الأكاديمي البازعي يكشف تناقضات تصوير العرب واليهود في الثقافة الغربية
في حديثه ضمن برنامج “في الاستشراق” الذي يقدمه الإعلامي المغربي ياسين عدنان على قناة “مجتمع” بمنصة “يوتيوب”، سلط الأكاديمي والمفكر السعودي الدكتور سعد البازعي، أستاذ الأدب الإنجليزي المقارن بجامعة الملك سعود، الضوء على مسألة التباين الثقافي وكيفية تطور الفكر والإبداع في سياقاته التاريخية.
البازعي أكد أن الاختلاف بين الثقافات والأمم أمر طبيعي يعكس مسارات مختلفة من التطور. ورغم هذا التباين، يرى البازعي أنه ليس من الحتمي أن يظل الفكر والإبداع محصورين في أصولهما أو مرتبطين بجذورهما بشكل دائم، حيث يمكن لهذه العناصر أن تتجاوز الإطار الزمني والمكاني الذي نشأت فيه.
وأوضح صاحب كتابي “المكون اليهودي في الحضارة الغربية” و”استقبال الآخر الغرب في النقد العربي الحديث” أن التداخل بين الثقافات أصبح واسعًا بشكل كبير خلال القرنين الأخيرين على الأقل، مما أدى إلى تجاوز المفاهيم الصارمة للهويات الثقافية.
وذكّر بأنه في الماضي كانت الثقافات تعيش في عزلة نسبية، ما جعل الحديث عن هويات صارمة أمرا ممكنا، لكن مع تزايد التواصل والتفاعل بين الثقافات، لم يعد من الممكن الاستمرار في استخدام هذه المعايير بالصرامة نفسها.
وفي سياق الحديث عن التعددية العرقية والثقافية، فرّق البازعي بين الاختلاف العرقي والاختلاف الإثني، مشيرًا إلى أن الإثني يمزج بين العرق والثقافة. وأعرب عن اعتقاده أن هذا التداخل بين العرق والثقافة يتيح فهماً أعمق لبعض الظواهر التي لا يمكن تفسيرها عبر العرق أو الثقافة بمفردهما.
تناول البازعي في حديثه ضمن الحلقة ذاتها موضوع الأقلية اليهودية في الغرب، وأوضح أن اليهود كانوا أقلية مميزة في المجتمعات الغربية، حيث قدموا أنفسهم على أنهم يمتلكون إرثًا دينيًا وثقافيًا متفوقًا، وهو ما جعلهم يختلفون عن أقليات أخرى مثل الغجر.
وأشار إلى أن العلاقة بين اليهود والمجتمعات الأوروبية كانت معقدة، حيث واجه اليهود صعوبة في الاندماج الكامل، رغم المحاولات التي قاموا بها للحصول على الشرعية الاجتماعية والثقافية. وضرب مثلاً بالمفكر اليهودي موشيه مندلزون الذي ترجم التوراة إلى اللغة الألمانية، في خطوة نحو الاندماج مع المجتمع المسيحي الألماني، مبرزاً أنه رغم هذا، فإن مندلزون واجه أزمة هوية عميقة بعد أن وُجهت إليه أسئلة حول استمراره في اعتناق الديانة اليهودية في مجتمع مسيحي.
وفي حديثه عن السينما الغربية، أشار المتحدث إلى أن تصوير شخصية العربي المسلم في هوليوود لا يزال محكومًا بالتصورات النمطية السلبية، على عكس الأدب الذي يظهر فيه تنوع أكبر في تصوير هذه الشخصية، معتقدا أن السبب وراء ذلك يعود إلى الجماهيرية التي تحكم صناعة السينما، حيث تتوجه الأفلام إلى جمهور واسع، قد يكون من العامة والأميين، بعكس الأدب الذي يتوجه إلى نخبة من القراء المثقفين.
وخلص الأكاديمي والمفكر السعودي إلى الحديث عن المعايير المزدوجة التي تُمارس في الغرب تجاه العرب والمسلمين مقارنة باليهود، موردا أنه في الوقت الذي يسمح فيه بالتعبير بحرية عن الصور النمطية السلبية للعرب والمسلمين في السينما الغربية، لا يمكن التعبير بالحرية نفسها عن اليهود، مشيراً إلى أن شخصية اليهودي التي كانت تظهر في الأدب الغربي، كما في أعمال شكسبير مثلاً، قد اختفت تقريبًا من السينما الحديثة، بينما تستمر شخصية العربي المسلم في الظهور بصور نمطية سلبية.
المصدر: هسبريس