اخر الاخبار

حزب الله يعاني الارباك أمد للإعلام

أمد/ مجددا أعود لقراءة تداعيات عمليات الاستهداف الإسرائيلية لقيادات وكوادر حزب الله في عقر دار الحزب، في الضاحية الجنوبية/ بيروت أول أمس الجمعة 20 أيلول / سبتمبر الحالي، حيث قامت 4 طائرات حربية من طراز F35 من قصف مبنى سكني في حي الجاموس بمنطقة صفير يوجد به مقرا لقيادة قوات الرضوان العسكرية في حزب الله، بعد وصولها معلومات عن اجتماع هيئة اركان قيادة القوات برئاسة الحاج إبراهيم عقيل (الحاج عبد القادر)، والذي اعترف الحزب ببيان النعي الرسمي برحيله مع نائبه احمد وهبي وباقي القيادة العسكرية لقوات النخبة العسكرية في الحزب، وحسب مصادر الحزب فإن عدد الضحايا حتى إعداد هذا المقال مساء امس السبت، وفق مصادر الحزب بلغ 37 شهيدا، وعشرات الجرحى، فضلا عن تدمير مبنيين سكنيين مكونين من طوابق عدة.
والاستهداف الجديد يأتي بعد 48 ساعة من ضربات يومي الثلاثاء والأربعاء الموافقين 17 و18 أيلول / سبتمبر الحالي، التي نجمت عن تفجير البيجرات وأجهزة الهوكي وكي مع القيادات والكوادر العسكرية والأمنية والسياسية للحزب، وحصد استشهاد العشرات واصابة الالاف منهم، جراح العديد منهم بالغة ومؤلمة. المهم تؤكد العملية العسكرية الاجرامية الإسرائيلية، ما ذكرته قبل 3 أيام، من أن هناك خرق كبير وواسع في صفوف الحزب، ونجم عن ذلك حدوث ارباك شديد في صفوف الحزب. والاهم أن قيادة الحزب العسكرية لم تتعلم من الدرس فورا، وبقيت تتعامل مع مراكزها ومقراتها بشكل طبيعي، وتجاهلت الاختراق الإسرائيلي لمؤسساتها، كون الامر لا يتعلق فقط بمن اشترى، ومن باع البيجرز، وكيف وصل الاختراق، وأين ومن وضع الشحنات المتفجرة في أجهزة الاتصال، انما هو أوسع وأعمق من ذلك. لان الاختراق الأكبر داخل صفوف الحزب القيادية والكادرية.
وهنا يبرز اسئلة عديدة، لماذا لم تغير قيادات الحزب السياسية والعسكرية والأمنية مقراتها فورا، ودون انتظار؟ وعلى أي أساس واصلت العمل بذات الاليات؟ الا يكشف ذلك عن جهل وفقر حال أمني؟ ولماذا لم يوسع الحزب خياله الأمني، وحصرها في أسئلة ذات صلة بتوريد وتصدير أجهزة البيجر، ومن يقف خلفها، وما هي الوسائل، التي انتهجت في الاعداد والتخطيط لإرسال البيجر الى الحزب، وضاعت باقي الأسئلة المتعلقة بكل المنظومة الأمنية من الفها الى يائها، وطرح مئات الأسئلة على الذات، قبل ان يطرحها قادة الحزب على الإسرائيليين والاميركيين والتايوانين والمجريين واليابانيين والبلغار وغيرهم ممن اشير الى علاقتهم في جريمة الحرب، بغض النظر ان كانوا مشاركين، ام تم اسخدامهم من حيث لا يدرون. ولماذا لم تلجأ القيادة العسكرية الى الانفاق المتوفرة عند الحزب لعقد اجتماعاتها؟
واضح ان قيادات الحزب تجاهلت نقطة مركزية في سياستها الأمنية، وهي ان حزبهم وسع قاعدته بعد عدوان تموز/ يوليو 2006، ودخوله المعترك السياسي، حيث تعززت مكانته وسلطته السياسية والبرلمانية والأمنية، مما سمح بانخراط قطاعات جديدة لمكونات الحزب، وارتقوا في سلم الهيئات الحزبية والأمنية، ومن بينهم اندست اعداد جديدة من الأشخاص المرتبطين بجهات أمنية لبنانية وغربية وإسرائيلية، وسمح لها بضخ معلومات هامة للجهات المتواصلة معها.
وفي ظل هذا التطور النوعي في حياة الحزب، حدث الاختراق الكبير في صفوفه، ومعروف لكل ذي بصيرة، أن السلطة تعمي أصحابها، ويفقدها المحاذير الواجبة في اختيار المنتسبين لدوائر الحزب المختلفة، وتضعف قدرة القائمين على استقطاب العناصر الجديدة بالتدقيق، وتصبح الابعاد الجهوية والفساد متعدد الجوانب عاملا مؤثرا في تراخي الضوابط الناظمة لعمل الهيئات القيادية. كما ان هناك عاملا مهما، ان هناك العديد من اتباع الحرس الثوري والمسؤولين الإيرانيين المخترقين تمكنوا من خلال تواصلهم مع مؤسسات الحزب برصد وتجميع المعلومات عن المنظومة الأمنية للحزب، وارسالها للأجهزة الأمنية الغربية والإسرائيلية على حد سواء. لا سيما وان هناك اختراق أمني كبير في صفوف الإيرانيين
وكما ذكرت سابقا، ان الولايات المتحدة كانت شريكة أساسية في إدارة العمليات المستهدفة قيادات وكادرات الحزب المطلوبة للإدارة ولإسرائيل. ولعل تصريح مستشار الامن القومي الأميركي، جيك سوليفان أمس السبت يعكس ذلك بشكل غير مباشر، عندما اعتبر ان اغتيال القيادي بحزب الله، إبراهيم عقيل، يحقق العدالة بحق الحزب، الذي تدعمه إيران. وهو المتهم من قبل الأجهزة الأمنية الأميركية، بانه كان متورطا في تفجير السفارة الأميركية في بيروت في نيسان / ابريل 1983، ونجم عنه مقتل 63 شخصا، وهجوم ثكنات مشاة البحرية الأميركية في تشرين اول / أكتوبر 1983، الذي أسقط 241 قتيلا اميركيا. وعلى إثر هذا الاتهام صنفته وزارة الخزانة الأميركية في تمز/ / يوليو ك”إرهابي”، كما ان وزارة الخارجية الأميركية في أيلول / سبتمبر 2019 باعتباره “إرهابي عالمي”. وبالتالي الإدارة الأميركية ضليعة في جرائم الحرب التي استهدفت قيادات وكوادر الحزب.
في كل الأحوال من الواضح جدا، ان هناك اختراق كبير في صفوف الحزب، مما يفرض على قياداته المختلفة إعادة النظر والتدقيق في البناء الداخلي لمؤسسات الحزب، والبحث عن المتسللين لصفوفه، حتى يستعيد عافيته، إن تمكن من ذلك. وعليه فإن الحزب، فضلا عن خياره المبدئي في عدم توسيع نطاق الحرب الإقليمية، والمحافظة على قواعد الاشتباك المتفق عليها. وكون القيادة الإيرانية لا تسعى لتوسيع نطاق الحرب الاقليمية، فإن عملية الاختراق الواسعة والعميقة لصفوفه، الذي عكسته كلمة الأمين العام لحزب الله قبل 3 أيام الهادئة والضعيفة، وهو ما يتوجب عليه التريث وعدم الاندفاع نحو الرغبة الإسرائيلية الأميركية في جره الى متاهة الحرب الإقليمية، وإعادة ترتيب شؤون بيته الداخلي. ورحمة الله على الشهداء جميعا.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *