تعقيب على الأستاذ نضال عبد الوهاب ليس حوارها إنما إخراجها للعلن
عادل إسماعيل
“أحزاب” اليسار ، والتي أنفقت أنت وغيرك جهدا ثمينا في إنعاشها بأفكار شتى بلا جدوى ، يعلمون أن إصلاحها يعني تبددها وزوالها في الحياة السياسية .. وهذا هو السر في عزلها للشباب حينما أدارت السلطة الانتقالية وذلك لأن دمج الشباب ، في الانتقال ، كان سيجر معه أسئلة تجعل خدود “الأحزاب” متوردة ، كلماذا تتمركز الديمقراطية في لجنة ، أو لماذا يتشبث النوباوي السوداني الأصيل بعروبة السودان ، أو لماذا يعيش رئيس حزب خارج بلده ، أو لماذا يلح رئيس حزب على احتكار السلطة الزمنية والدهرية احتكارا وسواسيا ..
وبالرغم من ذلك ، نرى أن أكثر القرارات طفولية ، والتي اتخذت في الفترة الانتقالية ، هي حل حزب الإسلاميين “المؤتمر الوطني”!! إلا إذا أجبروا عليه أجبارا ، و لا شيئ يجبرهم سوى العمل في الضوء ومحاصرتهم بهذا الضوء . ولا أعتقد أن الشعب السوداني يهتم أن يدعي الإسلاميون أنهم فرقة ناجية يوم الحشر ، أو أنهم يعرفون الطريق إلى الجنة ويرغبون في احتكارها ومعها الأنبياء المرسلين ، إنما يهمه بالدرجة الأولى محاسبتهم على ما اقترفوه من نهب للثروات وإرجاعها وعلى الجرائم المرتبطة بها وتسويتها .
إن التفكير في وقف هذه الحرب البليدة يبدأ بالتخلي عن الروايات غير الواقعية مثل إن الجيش يسيطر عليه الإسلاميون سيطرة محكمة ، أو أن “الدعم السريع” يجب إفناؤه عن بكرة أبيهم . فلو كان الإسلاميون يسيطرون على الجيش سيطرة كاملة لما صنعوا له الدعم السريع وربوه وفضلوه عليه حد الإذلال . فهم خلقوا “الدعم السريع” لأنهم يدركون أن هذا الجيش يمكن أن يخرج من ثناياه كمحمد صديق وحامد الجامد ..
وأما “الدعم السريع” ، فواقع شاذ ممض ، ولكنه فيعرف ألا مكان له خارج الجيش ، وأن مصيره الاندماج في الجيش ، وبشروط هذا الجيش . على سبيل المثال ، لا مكان لرتبة اللواء إلا عبر دخول “الكلية الحربية” ، وقس على ذلك من مفاهيم الاندماج المتعارف عليها عالميا .
لذلك ، لا ضرورة لحوار سياسي مع الإسلاميين أو “التقدميين” ، إنما حملة السلاح المتقاتلين فحسب ، على أن تمتد الفترة الانتقالية بسيطرة العسكر في الشأن الأمني حتى تتم السيطرة على السلاح السائب . وخلالها يسمح لكل أصحاب المشاريع السياسية بطرح ما عندها ، وسبق أن فصلنا بعض الشيئ في ذلك في مقالنا المشار إليه آنفا .. وفي غضون ذلك ، تعمل أزموزيا السياسة فعلها الطبيعي بغربلة المشاريع السياسية المطروحة فتسقط الأفكار الصبيانية في جب العدم ، ويبقى أصلحها نفعا للناس ، ولي أملي كبير في الشباب لإنشاء أحزاب واقعية تستوعب ما حصل من حروب ومآسي ، أحزاب من واقعنا ما من أكتر ..
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة