مساهمة: الإعلام الفرنسي يغرق في أزماته ويهاجم انتصارات الجزائر
في خضم الأزمات الداخلية التي تعصف بفرنسا، يظهر الإعلام الفرنسي كعجلة معطّلة في محاولاته لتشويه سمعة الجزائر، متجاهلاً بذلك الواقع المتدهور الذي تعيشه فرنسا. فبينما تزداد الاحتجاجات وتتصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يختار الإعلام الفرنسي التركيز على الهجوم على الجزائر، كوسيلة للهروب من مشاكل فرنسا العميقة.
تُظهر قناة “فرانس 24” التي تعتبر أبرز أدوات الإعلام الفرنسي، بشكل متعمّد نزعة للتشهير بالجزائر، محاولة فرض روايات مغلوطة تتناقض مع الواقع. في هذا السياق، ردت وكالة الأنباء الجزائرية بقوة، واصفةً القناة بـ”قناة القمامة”، في تعبير عن استنكارها الشديد للتدخل الفرنسي المستمر. هذا الرد يعكس حقيقة أن الجزائر، التي نالت استقلالها بعد ثورة دامية ضد الاستعمار، أصبحت قوة إقليمية قوية ومستقلة، لا تقبل أن تُعامل كـ “محمية” فرنسية.
تسعى وسائل الإعلام الفرنسية إلى تشويه صورة الانتخابات الجزائرية واتهامها بعدم النزاهة، رغم أن الشعب الجزائري جدّد ثقته بشكل قاطع في الرئيس عبد المجيد تبون، الذي قاد البلاد نحو الاستقرار السياسي والتنمية المستدامة. وبالرغم من الهجمات الإعلامية، أثبت الشعب الجزائري وعيه وقدرته على التمييز بين الحقائق والأكاذيب، مما أفقد الحملات الخارجية فعاليتها.
في المقابل، تعاني فرنسا من أزمة اقتصادية خانقة، حيث تجاوزت ديونها 3000 مليار يورو، مما يجعلها واحدة من أكثر الدول الأوروبية مديونية، تضاف إلى ذلك الاحتجاجات المستمرة مثل “السترات الصفراء” وتدهور الوضع الاجتماعي والسياسي، مما يعكس أزمة هوية عميقة في المجتمع الفرنسي. الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي جاء بوعود إصلاحية، يواجه برلمانًا ضعيفًا وأزمات متفاقمة، مما يعكس فشلًا في معالجة المشاكل الأساسية.
قبل سنوات، وصف المؤرخ الفرنسي نيكولا بافيريز فرنسا بأنها “رجل أوروبا المريض”، وتبدو هذه التوصيفات اليوم أكثر دقة من أي وقت مضى. التدهور المستمر في فرنسا هو نتيجة لتأثيرات حرب التحرير الجزائرية، حيث ترك الصراع الإستعماري جرحًا عميقًا في الوعي الفرنسي، ويبدو أن هذا الإرث الاستعماري يلعب دورًا في الهجمات المتواصلة على الجزائر، في محاولة للتغطية على الأزمات الداخلية.
في سياق التحولات الكبرى في إفريقيا، حيث كانت فرنسا تاريخيًا قوة مؤثرة، تتعرض باريس الآن لرفض متزايد، دول مثل مالي والنيجر بدأت في الابتعاد عن فرنسا متجهة نحو قوى جديدة مثل الصين وروسيا. وفي ظل هذا التراجع، تتحالف فرنسا مع المغرب الذي يُنظر إليه بشكل متزايد على أنه حليف فاقد للسيادة لدعم احتلال الصحراء الغربية، متجاهلة مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.
في المقابل، تبرز الجزائر كدولة ذات سيادة قوية، تتعامل بنديّة مع القوى الدولية وتتمسك باستقلاليتها. الجزائر تُثَبِت اليوم أنها ليست تابعة لأي قوة خارجية، بل إنها قوة إقليمية صاعدة، تعتمد على دبلوماسية متوازنة وتحافظ على مصالحها الوطنية. بينما تواصل الجزائر تقدمها نحو الاستقرار والتنمية، تغرق فرنسا أكثر في أزماتها المتفاقمة، باحثة عن مخرج من المأزق الداخلي والخارجي المتزايد تعقيده. هذا الصراع الإعلامي المتواصل الذي يظهر في هجمات وسائل الإعلام الفرنسية، يعكس بشكل واضح ضعف فرنسا الداخلي وعجزها عن مواجهة التحديات التي تهدد مكانتها كدولة كبرى، في الوقت الذي تؤكد فيه الجزائر سيادتها وكرامتها، رافضةً كل محاولات التشويه والتدخل.