لهيك بكفي!!! أمد للإعلام
أمد/ لا نجد أحدا من أبناء شعبنا الفلسطيني بكافة أماكن تواجده لا يدعو للمصالحة الوطنية، ولا نعرف حزبا او حركة او فصيلا أو كتلة سياسية أو وطنية او مستقلين من العاملين على الساحة الفلسطينية لا يضع اهمية المصالحة الوطنية على رأس برنامجه السياسي ومشروعه الوطني. ولا يوجد من بين الجميع من لا يؤكد على اقامة حكومة وطنية قوية قادرة على فرض القانون وبسط الامن والاستقرار واعادة الامور الى وضعها الطبيعي والنهوض بفلسطين لتاخذ موقعها الريادي واللائق في المنظومة العربية والإقليمية والدولية، وتحقيق ما تصبو اليه الجماهير الفلسطينية المحرومة من العيش المرفه الكريم والحياة الامنة المطمئنة، الا ان الواقع العملي والتطبيق الميداني لكل هذه التطلعات والطروحات ظل يرواح مكانه ولم يرق لمستوى طموح التنظيرات، بالرغم من مرور اكثر من خمسة عشر عاماً من حدوث الإنقسام البغيض، وهذا يشي بوجود شوائب خالطت مسار المصالحة ومعوقات تعرقل التقدم نحو الهدف المنشود.
وحقيقة الامر ان هذا التباطؤ لا يرتبط بعامل واحد او يتوقف عند سبب واحد، فقد لعبت بعض الاطراف الاقليمية والخارجية والمحلية ادوارا مبطنة واخرى مكشوفة لجعل استمرار الحال على ما هو عليه من إنقسام وتشرذم وفوضى واضطراب وازمات ولكل من تلك الجهات اجندته واهدافه، ومع وجود هذه المعوقات والعصي في عجلة إتمام المصالحة، بدأت الشقيقة مصر تحركا مستمرا لتقليل نقاط الاختلاف وتضييق فجوة الخلاف وبعد ما تأكد الجميع من ان استمرار الخلاف لا يخدم فلسطين والفلسطينيين بقدر ما يقدمه من خدمة لاعدائهم والمتربصين بهم الدوائر لانتهاز فرصة الخلافات وتقطيع اوصال الوطن الفلسطيني وتقاسم خيراته وثرواته وتشتيت شعبه بكافة مكوناته، وبعدما أقر كل الشركاء في الوطن الفلسطيني بأن نتيجة الخلافات المستمرة هي الخراب والطوفان الذي لا يستثني احداً.
إنّ ما تطمح إليه الجماهير من فصائلها وأحزابها الوطنية، وبعد كل ما عانته من فقدان للحياة الكريمة في ظل هذا الوضع القاتم، أن يكون لها كرامه وحقوق أساسيه وليست مُطلقه ودوله ديمقراطيه حرة مستقلة، تشارك فيها الجماهير في اختيار ممثليها لا بالتوافق المَقيت، حَلِمهم أصبح بدوله قوية وعدالة توزيع وحق كل فَرد في التأهيل والعَمَل والسَكَن المُناسب والحماية الاجتماعية في حالات البطالة والشيخوخة والمَرَض والحوادث، وبقضاء عادل وفصل للسلطات ويكون الولاء فيها للوطن والمواطن ورؤية واضحة للسياسة وأمنه الوطني غير قابل للتجزئة وجهازه الإداري والأكاديمي، وأن تخضع كل الإدارات والواجهات القضائية والخدمية والمهنية والاجتماعية لسلطه القانون وفوق ذلك سلطه الدستور الذي يستمد شرعيته من الجماهير، في ضوء تحديد الصلاحيات، ويقرَن بمسؤولية الرقابة، لا بالتوافقات المريضة والمراهنة على عامل الزمن وقراءه الطالع، والذهاب إلى سبيلا عرافه عجوز شمطاء لقرائه حظها العاثر.
إن المواطن الفلسطيني يتساءل دوماً وهذا من حقه، عن تاريخ محدد أو حتى متوقع لانتهاء معاناته ومأساته وهمومه اليومية، والتي يعيشها منذ خمسة عشر عاماً وبضعة شهور؟ وهو يريد أن يعرف متى يتوقف الانقسام بحق وحقيقي، ومتى تنتهي حالات التشرذم والمهاترات والاتهامات بين هذا وذاك؟ ومتى تستعيد وزارة الداخلية في الحكومة الجديده سيطرتها على الشارع؟ ومتى يستطيع الأب والأم أن يطمئنا بأن أبناءهما سيعودون من مدارسهم ورياضهم ووظائفهم وأعمالهم إلى بيوتهم سالمين وخاصة في ظل هذا الانقسام اللعين، وأخيراً يتساءل : متى سيبدأ إعادة إعمار ما دمره الاحتلال على مدار السنوات المنصرمة؟
نحن كمواطنين نطالب القيادات الفلسطينية بعدم التخبط في اتخاذ قراراتهم وان يضعوا الوطن والمواطن نصب أعينهم وفي حدقاتهم، والعمل على خدمتهم وتحقيق الرفاهية والحياة الكريمة وتعويضه عن ما لحق به من ظلم واستبداد وتشريد وخراب ودمار وحروب جراء ها الانقسام وجراء الحروب المستمرة عليه من إسرائيل، وتشريع القوانين فورا والتي من شأنها أن ترفع عن مستواه المعيشي.
إن الظروف البالغة الخطورة والحساسية والعصيبة جدا، التي يمر بها وطننا اليوم يلزم فيها على جميع شعبنا الفلسطيني بقواه وفصائله وشخصياته الوطنية والإسلامية والمستقلين، العمل يدا بيد للم الشمل الفلسطيني وتوحيد الصف والموقف والكلمة والإرادة قبل أن يعود وتمزقه رياح الفتنة والنفاق والخيانة والانقسام العاصفة به، وقبل أن يتمكن الاحتلال والإرهاب من تقطيع الوطن وتمزيقه ودفع أبناء الوطن الفلسطيني الواحد نحو حرب أهلية لا تحمد عقباها، فقد بلغ الأمر في الشارع الفلسطيني من الخطورة ما يستلزم إجراء عملية قيصرية سريعة من قبل عقلاء القوم وكبار قادته السياسيين والوطنيين والأحرار والمستقلين والشخصيات المجتمعية والاعتبارية، وخاصة رجال الدين المسلمين والمسيحيين بوطننا الفلسطيني للحد من حالات الانقسام الذي قوض كل مقومات الحياة في وطننا.
تريد الجماهير افعالا من كافه اصحاب القرار ولا ترغب بالخطابات والشعارات البراقة والرنانة، فهناك الكثير من الأطفال يجيدون إلقاء الخطب أفضل من الكثير من القادة والسياسيين
تريد فرص عمل مجزية الأجر
تريد معابر مفتوحة على مدار الساعة
تريد ميناء بحري ومطار جوي وتنمية وإعمار
تريد تعليم متقدم في مناهجه ووسائله وأساليبه
تريد أسواق مليئة بالبضائع
تريد تجارة حرة ومصانع تعمل
تريد كهرباء وماء نقي ووقود
تريد مستشفيات ومستوصفات وعيادات حديثة
تريد حرية في القول والفعل ملتزم
تريد سكن لائق وحدائق ونوادي ثقافية
تريد شوارع نظيفة، وساحات مطرزة بالخضرة
تريد قادة ومسئولون يوفرون لهم السعادة والأمن والحرية
تريد محافظين يرفعون من مكاتبهم أكوام الزهور الورقية الملوثة بالتراب ليفكر بتقديم الخدمات
تريد مجالس بلديات تلقي جانبا بالسبح الكهرمانية والبدل المكوية او اليسر المحببة بالفضة ويسيرون أمام المعدات الثقيلة ليوجهوها برفع الأنقاض والقمامة وشق الطرق
تريد وزراء مخلصين يعملون دون كلل او ملل لخدمته
تريد سفراء نزيهين يسهرون على راحتهم وتقديم الخدمات بدون مقابل
آخر الكلام:
عندما يرفع المرء شعاراً، أو يتلفظ قولاً، ويقطعُ عهداً، فعليهِ تطبيقه أو يموت دونه، وإلا فهو الخزي والعار الأبدي، وكما قال الشاعر: لا تنهَ عن خُلقٍ وتأتي مثلهُ, عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ.