إيطاليا تراهن على المغرب في إنجاح الشراكة الطاقية وتنزيل “خطة ماتي”
يبدو أن هناك تمسُّكًا من قبل إيطاليا بالمملكة المغربية كشريك استراتيجي في إطار جهودها لتنزيل خطة ماتي الساعية إلى تعزيز الحضور الاقتصادي لروما بدول جنوب البحر الأبيض المتوسط والقارة الأفريقية، إذ جرى التأكيد مجددا على الدور الذي يمكن أن يلعبه المغرب في هذا الصدد، خصوصا عبر التعاون معه في مجال الطاقة.
وجمعت محادثات بخصوص هذا الموضوع بين كل من ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ونظيره الإيطالي، أنطونيو تاجاني، على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وكتب تاجاني عقب ذلك على حسابه بمنصة “إكس”: المغرب بالنسبة إلينا شريك استراتيجي، نعمل على تعزيز علاقاتنا البينية بخصوص المجالات ذات الأولوية، بما فيها الطاقة والصحة، مع العمل على تنزيل خطة ماتي”.
وسبق أن أبدت إيطاليا، في يناير الماضي، رغبتها في الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة بالمغرب عبر إنشاء مركز ضخم للتكوين في هذا الصدد، وذلك في إطار خطة حكومة “ماتي من أجل أفريقيا” التي تم استعراضها في خضم فعاليات القمة الأفريقية الإيطالية المنعقدة بالعاصمة روما، والتي حضرها رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش.
كما تسعى روما إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي بأفريقيا عبر خطة ماتي التي تصل ميزانيتها الأولية إلى حوالي 6 مليارات دولار، والتي تعتبر بمثابة آلية ابتكرتها روما من أجل تعزيز استثماراتها في القارة الأفريقية في مجالات الطاقة والتعليم والصحة والزراعة والماء ومكافحة الهجرة غير الشرعية كذلك، وهو كما يؤكد خبراء أن “المغرب معوَّلٌ عليه بقوة من أجل إنجاح هذه الخطة كبلد ذي ثقل سياسي واقتصادي على مستوى القارة”.
وقال خالد حمص، أستاذ متخصص في الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “هناك سعيا إيطاليا واضحا نحو تكثيف التعاون مع المغرب في هذا الصدد من خلال الخطوط العريضة لخطة ماتي الحكومية الإيطالية التي تم الكشف عنها قبل أشهر”.
وأضاف حمص، في تصريح لهسبريس، أن “إيطاليا هي الأخرى من الدول التي تحاول تأمين مواردها من الطاقة على المستوى الخارجي، خصوصا من دول جنوب شرق آسيا، حيث تسعى بالفعل إلى الاستثمار في الدول التي تتميز بالاستقرار السياسي وكذا بالطفرة الاقتصادية، وهو ما ينعكس أساسا على المغرب”، مشيرا إلى أن إيطاليا يمكنها أن تتراجع عن الاستثمار في عدد من الدول غير المستقرة سياسيا وأمنيا بالقارة من أجل ضمان نتائج فعالة”.
ولفت المتحدث إلى أن “إيطاليا اليوم تحاول ضمان احتياجاتها الرئيسية من الطاقة، خصوصا النظيفة، بما فيها الريحية والشمسية وحتى الهيدروجينية كذلك، ما دام أن المغرب صار يتجه منذ سنوات إلى اعتماد هذه الوسائل الجديدة تناغما مع الاستراتيجية الطاقية الوطنية، مما يجعله محط أنظار عدد من الفاعلين الدوليين والشركات الأجنبية الكبرى المشتغلة أساسا في مجال الطاقة”.
وأورد الأستاذ الجامعي أنه “من المؤكد جدا أن المغرب سيكون من أبرز المنخرطين في خطة ماتي الإيطالية التي تستهدف التراب الأفريقي، على اعتبار أن المملكة توفر حيزا مما تبحث عنه إيطاليا أساسا ومختلف الدول الأوروبية، خصوصا الطاقات النظيفة التي تحاول المملكة التأسيس لنموذج منها على مستوى القارة”.
على النهج نفسه سار عبد الخالق التهامي، محلل اقتصادي، قائلا: “يبدو أن الدور جاء على إيطاليا هي الأخرى من أجل بحث سبل التعاون مع المملكة، خصوصا على مستوى الطاقة، حيث إن روما ستكون مستفيدة من أي شراكة تقوم بها مع المغرب في هذا الجانب، موازاة مع سعي دول عديدة إلى ضمان الإمدادات الكافية من الطاقة، بما فيها المتجددة”.
وبيّن التهامي، في تصريح لهسبريس، أن “إيطاليا ربما فهمت الدرس جيدا من جيرانها، بمن فيهم فرنسا وإسبانيا وألمانيا، الذين عادوا ساعين إلى الاستفادة من التجربة المغربية، حيث إن المغرب سيكون شريكا مهما لها في إطار سعيها إلى الرفع من استثماراتها بدول جنوب البحر الأبيض المتوسط وكذا ضمان تموقع جيد على مستوى القارة ككل”.
المتحدث ذاته ذكر أن “المغرب كذلك يعد بوابة عبور إيطاليا نحو باقي التراب الأفريقي، ومن الأساسي أن تطلب دولٌ التعاون مع المملكة في هذا الإطار عبر التأسيس لاستثمارات مهمة، خصوصا في مجال الطاقات المتجددة والنظيفة”، مشيرا في الأخير إلى أنه “لا يمكن قراءة الإصرار الإيطالي على التعاون مع الرباط بدون الإشارة إلى المقومات التي يتوفر عليها، سواء السياسية أو الاقتصادية أو المتعلقة بالبينية التحتية والقرب من الأسواق الكبرى”.
المصدر: هسبريس