“تحمل الزوجة الميسورة للنفقة” يثير سجالات بين جمعيات حقوقية في المغرب
جدل كبير أحدثته تصريحات وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بخصوص موضوع النفقة بعد الزواج، التي أفاد من خلالها بأن هناك توجها يفضي إلى أن المرأة التي يفوق دخلها دخل الرجل، “تستوجب عليها النفقة”، مبينا أنه “حين تطلب المرأة الطلاق لا بد أن تنال حقوقها كلها، ولهذا يجب أن نعرف ما يملكه الرجل وما تملكه المرأة، لأن المسؤولية المالية مشتركة”، لـ”تحديد المتضرر من الطلاق حتى يتم تعويضه”.
جاءت هذه التصريحات في لقاء خاص لموقع القناة الثانية مع وهبي. غير أن النقاش الذي صاحب حلقة كاملة جعل “النّفقة” أصلاً للتدافع. وهو ما انخرطت فيه جمعيات حماية حقوق الرجال وجمعيات حماية حقوق النساء بنوع من “التّحالف المبدئي” من حيث “راهنية التصور” أمام ما اعتبرته “واقعا خطيرا يكون الزوج مرة ضحية وتكون الزوجة مرات أخرى ضحية”، مشددة على أن “التنصيص التشريعي من شأنه أن يرفع اللبس”.
“تصور موضوعي”
محمد ماج، نائب الكاتب العام للجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الأب والأبناء، قال إن “ما أثاره وزير العدل يعدّ مطلباً حيوياً لجميع المدافعين عن الحقّ الأصلي لكل أب وحمايته من التنكيل والابتزاز الذي يتعرض له عندما يجد نفسه عاجزاً عن أداء النّفقة”، مضيفاً أن “العديد من الحالات التي توافدت على الجمعية كانت مأساويّة، بما أن المرأة تستغل هذه النقطة من أجل الانتقام من زوج لم تنجح الروابط الرسمية بينهما”.
وشدد ماج، ضمن حديث لهسبريس، على أن “انحسار الشقّ الأخلاقي وحسن المعاملة في هذه الخلافات المتصلة بالنفقة كما بينت التجربة خلال العمل بمدونة الأسرة الحالية التي تعود إلى سنة 2004، ظل يحتاج إلى مقتضيات قانونية واضحة ورادعة تبين المسؤولية المالية للآباء”، معتبراً أن “المساواة التي تنادي بها الحركة النسائية المغربية يتعين ألاّ تكون انتقائية، على اعتبار أن العديد من النساء لديهن الإمكانيات المادية، بيد أنهنّ يوظفن هذه الحقيقة على نحو شرّير”.
وأشار المتحدث إلى أن مذكرة الجمعية التي توصلت بها هيئة مراجعة مدونة الأسرة كانت واضحة في هذا الجانب، قائلا: “طالبنا بتطبيق نفقة مشتركة على الأبوين حسب دخليهما، وجعل شروط نفقة الولد كنفقة البنت وتوقفهما في السن نفسها تطبيقا للمادة 16 من اتفاقية سيداو التي تنص على أن للرجال والنساء الحقوق والمسؤوليات نفسها أثناء عقد الزواج وأثناء فسخه”، مبرزا أنه “ليس معقولا أن شيخا هرما مريضا يحتاج إلى الرعاية ينفق على بنته وهي شابة قوية وفي ظل تساوي فرص الشغل بين الجنسين، وربما يتم إرساله إلى السجن”.
“لا حرج في الأمر”
سميرة موحيا، رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، قالت إن “مطلب تحمل الطرف الميسور النفقات الأسرية في حالة عجز الطرف الآخر، قول معقول ومنصوص عليه في مدونة الأسرة، وهذا لا يشكّل حرجاً للحركة النسائية أن تدافع عنه”، مضيفة أن “الأصل يبقى طبعاً هو أن ينص القانون على تحمل هذه النفقة بشكل مشترك بعد الطلاق، ولكن من لديه عجز فلا يمكن أن يدخل السجن إذا كانت المرأة قادرة على القيام بهذا الدور، لكونها أصلا تقوم به في الواقع، والأخير سابق على التشريع في هذا الباب”.
وأفادت موحيا بأن “النساء لسن هنّ من يمارسن الابتزاز بسبب النفقة، بل الطليق هو الذي يتحايل ويدلس وينتقم من طليقته ويتخذ من الأطفال رهائن من خلال موضوع النفقة”، مشيرة إلى “مساهمة المرأة الأساسية المباشرة وغير المباشرة في تكوين ثروة العائلة وعوائدها الاقتصادية؛ إما من خلال المساهمة العينية والمادية أو من خلال تقليص الأعباء الأسرية عبر الأدوار المنزلية، وهو ما يعرف بـ[الكد والسعاية] الذي لا يجب أن نهمل مفعوله. هو تأطير رائع للدورة الاقتصادية داخل الحياة الزوجية وبعد الطلاق”.
وأوردت المصرحة لهسبريس أن “الواقع لا يرتفع، ومن النادر جداً أن نجد نساء مطلّقات ينتظرن نفقة الزوج، فأغلبهنّ يستعنّ بأعمال أخرى”، وقالت: “نعم للتوجه نحو تحمل المرأة الميسورة للنفقة، ولكن بعد أن نضمن لغير الميسورة حقوقها ولا نتركها عرضة للابتزاز أو للتهديد بورقة النفقة من طرف الزوج، فلن تمنح المرأة الميسورة النفقة للزوج وإنما ستتكلف بنفقة أبنائها إذا كانت لديها إمكانيات مادية تسمح بذلك، ومسطرة النفقة كلها تحتاج لإعادة النظر والتنصيص على إحداث صندوق لهذا الغرض”.
المصدر: هسبريس