اخبار المغرب

“جمعيات الآباء” بالمغرب تدعم حظر الهواتف بالمدارس لتحصيل أفضل للتلاميذ

بمناسبة الدخول التعليمي للموسم الجديد، طفا إلى سطح النقاش من جديد الحديثُ عن ضرورة توفير بيئة مدرسية تعليمية ذات جودة؛ وهو ما يمكن أن يتم في حال “حظر الهواتف النقالة في الفصول الدراسية”، على غرار عدد من الدول الأوروبية الرائدة.

في المغرب، يزداد الموضوع راهنية وإلحاحا مع إشارات مجتمعية لا تخطئها العين حول “تزايد استخدام الهواتف والأجهزة الإلكترونية” من لدن الأطفال والمراهقين، خاصة منذ سنين الطفولة المبكرة؛ في وقت بدأ يتبلور فيه “شبه إجماع” بين مختلف الأسر المغربية وباقي الفاعلين في الحياة المدرسية على عواقب وخيمة لاستعمال الهواتف على نمو الأطفال وتحصيلهم الدراسي وقدراتهم ومهاراتهم الإدراكية والسلوكية.

وكانت دراسة حديثة صادرة عن “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” قد نصحت بـ”الاستخدام المقيَّد والمسؤول للهواتف الجوّالة في المدارس”.

وفقا لوكالة الأنباء الألمانية، بدأت المدارس في هولندا، الاثنين، “حظرا كاملا على مستوى البلاد ضد استخدام الهواتف الجوالة؛ في خطوة لافتة كانت قد سبقتها إلى تطبيقها كل من اليونان وإيطاليا أيضا، عبر منع استخدام الهواتف الجوالة في الفصول. “بينما تناقش ألمانيا مثل تلك الخطوة، منذ فترة”.

وجرى منع الهواتف الجوالة في فصول المدارس الثانوية بهولندا، منذ بداية العام؛ وهو “إجراء تم تمديده الآن إلى المدارس الابتدائية، اعتبارا من بداية العام الدراسي الجديد”، حسب المصدر نفسه.

وأوردت وزارة التعليم الهولندية أن “الهواتف الجوالة تُشتت انتباه التلاميذ وتقلل قدرتهم على التركيز، بشكل يضرّ الأداء التعليمي”؛ بينما وُجد أن “المناخ العام بالمدارس يتحسّن خلال فترات الاستراحة حينما لا يمسك الأطفال المُتمدرسون بالهواتف”.

وأتاحت الجهة ذاتها “إمكانية استخدام الهواتف في الفصل في حال كانت ضرورية لمحتوى الدرس، على سبيل المثال لتعلم مهارات الإعلام”، وفق تعبيرها.

“إجراء إيجابي مستحسَن”

الحسين زاهدي، خبير في السياسات التربوية العمومية، تفاعَلَ مع الموضوع قائلا إنه “أمر إيجابي ويُستحسن أن يؤخذ به في السياق المغربي بمختلف الفصول والمدارس، على اختلاف مستوياتها”، معتبرا أنه “إجراء يصلُح في مراحل التعليم الإلزامي كلها”.

واستحضر زاهدي، صمن تصريح لهسبريس، “عمل بعض المؤسسات التعليمية الخاصة بقانون داخلي يحظر استخدام الهواتف النقالة بالفصول والمدارس”، لافتا إلى أن “إقرار مثل هذا الإقرار في المدارس العمومية بالمغرب يستلزم وجوبا تعديل النظام الداخلي للمؤسسات بقرار من الوزارة الوصية؛ نظرا لمركزية القرار لإحداث تعديلات على النظام الداخلي المدرسي”.

وعدّد الخبير التربوي المتخصص، في حديثه لجريدة هسبريس، “إيجابيات عديدة لحظر الهواتف؛ ما يسهم في رفع مستوى التحصيل الدراسي داخل الفصول وحجرات الدرس”، معلقا بالقول: “لا يمكن إلا تشجيع مثل هذه الإجراءات، حيث تُسهم فعليا في خلق بيئة مناسبة للتحصيل الدراسي الجيد؛ بالنظر إلى أن منع الهاتف يشكل جانبا من المُحفزات التعليمية للتلميذ، كما يضمَن إبعاد كل ما يندرج ضمن المؤثرات السلبية”.

“مُفيد نفسيا واجتماعيا”

من الناحية الاجتماعية والنفسية، قرأ زاهدي في القرار المطبق في مدارس هولندا هذا الموسم فوائد جمّة من الناحية ليس فقط البيداغوجية؛ “بل هو أمر مطلوب ومفيد نفسيا واجتماعيا في تكوين وبناء شخصية الطفل/التلميذ، خاصة من خلال التواصل الإيجابي مع أقرانه (خاصة التواصل والتعارف في السنوات الأولى من مساره)؛ ما يُجنّبه الإصابة بمتلازمة الشاشات”.

وتابع بالشرح: “هذا أيضا في صميم المهام البيداغوجية والتربوية للمدرسة، إلا أنه لا يمكن تعليق الآمال كلها على حظر الهاتف في المدرسة؛ لأنّ التحصيل والأداء الدراسي عملية ممتدة زمانا ومكانا خارج الفصل، ولا يمكن حصره داخل أسوار المدرسة”.

ونبه الخبير التربوي ذاته إلى “أثر إدمان ألعاب الفيديو وألعاب الهواتف في المنزل على صحة وإبداع وأداء التلميذ وتحصيله”، داعيا الآباء إلى توفير المناخ العام لتحصيل أبنائهم وتحسينه منذ بداية الموسم.

الآباء يدعمون الفكرة

من وجهة نظر آباء وأولياء التلاميذ، فإن “خطورة الهواتف واستعمالها بالمدارس” لا يشكل مصدر اختلاف مع باقي مكونات المنظومة التعليمية والاجتماعية؛ وهو ما أكده سعيد كشاني، رئيس الكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، الذي علّق في حديثه لهسبريس: “لا يمكننا إلا تشجيع هذه الخطوة والمطالبة بإقرارها فعليا بالمدارس، خصوصا بالمستويات الابتدائية والإعدادية”.

“للأسف، فالآلة، سواء كانت هاتفا أو لوحة إلكترونية، صارت تُستعمل في الاتجاه السلبي؛ وهو ما رصده الآباء في تدني مستوى التعبير والتحليل مع ارتفاع منسوب الانعزالية ومهارة عدم التواصل البناء مع المحيط”، حذر كشاني، مبرزا دورا محوريا من خلال “حث الآباء على تقييد استعمال الهاتف من لدن أبنائهم المتمدرسين، أو تعزيز مراقبتهم”.

وأشار رئيس الكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب إلى أن “بعض المؤسسات الخصوصية المغربية حظرت استعمال الهاتف النقال في الأقسام؛ لكنه إجراء غير كاف، ونطالب به أيضا في مدارس التعليم العمومي”، منوها في السياق بمجهودات “بعض الأساتذة لتجنيب وتوعية التلاميذ بخصوص الآثار المدمرة للهواتف والشاشات”.

وبينما أكد المصرح لهسبريس أن “قضاء وقت طويل مع الهواتف سلبيٌ بالنسبة لفئة التلاميذ، خصوصا على القدرات العقلية وتنمية المعارف مع تحوّلهم إلى متلق لا يُبدع”، اعتبر أن ذلك “يرافقه بضع إيجابيات تتمثل في الهاتف كوسيلة يمكنها توفير وتبسيط المعلومات أو تربية على استخدام الوسائل الرقمية”.

وختم رئيس الهيئة المدنية، التي تمثل فئة آباء التلاميذ، بالتأكيد على أهمية “لقاءت التحسيس والتوعية التي تجمع الأولياء بالأساتذة وأطر التدريس وهيئة الإدارة في كل مدرسة لإثارة خطر هذا الموضوع المُهدّد لأداء المنظومة التعليمية برمتها”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *