صرخات قوز هندي
محمد الصادق
الصرخات التي أطلقتها النساء في منطقة قوز هندي بمروي ، هي موقف غير معتاد ، ويعتبر “فلتة” لا أدري كيف اجتازت الجيش الجرار ، الذي يصاحب “الزعيم” من موظفي مراسم وأمن وحرس و .. و ..
الذين يتعاونون ، لكي تكون حتي الزيارات التفقدية للمسؤولين الرفيعين لقاءات مصطنعة .. غير حقيقية .. “ممنتجة”، لا تعبر عن الواقع ، حتي تتطابق مع التقارير المغشوشة التي ترفع روتينيا لأولئك المسؤولين.
السودان ظل علي مدار عشرات السنين يدار بأنظمة شمولية ليس بها مؤسسات فاعلة تشارك في إتخاذ القرار غير “مؤسسة” الرئاسة ، والتي هي مجرد مجموعة صغيرة شديدة الإنتهازية ، وذلك حتي في ظل الحكم الديمقراطى فمشاكل بسيطة لأفراد أو لقرية صغيرة أو حارة ، لا تحل إلا اذا وجدت لها طريقا ، تصل به لفخامة السيد الزعيم ؛ واظنكم قد لاحظتم كيف تجاهلت حكومة الثورة نفسها تنفيذ أهم بنود الوثيقة الدستورية ، وهو تشكيل البرلمان في غضون تسعين يوما ، فنخبنا السياسية لا تري في البرلمان سوي “كلام كتير” و ” مناقرة” هم في غني عنها.
معاناة الحرب لا يمكن تخيلها ، فحتي الناس العاديين الذين يعيشون هذه المعاناة يكتشفون كل يوم وجها قميئا من وجوه المعاناة يعيشه البعض ، لدرجة أن الناس يتمنون أن يعود الإستقرار حتي لو بتقسيم البلاد ولو إلي عشر دول ، وحتي لو بعودة الحكم التركي المصري أو الأنجليزي.
من أكثر المواقف المخجلة للطرفين المتحاربين هو اعاقتهما لوصول الإغاثة الخارجية ، أي أن الطرفين (دسّوا المحافير) ف(لا خيرا منهم ولا دخانا يعمي) ، وحتي الأغاثة التي تدخل يستولون عليها ، في إطار تجويع ممنهج يمارسه الطرفان حتي يستجيب الناس لدعوات التجنيد بالإنضمام إلي صفوف المستنفرين، حتي يجدوا ما يسدوا به رمقهم. فالأوضاع تسوء شيئا فشيئا، كل الجزارات ومحلات الخضار اقفلت ، واصبح شراء أشياء بسيطة مثل البيض واللبن شيئا من الرفاهية ، وأصبح الأطفال يُعطون بدلا من ذلك عصير (مستنفرين) ، برغم ما به من تحذير ، من اعطائه لمن هم دون الثالثة لأنه مجرد مركبات كيميائية اثمها أكبر من نفعها ، ولذا كان إنتشار أمراض سوء التغذية وقلة المناعة ، بما فيها الكوليرا والدرن.
صرخات النساء التي حظيت بصدي واسع في الإعلام والسوشال ميديا لا أظنها لقيت نفس الصدي عند الزعامة السياسية ، لأن الزعماء ليس لديهم وقت لمطالعة الإعلام وإنما يكتفون فقط بتقارير إعلامية يمكن ان تشتمل علي بعض اقصوصات الصحف.
الرئيس المعزول مثله مثل الرئيس التونسي الذي كان آخر كلمة قالها: (الآن فهمتكم) ، فالبشير إكتشف قبل أشهر فقط أنه كان مخدوعا ممن يقولون له : (كله تمام) ، فقد جاء في الإعلام ذات مرة أستغراب الزعيم أن الشعب السوداني بلغت به الرفاهية أنه يقف صفوفا من أجل شراء (الهوت دوق) !! .
في بداية التسعينات صرخ النساء والرجال ايضا مثل صرخات قوز هندي عندما أصر عبد الرحيم حمدي علي سياسة التحرير الإقتصادي، ولكن تم تدارك ذلك إلي حدما ، عندما تم دعم الخبز والسكر عبر بطاقة تموينية ؛ لكن تظل أسوأ وأفظع صرخة صرخها الشعب السوداني والتي أدت إلي هجرة تلقائية إلي الخارج ، أكبر حتي مما فعلته الحرب الحالية، هي عندما تمّ رفع الدعم عن الخبز ، بُعَيد انقلاب أكتوبر ، حيث خرج بعدها الناس يشحدون في الشوارع والجوامع ، ثم ما لبث أن بدأ الخطف (٩ طويلة)..
□■□■□■□■
>>> تذكرة متكررة
نذكّر بالدعاء علي الظالمين
في كل الأوقات .. وفي الصلاة
وخاصة في القنوت
قبل الركوع الثاني
في الصبح
علي الذين سفكوا الدماء
واستحيوا النساء
واخرجوا الناس من ديارهم
وساموهم سوء العذاب
وعلي كل من أعان علي ذلك
بأدني فعل أو قول
(اللهم اجعل ثأرنا
علي من ظلمنا)
فالله .. لا يهمل
ادعوا عليهم ما حييتم
ولا تيأسوا ..
فدعاء المظلوم مستجاب
ما في ذلك شك :
{قُلۡ مَا یَعۡبَؤُا۟ بِكُمۡ رَبِّی
لَوۡلَا دُعَاۤؤُكُم} .
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة