اخبار المغرب

مدارس الريادة .. اختلالات مشروع بنموسى تسرع بنهاية مبكرة لرؤيته الإصلاحية

قال الباحث في قضايا التربة والتكوين والسياسات التعليمية، سعيد اخيطوش، إن الدخول المدرسي الحالي يأتي في ظل استمرار تقديم الملاحظات ونقد تجربة نموذج المدرسة الرائدة بالمغرب من قبل العديد من الباحثين والمهتمين الذين يقدمون مجموعة من الملاحظات والإشارات لوجود خلل في المشروع وجب تصحيحه لتفادي إهدار الجهد والمال دون بلوغ النموذج الجديد للمدرسة المغربية الذي يليق ببلد المغرب.

وأشار أخيطوش ضمن تصريح لجريدة “العمق” إلى أن هذا الدخول سيضيف للمدرسة المغربية العديد من التغيرات منها على وجه الخصوص توسيع تجريب نموذج المدرسة الرائدة أفقيا وعموديا. فقد هم هذا المشروع في فترته التجريبية ما يصل إلى 628 مدرسة ابتدائية، وسيبلغ بالنسبة لهذه المدارس 2628 مؤسسة، بالإضافة إلى انتقاله للسلك الإعدادي بانخراط 230 ثانوية إعدادية في تجريب نفس النموذج.

ولفت إلى أن هذه المؤسسات تتوزع حسب المجالات الجغرافية والمناطق وجهات المملكة بطريقة متحكم فيها من قبل فريق مركزي، بعد التعبير عن الرغبة من قبل العاملين بها والاقتراح من قبل المديريات الإقليمية وكذا الأكاديميات.

وقررت الوزارة التوسيع التدريجي لمشروعها، إذ سينتقل عدد هذه المؤسسات من 626 إلى 2.626 مؤسسة ابتدائية خلال الموسم الدراسي الجاري 2024/2025، وذلك في أفق تعميم هذا المشروع وبلوغ 8.630 مؤسسة ابتدائية في الموسم الدراسي 2027/2028.

كما سيتم، وفق وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إطلاق مرحلة تجريبية لمؤسسات الريادة بالسلك الثانوي الإعدادي، بـ 230 مؤسسة خلال موسم 2024/2025، على أن تنتقل إلى 730 مؤسسة خلال موسم 2025/2026، في أفق التعميم برسم الموسم الدراسي 2028/2029.

وأضاف الخبير التربوي، اخيطوش سعيد، أن التعبير عن الرغبة في السنتين الأولى والثانية قد تم بمعطى وجود منحة دائمة لفائدة العاملين في المؤسسات المنخرطة في المشروع، ولن يتأتى للوزارة والباحثين في قضايا التعليم بالمغرب الوقوف على صدق هذه الرغبة إلا مع نهاية الموسم الدراسي الحالي، خصوصا بعد صدور المرسوم الذي جعل المنحة خاصة بالسنة الأولى فقط، وهو ما سيؤثر حتما في جدية الانخراط لدى المؤسسات الجديدة برسم الدخول المدرسي الحالي.

وأوضح المتحدث أنه من بين أبرز الملاحظات التي أثيرت حول نموذج مؤسسات الريادة إغفال لغة رسمية للبلاد وعدم الاشتغال على توفير عدة تدريسها بمؤسسات المشروع، للموسم الدراسي الثاني على التوالي، وهو ما يعتبر تعسفا منافيا لدستور المملكة وتقويضا لجهود أخرى تبذل من قبل أصحاب مشروع تسريع تعميم تدريس اللغة الأمازيغية ضمن نفس الوزارة.

وأشار اخيطوش ضمن تصريحه إلى إرغام مدرسي الأمازيغية (مدرس متخصص) على الانخراط في دعم المواد الأخرى، علما أنه لم يستفد من التكوين اللازم لذلك في تكوينه الأساس، زيادة على كون ذلك يشكل ضربا واضحا للمشروع الذي يبتغي الجودة ويجعل من التكوين العميق أحد أسسه الكبرى. مسجلا في هذا السياق لجوء العديد من المديريات الإقليمية، خلال الدخول المدرسي الحالي، لمسطرة الزجر من خلال توجيه استفسارات وتحرير انقطاعات عن العمل واعتبار الرافضين للانخراط في حالة غياب، تقتطع من أجورهم الفترة الخاصة بالدعم ضمن مكون TARL.

ولفت المفتش التربوي بقطاع التربية الوطنية إلى انهيار الأركان الأساسية للمشروع والمتمثلة في التحفيز والإشهاد بعد معركة النظام الأساسي التي خاضها الأساتذة. فالمنحة المالية التي كانت تراهن عليها الوزارة لضمان الانخراط الفعلي والجاد أصبحت مرة واحدة نظرا لإقرار زيادة في الأجر بالنسبة للجميع. كما أن معطى اعتماد الإشهاد للترقي قد أصبح مجرد كلام بعد صدور النظام الأساسي الجديد.

وذكر المصدر ذاته بما أسماه بـ”التراجع” عن إعداد دروس الدعم مركزيا، ومطالبة المنخرطين المحليين في المشروع بالتخطيط للدعم، وهذا ضرب واضح للمشروع لكون تحفيز المدرسين على الانخراط كان يقضي بتوفير كل العدة وخصوصا التخطيطات التي لن يجد هذا المدرس بدا من اعتماد تلك الخاصة بالسنة الماضية علما أن مجموعة القسم مختلفة تماما، وفق تعبيره.

وقال أيضا إن المشروع اعتمد على تجارب دولية خاصة ببيئات محدودة لم تثبت بعد نجاعتها خصوصا في مكون الدعم حسب المستوى المناسب والتعليم الصريح. فالبيئات التي استقدم منها نموذج TARL مثلا تتسم بالهشاشة الكبيرة وبضعف التحصيل الدراسي الذي يبلغ مستويات أقل بكثير مما يسجل بالنسبة للمتعلمين المغاربة. وأضاف أن أغلب البلاغات والمنشورات الوزارية تسير في اتجاه الطمأنة وتأكيد النجاحات التي يفتقر بعضها للموثوقية العلمية، بل قد تكون غير منطقية بتاتا وكمثال حي عن ذلك القول بربح سنتين من التعلم بعد شهر وبضعة أيام من الدعم والاستدراك، مما يفضي مباشرة لإمكانية اختصار السلك الابتدائي برمته في سنة واحدة.

ومن ضمن الملاحظات التي وجهها النفتش التربوي لمشروع بنموسى الاهتمام أكثر بالتعلمات الجزئية واعتبارها نجاحات مسجلة بالنسبة للمشروع، فإنجاز عملية جمع عددين مثلا لا تعني بأن المتعلم قد اكتسب كفاية معينة في الرياضيات إلا بعد استخدامها ضمن مناولات ومسائل نجدها غير واردة في البلاغات والمنشورات الصادرة لتأكيد النجاح، فضلا عن اعتماد عدة بيداغوجية لا تساير المنهاج وكذا الأطر المرجعية للامتحانات الإشهادية المعتمدة بشكل رسمي من قبل الوزارة، حيث نقدم مثالا يتعلق بالمستوى السادس الذي أصبح يدرس بتعلمات المستوى الرابع ابتدائي، في مادة اللغة الفرنسية، دون تغيير منهاجي صريح وامتحان إشهادي مطابق للمستوى الرابع ويخالف الأطر المرجعية.

وأكد المتخصص في الشأن التربوي على أن المشروع يسهم في تكريس التمييز وعدم تكافؤ الفرص بين المتعلمين المغاربة في عدة حالات، منها وجود إمكانية لتدرج متعلمين في مستويات المدرسة دون الاستفادة من التمدرس في مؤسسة رائدة وذلك راجع لوتيرة تنزيل المشروع. ثم الانتقال للسلك الإعدادي سيجعل متعلمي المدرسة العادية ومتعلمي الريادة زملاء في نفس الأقسام علما أن كل منهم قد تمدرس بطريقة مخالفة للأخر.

وبخصوص إنهاء العمل بمبادرة مليون محفظة ضمن تصور جديد للدعم الاجتماعي عموما، وما يرتبط بتشجيع المغاربة على التمدرس بشكل خاص، قال اخيطوش إن إيقاف العمل بمبادرة مليون محفظة لمتعلمي المؤسسات التي لا تنخرط في المشروع وتوفير الأنشطة وعدم الاعتماد على كتاب مدرسي بالنسبة لمتعلمي المؤسسات المنخرطة يكرس أكثر هذا التمييز وعدم تكافؤ الفرص.

واستطرد قائلا: “إن استفادة مؤسسات الريادة من اعتمادات مالية كبيرة قد تصل إلى 100000 درهم لتنفيذ مشروع المؤسسة هو على حساب المؤسسات الأخرى التي أصبحت تفتقر حتى لوسائل الكتابة وذلك نظرا لإعطاء الأولوية في رصد الميزانية لهذه المؤسسات وتقسيم الباقي على المدارس العادية”.

وأشار أيضا إلى عدم توازن التحفيز المالي بين مختلف الفئات المنخرطة في المشروع مقارنة بالجهد المبذول، خصوصا بين المدرس الذي سيحصل على المنحة المالية مرة واحدة بينما سيسهر دوما على التنزيل الأمثل للمشروع في حين أن فئات أخرى ومواقع أخرى ستحصل على تعويض شهري دائم، فضلا عن إغفال التعليم الخصوصي بشكل قطعي من مخطط تنزيل النموذج الجديد للمدرسة المغربية علما أن الوزارة ومن خلال مذكراتها وقراراتها تعتبره شريكا استراتيجيا في تعميم التمدرس والارتقاء بالمدرسة المغربية.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *