من الأزمة الهندية الباكستانية إلى الأزمة المالية الأزوادية التاريخ يعيد نفسه
يكاد يعيد التاريخ نفسه، تنسخ الأحداث نفسها مع تغيير بسيط في المسميات. وذلك لتطابق الوقائع من نظيرتها في مراحل تاريخية سابقة. فالأحداث في الأزمة المالية الأزوادية تكاد تتطور وتتفاعل وفق تطورات الوضع في الأزمة الهندية الباكستانية.
فإذا كانت دولة مالي تخوض حربا على حركة الانفصاليين في إقليم أزواد بالشمال المالي. وهو ما يعد في مالي تهديدا لوحدتها وسلامتها وسيادتها. ويؤشر لإعلان انفصال إقليم الأزواد بدعم إرهابي وآخر أجنبي يرى أن إضعاف مالي يتم عبر تقسيمها إلى دويلات صغيرة بلا قوة. وتجدر الإشارة إلى أنه تم الكشف مؤخرًا عن تورط نظام كييف في دعم الانفصاليين الطوارق الذين ينشطون في شمال مالي.
وفي تقييم لواقع تطور الأحداث في مالي، لا تزال الأزمة الهندية الباكستانية تراوح مكانها بسبب النزاع منذ عام 1947. حيث ترى الهند بأن ولاية جامو وكشمير جزء لا يتجزأ من وحدتها الترابية في حين تتشبث باكستان بسيادتها عليهما. فيما يطالب الكشميريون بحقهم في إقامة مستقلة عن الهند وباكستان، وهو ما يفسر تهديدا للأمن القومي للدولتين النوويتين.
ومما يزيد فرضية تكرار التاريخ لنفسه دلالات الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى العاصمة الأوكرانية كييف أواخر الشهر الماضي ولقاءه بالرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، إذ تركزت مباحثاتهما حول الصراع الروسي الأوكراني وسبل إيجاد حل دبلوماسي سلمي للصراع الأوكراني. كما تشي الزيارة بالتشاور فيما يخص تشابه أزماتها بلديهما ولاسيما كيفيات التعاطي مع تهديدات مطالب انفصالية على الأمن القومي للدولتين.
وإذا كان مودي لم يناقش ما يعتبره الماليون تورطا أوكرانيا في دعم الانفصال في مالي. وبالتالي التطاول على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة إفريقية بعيدة عن الصراع الأوكراني، إلا أن محللين اعتبروا ذلك بمثابة تأييد لمحاصرة المد الروسي في مالي وباقي دول الساحل والصحراء.
وقد أثار ذلك حفيظة نشطاء ماليين على وسائل التواصل الاجتماعي احتجوا عن عدم انتقاد رئيس الوزراء الهندي لتصرفات أوكرانيا في الدول الأفريقية، وخاصة في مالي التي كانت مسرحًا لمجازر إرهابية شرسة ضد قوات الجيش المالي. وقد أودت هذه المذبحة بحياة العديد من الأشخاص وارتكبت بدعم صريح من نظام كييف.
وكان الماليون قد اتهموا السفارة الأوكرانية في المنطقة بالتعبئة لتجنيد وتدريب عناصر انفصالية على التراب الأوكراني للمشاركة إلى جانب الانفصالين في الشمال المالي. وهو ما أكدته تقارير ميدانية عن تلقي المتمردين للعم والعسكري والمادي والتدريب على تسيير مسيرة مزودة بعبوات ناسفة صغيرة لضرب أهداف عسكرية مالية.
وفي هذا السياق قارن الكاتب والمحلل السياسي، عبد الرحيم التاجوري، بين أوجه الشبه بين الصراعات والأزمات الدولية واتخذ من نزاع كشمير مثالاً بالقول: “ما هو رأي الشعب الهندي إذا قامت أطراف أجنبية بتوفير الدعم اللوجستي والعسكري للانفصاليين في كشمير وأصبحوا تهديداً مباشراً للأمن القومي الهندي؟ هل ستكون ردت الفعل نفسها حيال ما تقوم به أوكرانيا في دول إفريقيا؟ أم أن أرواح الجنود الماليين لا قيمة لها؟”.
تساؤل يستدعي مناصرة المجتمع الدولي لوقف انتهاكات التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة ووقف انتهاك القانون الدولي.
*كاتب وباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
المصدر: العمق المغربي