الطوزي يحذر من المس بالحريات الأكاديمية بسبب إسرائيل بعد عملية 7 أكتوبر اليوم 24
حذر محمد الطوزي، الخبير في العلوم السياسية من موجة المس بالحريات الأكاديمية في العالم بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.
وقال إنه لم يعد الأمر مقتصرا على الدول السلطوية التي تضيق على الباحثين في العلوم الاجتماعية وتهددهم، إنما وصل إلى الدول الغربية.
وكتب الطوزي مقالا في مجلة « جون أفريك » في عدد بداية شتنبر بعنوان « الحريات الأكاديمية… تحذير من عاصفة عالمية »، تحدث فيه عن تجربته كأستاذ في فرنسا وخوفه من إثارة مواضيع تتعلق بإسرائيل، خاصة بعد تدنيس قدسية الحرم الجامعي، في ليلة 24 إلى 25 أبريل 2024، حين تدخلت الشرطة في حرم كلية العلوم السياسية بباريس لإخلاء المكان من عشرات الطلبة المناصرين للفلسطينيين. وأيضا واقعة استدعاء عالم السياسة الفرنسي فرانسوا بورغا، الذي استجوبته الشرطة لعدة ساعات بتهمة « الإشادة بالإرهاب » في أعقاب تعليقات أدلى بها بشأن الوضع في غزة وفلسطين.
وأشار الطوزي إلى تردي ظروف ممارسة مهنة باحث في العلوم الاجتماعية ليس فقط بسبب الافتقار إلى الموارد المالية، أو المخاطر التي يتكبدها الباحث في المناطق الصعبة، أو البيروقراطية والانتقادات، سواء كانت مؤسسية أم لا، وإنما ما لا يطاق هو شبهة التواطؤ بين الباحثين وموضوعات بحثهم، والتي تغذيها بانتظام القوى السياسية.
وكتب الطوزي قائلا « أنا أستاذ في فرنسا منذ حوالي عشرين عامًا، بعد أن عملت في المغرب لأكثر من ثلاثين عامًا، بما في ذلك خلال ما يسمى بسنوات الرصاص، في عهد الحسن الثاني.
في ممارستي لمهنة التعليم، وكذلك كباحث يعمل على مواضيع حساسة، كنت قد قرأت جيدًا ليو شتراوس (وخاصة كتابه « فن الكتابة »)، وكنت أعرف أن هناك خطوطًا حمراء، وأنه يجب تطوير استراتيجيات دقيقة جدًا للتعامل معها.
لكن لم أشعر بالخوف في أي وقت من تناول مواضيع معينة. كان هناك قلق، ولكننا كنا نعلم أن الجامعة تحظى بتقدير معين، وأن الموضوعية العلمية كانت معترفًا بها، بشرط البقاء ضمن حدود الحرم الجامعي ونشر أعمالنا في الأوساط الأكاديمية.
لكن بعد 7 أكتوبر 2023، طرحت على نفسي كأستاذ لأول مرة تساؤلات حول الفرص والمخاطر. لم يكن لدي خوف من مناقشة بعض المواضيع سابقاً، لكني الآن أفكر جيداً في المخاطر التي قد أواجهها.
أحد الدروس، التي تناولتها في بداية نوفمبر، كان عن مقارنة بين إسرائيل ولبنان. كان الدرس يتناول استمرارية نظام « المِلَّة » العثماني في البلدين، أي تحويل إدارة مسائل الزواج والطلاق إلى الجماعات الدينية، والمشاكل التي تواجهها الزيجات المختلطة في ظل غياب الزواج المدني في هذين البلدين.
كما تناول الدرس أيضًا مفارقة الصهيونية، التي نشأت في سياق الحركات الوطنية المستمدة من عصر التنوير، والآن تعمل على تأسيس ثيوقراطية لشعب يعتقد أنه « مُختار ». وأخيراً، تناول الدرس مشروع اليمين الإسرائيلي ومشروع الإسلاميين، واللذان، موضوعياً، ليسا بعيدين عن بعضهما البعض، وأن إسرائيل يمكن أن تدعي بأنها ديمقراطية إجرائية، ولكنها ليست ديمقراطية بكل معنى الكلمة. عند انتهاء العام، تلاشى جزء من مخاوفي بفضل الطلاب الذين، على الرغم من قدومهم من خلفيات مختلفة، كانوا جميعًا مدفوعين بإيمان لا يتزعزع بإمكانية اكتساب المعرفة الموضوعية ».