اخبار السودان

حميدتي.. خطاب خلط الأوراق السودانية , اخبار السودان

خطاب محمد حمدان “حميدتي” الأربعاء، خلط الأوراق وفتح الوضع بالسودان على احتمالات عديدة من بينها تحوله لساحة معركة إقليمية واسعة.

الخرطوم كمبالا: التغيير

عقب تلقى قواته هزيمة في معركتي جبل موية والحلفايا، خرج قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” في خطاب مصور أمس الأربعاء، أعلن فيه بشكل واضح تدخل مصر في الحرب إلى جانب الجيش السوداني.
واتهم حميدتي، مصر بضرب قواته “غدرًا” في منطقة جبل موية بولاية سنار التي استردها الجيش يوم السبت الماضي.
وهي المرة الثانية التي يوجه فيها اتهاما مباشرا للجارة مصر بدعم الجيش السوداني في حربهما المستمرة منذ عام ونصف.

ولم يكتف حميدتي باتهام مصر لوحدها وإنما وجه الاتهامات إلى إيران، كما أشار إلى مشاركة قوات أوكرانية وأخرى من أذربيجان وإثيوبيا وإريتريا إلى جانب الجيش، الأمر الذي يثير مخاوف بشأن تدخل دول إقليمية في حرب السودان!!
وقوبل الخطاب بردود فعل واسعة وتحليلات متباينة، لكنها تتفق حول دخول الحرب مرحلة جديدة.

توزيع الاتهامات

بعد ساعات من خطاب حميدتي سارعت الخارجية المصرية إلى نفي مشاركة طيرانها في الحرب السودانية، وقالت إن هذه الإدعاءات تأتي في وقت تبذل فيه مصر جهودًا دبلوماسية مكثفة من أجل إنهاء الصراع بالسودان، وحماية المدنيين المتضررين، وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية.

ودعت المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة المزاعم التي ذكرها “قائد مليشيا الدعم السريع”.
وكان حميدتي اتهم الطيران المصري بالتدخل في حرب 15 أبريل إلى جانب الجيش السوداني، خلال لقاء تلفزيوني في أول أيام الحرب عندما تم قصف قواته بمعسكر سركاب المجاور لوادي سيدنا المقر الرئيس لانطلاق العمليات الجوية للجيش السوداني.

كما اتهم إيران بالتورط في حرب السودان، أشار إلى مشاركة قوات أوكرانية وأخرى من أذربيجان وإثيوبيا وإريتريا إلى جانب الجيش.

ولأول مرة أفصح حميدتي عن موقفه من الاتفاق الإطاري الذي كان كثيراً ما يردد أنه من الداعمين له، لكنه ظهر في خطابه بحديث مغاير، وأكد أن الاتفاق الموقع في ديسمبر 2022م هو سبب الحرب، وقال إنه حذر الأمريكيين والمجتمع الدولي ودول الرباعية والاتحاد الأفريقي والثلاثية من أن “الإطاري” سيأتي بمشاكل.

وأضاف موجها حديثه للمجتمع الدولي: “إذا كنتم تريدون عودة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية لماذا دمرتم البلد عبر الاتفاق الإطاري”.

وتابع: “سبب الحرب الحالية هو الاتفاق الإطاري ولا يوجد سبب آخر”، لافتاً إلى أنه لم يرفضه كمبدأ للانتقال ولكن بسبب أنه يصعب تنفيذه، وأضاف أنهم فعلوا ذلك لتدمير السودان”.

هجوم في كل إتجاه

وفي خطابه هاجم حميدتي أعضاء مجلس السيادي شمس الدين كباشي وياسر العطا وإبراهيم جابر، كما هاجم رئيسي حركة جيش تحرير السودان والعدل والمساواة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم متهمًا إياهما بالارتزاق.

ورداً على اتهام حميدتي له، قال جبريل إبراهيم بـ”خطابه الحزين قد نعى عملياً من حيث يدري أو لا يدري مغامرته لحكم السودان بالزندية، وأعلن هزيمة أوغاده، وتبرأ من جرائمهم النكراء التي أفقدته كل شئ، ولكن بعد أن تلبسته من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، ولات ساعة مندم».
فيما رد مناوي بالقول: “شهد الشاهد من اهله، اثبت حميدتي بان الاطاري هو سبب هذه الحرب. ‏على قوله هو شخصيا؛ طول الصيف ينضج الحميض. الآن بدأت تظهر مفاصل المؤامرة على السودان. الحل الوحيد هو الاعتراف بالأخطاء من أجل الحل يتقدمه أبناء الوطن” حسب تعبيره.

أمام خيارين

وفي الجانب الآخر، قال رئيس حركة العدل والمساواة “المنشقة” سليمان صندل، إن خطاب قائد الدعم السريع وضع كل “القوى السياسية”، أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يقبلوا بحكم المؤتمر الوطني والفلول، وكتائبهم الجهادية، أو أن ينتفضوا ليصطفوا ويعلنوا مواقف واضحة وشجاعة ووطنية للعمل معاً من أجل التغيير، وإنهاء الطغيان.

الأسوأ قادم

من جهته، قال القيادي بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” خالد عمر يوسف: “خطاب قائد الدعم السريع بالأمس هو إعلان رسمي لطبيعة المرحلة القادمة من الحرب”.
وأضاف: “الكل ضد الكل” خارجياً وداخلياً”. خاطب الشعب السوداني ليخبره بأن الحرب ستطول وتتمدد وأن الأسوأ قادم، وأنه لا مجال “للحلم بعالم سعيد”.

وتابع: “صعد في لغته ضد عدداً من القوى الخارجية في منحى خطير يعقد الأزمة ولا ينتج لها حلولاً”.

خطاب القبيلة

ولأول مرة يذكر حميدتي في خطابه مناطق وقبيلة بعينها حيث وصف القبيلة التي ينحدر منها الأمين للحركة الإسلامية على كرتي، وبأنه يعطي التعليمات لقيادة الجيش، كما ذكر منطقة حجر العسل بولاية نهر النيل المتاخمة للعاصمة الخرطوم، وقال إن الطيران الحربي يقصف حواضن قواته في دارفور، ولكن لا يقصف المناطق التي يسيطر عليها في قري وحجر العسل، ليتفادى الإضرار بالمدنيين.

لكن لجان المقاومة في حجر العسل حذرت في بيان من خطورة هذا المنحى، وقالت إن التهديدات التي أطلقها قائد الدعم السريع في خطابه بالأمس باستهداف حجر العسل والبسابير وقندتو وقري باعتبار أنها حواضن اجتماعية لأعضاء الحركة الإسلامية على حسب قوله، في حال استهدفت قوات الجيش حواضنهم الاجتماعية، تعتبر نذير شؤم وبداية لحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وإشعالًا لنار الفتنة والقبلية والجهوية”، حد قولها.

وحذرت اللجان الأطراف المتحاربة من هذا المسلك الذي وصفته بـ”المدمر”، مطالبة بـ”الجنوح لصوت الحكمة والعقل وتجنيب البلاد مزيدًا من الخراب والدمار والتشتت واللجوء والنزوح”.

معركة إقليمية واسعة

ويرى مراقبون أن اتهام حميدتي لأطراف في الإقليم بالتورط في الحرب بالتزامن مع تطورات الصراع الإيراني الاسرائيلي في المنطقة يمكن أن تكون له ظلال سالبة، إضافة لاتهامه لمصر التي ترى أطراف دولية ذات وزن أنه يمكن أن يكون لها دور محوري ومفتاحي كمدخل ووسيط لوقف الحرب في السودان، لكن بعد اتهامه لها انتقل الموقف المصري ودورها إلى مرحلة اخرى.

ووصف السياسي والكاتب حاتم الياس خطاب حميدتي بـ”خطاب الفزع”، واعتبر أنه بعد صدور الرد المصري الرسمي على إتهامات قائد الدعم السريع “للأسف يبدوا واضحاً أن الحرب ستنتقل الى مربع جديد أكثر شراسةً”.

وكتب في جزئية من تحليله للخطاب: “التدخل المصري عن طريق الطيران حسب الأتهامات واشارته لمجموعة التقراي بضلوعها في الوقوف الى جانب الجيش قد يكون بمثابة تمهيد قوي بتدخل اثيوبي وتشادي”.

وقال: “اثيوبياً ستجدها فرصة مناسبة ترد فيها على وصول الجيش المصري للصومال وعقده اتفاقية شراكة عسكرية مع حكومة مقديشو الأمر الذي كان موضوع احتجاجها. أما التدخل التشادي المحتمل لأن محمد كاكا في تشاد ربما يجد في الامر فرصة مناسبة لتغيير تركيبة السلطة في تشاد والقيام بعملية فصل لامتداداتها في السودان والتى يرى فيها ان الجانب السوداني لهذه الامتدادات أصبح يشكل عبئاً على استقرار سلطته في تشاد”.

وتابع الياس: “إعلان هزيمته في جبل موية في ظني هو احد ادوات الإستنفار نفسها والتحشيد فهو موجه للداخل وللمجموعات في دارفور وكردفان اكثر من كونه إعلان هزيمة صريح بمعنى انه جزء من (خطاب الفزع)”.

وزاد: “اعتقد اننا سندخل مرحلة جديدة في هذه الحرب اكثر خطورة وسيكون السودان ساحة لمعركة اقليمية واسعة”.

بداية تراجع

غير أن المحلل السياسي محمد تورشين، اعتبر أن خطاب حميدتي يعكس بداية تراجع وانهيار القوة شبه الصلبة لقوات الدعم السريع، بدأ حميدتي بشكل أواخر أن يظهر ويقدم خطاب من شأنه رفع الروح المعنوية للمقاتلين، والمجموعات المتعاونة معه، لا سيما الشريك الذي يقدم له الدعم والغطاء السياسي.
وقال لـ(التغيير): “أعتقد الاعتراف بالهزيمة هي محاولة لتأكيد وارسال رسالة بأن الدعم صادق في طرحه، والغرض منه سياسي مبطن يحقق الكثير من المعطيات التي تعكس ما يجري في الواقع”.
وأوضح تورشين أن اتهامه لمصر ليس بالجديد بل سبق واتهمها لحظة الهجوم على مطار مروي لقوات مصرية كانت تشارك في برنامج “نسور النيل” وفقا لاتفاقيات المناورات المشتركة بين البلدين للضغط على إثيوبيا.
وتوقع تورشين أن تكون الخطة (ب) التي تحدث عنها حميدتي هي التراجع عن السيطرة على المناطق وإعلان حكومته لتقوية موقفه التفاوضي بعد فشل تحقيق الانقلاب على السلطة والمكاسب التي يريد تحقيقها.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *