت باستهداف الحزب بداية دبابة «ميركافا» حاولت الاقتحام مع مجموعة من الجنود، فأصابها وأسقط من بداخلها بين قتيل وجريح، ليعاود أكثر من مرة استهداف مجموعة حاولت إجلاء المصابين، قبل أن ينتشر فيديو لجرافة إسرائيلية أثناء تدميرها برج مراقبة تابع للواء الخامس في الجيش اللبناني في هذا الموقع، بالتوازي مع سعي لتوغل في القطاع نفسه في اللبونة.

اشتداد المواجهات العنيفة في القطاع الأوسط، حيث كان الجيش الإسرائيلي توغل عبر مارون الراس ويارون، وسط إشارات إلى تقدم ما يوشك أن يحققه في القطاع الشرقي في اتجاه ميس الجبل، حيث أعلن «حزب الله» أنه استهدف «تحركاً لجنود العدو في تلة المجدل في ميس الجبل بصلية صاروخية»، وهو ما عززه بيان آخر للحزب تحدث عن قصف «قوات لجنود العدو أثناء تقدمها تجاه منطقة الكنَيسة بين ميس الجبل ومحيبيب».

استهداف «اليونيفيل»

إعلان «اليونيفيل» أنه «في الأيام الماضية شهدنا توغلات من إسرائيل إلى لبنان في الناقورة ومناطق أخرى»، كاشفة أن المقرّ العام في الناقورة والمواقع المجاورة تعرض للقصف بشكل متكرر، ومؤكدة أنه صباح أمس، أصيب جنديان من حفظ السلام بعدما أطلقت «ميركافا» النار باتجاه برج مراقبة في الناقورة، كما أطلق الإسرائيليون النار على موقع الأمم المتحدة 131 في رأس الناقورة وألحقوا أضراراً بالآليات ونظام الاتصالات.

وأضافت «أطلق جنود الجيش الإسرائيلي النار عمداً (الأربعاء)، على كاميرات مراقبة في محيط الموقع وعطّلوها. كما أطلقوا النار عمداً على نقطة مراقبة تابعة للأمم المتحدة رقم132A في رأس الناقورة ما أدى إلى تضرر الإضاءة ومحطة إعادة الإرسال».

وإذ اعتبرت «اليونيفيل» أن «أي هجوم متعمد على قوات حفظ السلام يشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن 1701»، استدعى وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو سفير إسرائيل في روما، وأكد أن «الأعمال العدائية المتكررة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية ضد مقر اليونيفيل يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب وتمثل بالتأكيد انتهاكات خطيرة للغاية لقواعد القانون الإنساني الدولي».

كما أعلنت وزارة الجيوش الفرنسية أن باريس وروما، ستطلبان اجتماعاً للدول الأوروبية المساهمة في قوة الأمم المتحدة.

شنّ الطيران الإسرائيلي غارات مروّعة في مناطق عدة من البقاع وخصوصاً بعلبك الهرمل، كما في قضاء زحلة وصولاً إلى الحدود مع سورية حيث سُجّل في ساعات قليلة قبل الظهر 9 غارات بينها على معبر ناصرالدين في حوش السيد علي في الهرمل، وإحداها استهدفت حاجزاً للجيش اللبناني ما أدى إلى وقوع 6 إصابات.

توسيع الحزب قصفه الصاروخي لشمال إسرائيل، خصوصاً كريات شمونة، وصفد وعكا ونهاريا وحيفا، حيث أصيب العديد من المباني، وصولاً لأول استهداف لقاعدة راعم العسكرية في الجولان المحتل، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن 38 جندياً أصيبوا خلال 24 ساعة على الحدود الشمالية. وبهذا، اعترف الجيش بمقتل 11 جندياً وإصابة 168 آخرين منذ بدء التوغل البري المحدود في المنطقة.

المصدر: الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *