تقاسم فرنسا والصين لصفقات الـ”TGV”.. هكذا تجذب سياسة تنويع الشركاء الاستثمارات الأجنبية
يشهد قطاع السكك الحديدية المغربي تطورات ملحوظة، حيث تشهد صفقات بناء وتوسعة خطوط القطار فائق السرعة تنافساً حاداً بين كبرى الشركات العالمية.
وفي هذا الصدد، حصدت كل من الصين وفرنسا نصيباً وافراً من هذه الصفقات، مما يطرح تساؤلات حول الأبعاد الاستراتيجية والاقتصادية لهذا الفوز، وكيف ستستفيد الشركات التابعة لكل من البلدين من هذه الكعكة الدسمة.
فوز الشركتين الصينية والفرنسية بعقود بناء وتوسعة خط القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش يمثل مؤشراً واضحاً على التنافس الشديد بين القوتين الاقتصاديتين الكبيرتين على النفوذ في القارة الأفريقية، لا سيما في ظل التوجه المغربي نحو تحديث بنيته التحتية وتعزيز شبكة النقل السريع.
وحسب خبراء، فإنه من المتوقع أن تساهم هذه المشاريع في تعزيز المبادلات التجارية والاستثمارات بين المغرب وهذه الدول، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة وتطوير الكفاءات المحلية، ناهيك عن فتح آفاقاً واسعة أمام الشركات المغربية للتعاون مع الشركاء الأجانب في هذا المجال الواعد.
يوسف الكراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أكد أهمية المعايير الصارمة التي تعتمدها الدول المشاركة في تقديم العروض، مثل فرنسا والصين، مشيرًا إلى أن هاتين الدولتين تمتلكان معايير جودة عالية وعالمية تمكنهما من المنافسة بفعالية على الصفقات الكبرى.
وفي حديثه عن موضوع الصفقات العمومية المرتبطة بخط القطار السريع الرابط بين القنيطرة ومراكش، أوضح الفيلالي أن المغرب يعتمد مسطرة قانونية شفافة في تنظيم الصفقات العمومية، حيث يتم منح الصفقة لمن يقدم العرض الأفضل الذي يتماشى مع الشروط الموضوعة بشكل سليم وشفاف.
وأضاف أن العلاقات المتينة التي تربط المغرب بفرنسا والصين تاريخية وقوية، إلا أن الفوز بالصفقات لا يعتمد على العلاقات وحدها، بل على تقديم عروض تتوافق مع المعايير التي يضعها المغرب.
وتطرق المتحدث في تصريح لـ “العمق” إلى التنوع الاقتصادي الذي يتمتع به المغرب، مشيرًا إلى أن البلاد لديها العديد من المشاريع الصناعية المتطورة، سواء في صناعة السيارات أو الطيران أو الطاقات المتجددة، وهو ما يعزز قدرة المغرب على جذب شراكات دولية متنوعة، وهو ما يتماشى وسياسة المغرب القائمة على تنويع شركائه الاقتصاديين وعدم الاعتماد على دول بعينها.
واختتم يوسف الكراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، تصريحه بالتأكيد على أن الصفقة الخاصة بخط القطار السريع ليست الوحيدة، وأنه بإمكان دول أخرى الدخول في المنافسة على صفقات مماثلة، بشرط استيفائها للشروط والمعايير المطلوبة.
وفي حديث سابق مع “العمق”، أوضح المحلل الاقتصادي، على الغنبوري، أن قانون الصفقات العمومية يسري على جميع المتنافسين، بحيث أن من يلتزم بالشروط المنصوص عليها داخل القانون هو المؤهل للفوز بالصفقة.
واعتبر المتحدث أن الدول المتنافسة يتم وضعها على قدم المساواة بغض النظر عن العلاقات الاقتصادية والتجارية، والسياسية التي تجمع بين المغرب ومختلف هذه البلدان، مشيرا إلى أن الالتزام بدفتر التحملات هو المحدد.
وشدد المتحدث على أن الصفقة سيتم منحها بناء على ملاءمتها لاحتياجات المغرب وشروط المنافسة المتواجدة في المغرب، واحتياجات الدولة، ما يؤكد أن المغرب لا يعمل على منح الصفقات التجارية أو الاقتصادية في إطار المحابات.
جدير بالذكر أنه قبل أيام فازت الشركة الصينية China Railway NO.4 Engineering (CREC 4) بعقد تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع توسعة الخط السريع الرابط بين القنيطرة ومراكش.
وتقدر قيمة العقد بـ 3.4 مليار درهم، حيث تقدمت الشركة الصينية بأقل عرض في المناقصة التي نظمها المكتب الوطني للسكك الحديدية.
ومن جانب آخر، ظفرت الشركة الفرنسية “Egis Rail” بعقد المناقصة الذي أطلقه المكتب الوطني للسكك الحديدية، الخاص بالدعم الفني لإدارة مشروع تمديد خط القطار السريع بين القنيطرة ومراكش، وذلك في إطار شراكة تجمع بين شركة إيجيس، وسيسترا الفرنسية، والمكتب المغربي نوفك.
وحسب ما أوضحته مجلة “أفريكا إنتلجنس” الفرنسية، فإن القيمة المالية لهذه الصفقة بلغت قيمتها 1,385 مليار درهـم، حث فازت الشركة الفرنسية على حساب منافستها الإسبانية “إينيكو” التي قـدمت أرْخَص عـرْض، بقيمة 1,309 مليار درهم.
المصدر: العمق المغربي