اخبار السودان

الحردلو (25) : أم رخم الله مكسيكية..!!

مرتضى الغالي

 

يبدأ الشاعر محمد طه القدّال مقطع مسداره بتضمين المربوعة الافتتاحية في مسدار الصيد للحردلو (الشم خوخت برَدن ليالي الحِرّه) ترحيباً بمقدم الخريف وبروز الغزلان (أم خدود) في منحنيات أحياء البطانة.. ! .

ويعيد القدّال استخدام “أم خدود” رمزاً لمسقط رأسه ، أو بمثابة قيمة رمزية للوطنية أو لبلاده .. والبطل أو النصير الذي يهب لنجدتها ويُجلي (اليانكي)عنها .. وفي هذا المنعطف فإن الشاعر وحبيبته يستعدان لمسيرة الموكب العجيب:

(تلقاها ام خدود الليله مرقت برّه)

**

مرقت برّه تغلي مديدة الحلبه التسمّن رِدفها ..

السمن المبستر يانكي

والويقود (fuel) بعيرات الدخان في العين

وفي الفشفاش يسوّي عمايلو

شن فايدة مديدة الحلبه يا ابو السره

شن فايدة مديدة الحِلبه .. والويقود بشيلو اليانكي..؟!

The one with charming cheeks

 is out to make fenugreek pie,

to build more flesh on her thighs

The pasteurized milk is made by the Yankee

The dry dung fuel hurts our eyes and lungs

What’s the benefit of fenugreek pie?

When the real fuel was taken away by Yankee?

**

يتصاعد الغضب والمرارة البالغة من الوجع الإنساني ومذبحة الفلسطينيين في صابرا وشاتيلا ؛ ويقوم القدّال بتحريك كل مخلوقات الدنيا ضد (اليانكي):

نادينا القعونج والبلطي قرقور السمك .. وداني لي دابي الخُشش ..

نادينا عمّال الطمي .. الصارقيلا والقرموط و”ود المويه” ..

فُتنا عليها … كانت نايمه عجّال البحر حارساها

كانت نايمه بين حجرين .. وضُل ساسويه

**

عُقب لمينا في باقي الجمع قاصين دريب اليانكي

سنّور الغُوَب في الكنغو ..

صَبَراً من جنوب أمريكا .. من كلهاري ديباً ضاري

والتمساح وليد أمزون

.. ونمراً في النمور كمبودي .. وأم رخم الله مكسيكيه..!

**

حصى القيزان .. دوابي الدارقه .. والسِحليه والناس التحت

خابرين عمايل اليانكي

مرّه معونه لي اللُغّاف .. ومرّه دوانكي

شِن معناها جيبها إن كان ملوهو بوانكي..؟!

صوتها مكتِّمو القرَبين سيوف وسوانكي

**

يا ابو السرّه كُج العين

تَخبْر الشينه من الزين

تفُرز الساري من الطاري .. يابو السرّه كُج العين

كُج العين ومِدّو صباعك السبّابي

قول للغافي : يازول هوي..

أرخي الغُرده للعنّافي..

Look closely, Abu alSurra,

to distinguish the good from the evil,

the true from the false

Look closely, Abu alSurra,

stick your index finger

in the looter’s face

Relax the rein of the highbred steed

**

في مسدارنا .. شلنا نهارنا .. يابو السرّه

مسكنا دربنا

عمال الطمي الصحوها خابرين الدروب ..

مرقوبنا في مشرع مسارب الضي

لقينا الدنيا تتحرّانا ..

قوقا القمري .. خوّى صقير .. وعوّى حِدي

Having travelled throughout the day, Abu alSurra,

We’re well on course

The mud workers expertly led us to the harbor of light

There we found a whole world waiting for us:

cooing turtle doves,

shrieking hawks

howling falcons

قال السّحلي لا تغَشوهو ..

ديل عربان توابع اليانكي

وخلوها العريب العايبه .. السَرّاق طبيقو معاهو ..

تيجاناً عروشا الخروع الهش العويش

.. ولا خسانا بي هذي العروش الهُربة يا ابو السّره ..

**

“عادل بابكر” يصّور هذا المقطع هكذا :

Skip them,” said the lizards

“Those Arabian Bedouins are tails of the Yankee”

Leave them behind, those Arabians;

looters of the same feather flock together

Their fragile crowns will be consumed by fire

Let’s not bother ourselves, Abul Surra,

with those brittle thrones

**

القدّال مضى بالنَفَس الشعري والتعبيرات الشعبية إلى مجالات تضعه في عليين من حيث الذُرى الإبداعية بتمكين هذه التعبيرات من حمل مضامين كونية وإنسانية عالية الإبداع .. كم كانت غفلتنا عن الاحتفاء بهذا الانجاز .. وهذه الشاعرية المُبصرة..!! .

**

القدّال هو سيد شعراء هذا الضَرب من الشعر في هذا الزمان .. وقد رحل عن وجه الوطن في أوان نضج الموهبة ووهج التألق والعطاء … وغابت طلّة الوجه الصبوح..!! .

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *