مخابي الرئيس
سبف الدين خواجة
في طرفة مسربة وغير مباشرة من طرف الرئيس نميري الكثيرة داعب فيها القذافي في اول زيارة له الي ليبيا لما راى من تدافع جماهيري عفوي فقال له هل هذه جماهيرك فاجابه القذافي بالايجاب فرد عليه نميري قائلا وهو يبنسم (بختك تحكم لما تموت) وهنا ابتدره القذافي وانت يا جعفر فقال النميري انا امري محير ومزعج فاذا فطرت لا اعرف اين الغداء في السجن او معتقل او مغتال ، وصدق نميري فيما قال وهذا ما حدث لهما .
ولعل الرئيس نميري اكثر رئيس تعرض لمحاولات انقلابية في فترته ظاهرة ومخفية بدات مع الانصار بودنوباوي بصورة دامية وتطورت الى غزو الجزيرة أبا معقل الانصار وهروب الامام الهادي المهدي واغتياله في الحدود على اكثر من رواية وكذلك فان الاسلامي محمد صالح عمر في بداية احداث الجزيرة أبا وفي ربك ثم الانقلاب الشيوعي في يوليو 1971م ثم انقلاب المقدم حسن حسين في 1975م فيما عرف بالمحاولة العنصرية وبعدها باقل من سنة هجوم المرنزقة من ليبيا بقيادة العميد محمد نور سعد الذي كان قد وضع خطة دفاع الخرطوم لذلك سهل غليه اختراقها واستلامها ولولا طمعه في التهام الكيكة كاملة لكان الامر مختلفا وكانت من ورائه الجبهة الوطنية بليبيا المكونة من حزب الامة والاتحادي وجبهة الميثاق الاسلامية بقيادة حسن الترابي وهناك حركات كثيرة تم السيطرة عليها في مهدها !!! .
رغم عدم حالة الاستقرار السياسي من الاستقلال وكثرة الانقلابات الا ان اسرارا كثيرة جدا في السياسة السودانية للخلود مما جعل مكتبتنا فقيرة جدا في هذه الناحية خاصة ان الصحافة والصحفيين مروا بفترات عصيبة اضاعت كثيرا من الفرص التي كانت تجعل المكتبة السودانية غنية بانتاج لو ان السياسيين انفسهم كتبوا مذكراتهم وما مروا به من ازمات في الحكم لكان اليوم لنا خبرة كبيرة وفهم لمعني قيمة الوطن والدولة لان كل الاضطراب الذي لازمنا كان يضرب الوطن في مقتل وبناء الدولة الهشة في ركائزها ونحن نعتقد اننا نحارب بسبب فهمنا الخاطي لمعنى المعارضة مما ارزانا الى ما نحن فيه الان !!! .
ولذلك يتبادر للذهن معقول رئيس بهذا القدر من الوعي بالهاجس الامني وبما يجري حوله لا تكون له مخابئ يلجا اليها في الازمات !!! .
لاشي مكتوب بين ايدينا او شفاهة تسرب وسط الناس او ذكرنه مجالس المدينة وقتذاك لمدينة ما كانت تنام الا مع تباشير الفجر بين الافراح وسهرات الاندية المهنية ومجالس الانس والسمر!!! .
شخصيا استشففت ثلاثة مخابي في حياة الرئيس نميري من خلال مصادر شفاهيه وذلك من خلال احداث هجوم المرتزقة بقيادة العميد محمد نور سعد الذي استلم كل الاماكن الحساسة واهمها يومها مطار الخرطوم للقبض على الرئيس لدى هبوط طائرته فجرا من زيارة خارجية فما كان من العميد محمد يحيى منور مدير الاستخبارت الا ان دخل المطار بسيارة مدنية خاصة ماركة فلوكسواجن حمراء حتى سلم الطائرة وبمجرد انتهاء النميري من مصافحة كبار مستقبليه همس في اذنه مدير الاستخبارات ان هناك انقلابا وان المطار تحت سيطرتهم بالكامل وعليك ان تركب هذه السيارة وتذهب اما الى المخبا الاول في بري او الى الجريف حيث المخبا الثاني وباحساسه الامني العالي اختار الرئيس مخبا الجريف لانه الاكثر امانا ومكث به ثلاثة ايام حتى انجلى الموقف بقيادة اللواء محمد الباقر احمد نائب الرئيس الذي ادار المعركة من القصر بخطوط تلفونية عن طريق محطة سوبا اما عميد الاستخبارات محمد يحيى منور فقد لقي مصرعه صباح اليوم التالي بشارع النيل باصابة من قناص في الاشجار حيث كان يقوم بالاشراف على تنظيف الشارع !!! .
اما المخبا الثالث فقد عرفته بالصدفة من خلال خدمتي كاتبا في احد الأسلحة بام درمان في بداية السبعينات وهو غرفة مهجورة في مبني الادارة العليا ولم نر بابها يفتح مطلقا طيلة فترة عملنا الا مرة واحدة يوم ان خرج منها الرئيس نميري بكامل بزته العسكرية واتضح انها غرفة مجهزة تجهيزا سبعة نجوم وفي وسطها رسم مدينة الخرطوم ومعالم خطة دفاعها وهذا ما حصلنا عليه وما خفي اعظم ذهب مع صاحبه للخلود شانه شان كل الساسة السوانيين !!! .
نعود لفترة نميري كثيرا لملاحظة ان الاجيال الحالية لا تعرف عن تاريخنا قبل الانقاذ كثير شي مما جعل التباعد بين الاجيال مصيبة اخرى من مصائينا التي نجنيها بايدينا علي وطننا ودولتنا دون وعي قومي منا !!! .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة