سفينة التغيير
احمد بطران عبد القادر
الثوار الشرفاء يقتحمون اسوار القيادة العامة للقوات المسلحة في السادس من ابريل2019م ويعلنون الاعتصام حتي اسقاط النظام والشعب المنتفض يلتف حولهم ويعمر ساحة اعتصامهم بمواكب تتري لجميع فئات المجتمع شيبا وشبابا والعالم الحر يستعيد ذكريات الثورة الفرنسية التي غيرت وجه التاريخ والحياة في اوروبا وانتصرت للقيم الانسانية في العدل والحرية ويفخر بثورة السودان لما ستضيفه للعالم المعاصر من قيم انسانية مستحقة لكل الشعوب كان قد غفل عنها والناس في بلادي يتهيؤن للتغيير الاتي علي يد اعظم ثورة شعبية بعد ثلاثون عام من القهر والاستبداد وحكم الفرد الطاغوتي تلاحم فيها الجميع تنشد التغيير الي الوضع الافضل والحياة الاكرم والاسعد لانسان عركته التجارب الحلوة والمرة في وطن واعد يتطلع الي النهوض والفرح يدخل حياتنا بعد سنوات من القهر والاستبداد والجميع سعيد بثورة التغيير التي احيت الامل في النفوس بان الغد سيكون اجمل وابهي وانضر وهتافات الثوار الاحرار واهازيجهم تمشي علي قدم وساق بين الناس في كل المجتمعات تعمر الوجدان الخراب واناشيد الثورة الملايين ترددها وشارات النصر تلوح الايدي بها بالطرقات في قبطة وسرور واجواء التفاؤل تعطر الافاق وتبشر بمستقبل مشرق لاهل السودان .
لكن القوي المعادية للثورة تنشط وتتحرك بخفاء متدثرة بثوب التغيير وتاج الحرية علي رأسها مرفوع وبين يديها ميزان العدل منصوب
والنخبة المختارة من السياسيين لقيادة الثورة تتجاهل هتافات الثوار الا تفاوض مع القتلة وتمضي في المشاورات والحوار وتبتلع طعم الشراكة المزلة وهي تهلل لاستلام السلطة الملغومة من منظومة الانقاذ الاجرامية وعناصر اللجنة الامنية الذين صعدت بهم الشراكة الي اعلي هرم السلطة يحصدون ثمار التغيير ويجيرونها لصالح بقائهم في السلطة وافلاتهم من العقاب ويعملون علي اعادة انتاج النظام القديم في ثوب جديد والبرهان ونائبه حميتي يغرسون خنجرهم المسموم في قلب الثورة ويعطلون تشكيل سلطة الانتقال وهياكلها المنوط بها ادارة دفة التغيير تحت مزاعم السلام الزائف ثم يحشدون الحشود الجماهيرية المصنوعة لاجهاض الثورة والانتهازيين يهتفون لهم يمجدون افعالهم في قمع الشعب ومحاولة كسر ارادته وينشأ تحالف الاستبداد والتحالف الجديد من العسكر والجنجويد ومجموعة سلام جوبا المهزومة نفسيا من قبل جماهير الثورة السلمية وعسكريا من قبل النظام البائد تضع يدها مع الجلاد وتشاركه في كل شيء وتمهد الطريق سالكا لتمضي جريمة انقلاب 25 اكتوبر المشؤوم بلا مقاومة والبلاد تدخل في ازمة مستحكمة ويتعطل مشروع التغيير وتتوقف سفينته في لجة عميقة
ولكن الشارع الثوري ينتفض ويخرج شاهرا سيف السلمية وهاتفا لا لحكم العسكر فالشعب اقوي والردة مستحيلة
وسفينة انقلاب البرهان لا تبحر وتشارف علي الغرق بعدما حاصرتها امواج الثوار جيئة وذهوب من القصر والي القصر بمواكب لا تعرف التراجع والخلافات داخل معسكر القوي المعادية للثورة تزداد وتتعمق وتتجذر وتنفجر في 15 ابريل معلنة اشعال حريق حرب دموية لا تبقي ولا تذر تقضي علي احلام البسطاء في الامن والاستقرار والحياة الكريمة
وتجار الحروب ينشطون ويرفعون شعارات الكرامة الوطنية والانتصار الي قيم الديمقراطية في معسكري الحرب ويحرقون تحت ظلال هذه المزاعم كل شئ واعداء الوحدة والحرية والديمقراطية يحشدون الناس الي جحيم الحرب بازكاء نيران الجهوية والعنصرية والشعب المكلوم يرفض الحرب ويعتزل الصراع ويصرخ اوقفوا هذه الحرب اللعينة فالمنتصر فيها خاسر ولن يستطيع فرض ارادته علينا مهما كان الثمن .
لكن الحرب الدموية تطحن انسان السودان وتدمر وطنه وتفقده القدرة علي الحياة بكرامة إنسانية وتهدد سلمه وسلامه الاجتماعي وتعايشه السلمي في مجتمعاته المتعددة عرقيا والمتنوعة ثقافيا ودينيا وتقضي علي مقدراته الذاتية في حرية الحركة والتنقل والكسب والتكسب والاستفادة من خيرات بلاده الواعدة فيصبح رهين لواقع مرير عنوانه النزوح واللجؤ والقتل المجان بلا هوادة هذا الواقع العبثي صنعته مافيا الحروب من تجار السلطة وناهبو الثروات وفوق ذلك كله يوميا الارواح تذهق والاموال تنتهب والحرائر يغتصبن والشباب يعتقل ويعذب والمواطن الكادح يهجر قسريا او فرارا من جحيم الحرب العبثية بحثا عن الامان المفقود من الموت في شواطيء الخوف والمجهول فيقع في شراك الجوع والعوز وانعدام الخدمات الاساسية والبيئة الصالحة للحياة والعمل والانتاج فيشعر بالعجز والقهر من لظي جحيم حياة لا تطاق من شدة القساوة المأساوية والامل المفقود في متي تنتهي هذه الحرب العبثيّة؟ التي لا مصلحة له فيها وقد صدح وصرخ باعلي صوته بلا للحرب ولازم تقيف
بيد ان القوي السياسية من اقصي اليمين الي اقصي اليسار والتي تمثله وتنوب عنه في المنابر المحلية والدولية استجابة لارادته ومحافظة علي نسيجه الاجتماعي تشاطره وتقول لا للحرب ولازم تقيف
ودول الإقليم والجوار التي تهتم لامر ما يجري في بلادنا لانها تؤثر فينا وتتأثر بنا قالت لا للحرب ولازم تقيف والمجتمع الدولي الذي يرغب في المحافظة علي الامن والسلم الدوليين وحقوق الانسان في الحياة والحرية والكرامة والحقوق قال لا للحرب في السودان ولازم تقيف ومازال يبذل جهده لتتوقف هذه الحرب التي لم يشهد العالم لها مثيل لانها لا تقتل الانسان فحسب ولكنها تقتل الحياة المدنية بتعطل كل اوجهها وتحويل المواطنيين الي سجناء في مدنهم وقراهم وحلالهم وفرقانهم
والدول المتهمة بدعم قوات الدعم السريع (الجنجويد) تستفيق وتقول لا للحرب ولازم تقيف استجابة للندءات الانسانية .
والنساء في وطني اللائي يعشن مأساة الحرب ويعانين من ويلاتها يقلن لا للحرب ولازم تقيف
والاطفال في بلادي فقدوا الامان ودور التعليم والشفاء قالوا لا للحرب ولازم تقيف
اذا لا احد من العقلاء في عالم اليوم بمختلف توجهاته الفكرية والمذهبية وبغض النظر عن مصالحه الطبقية الا وقال لا للحرب في السودان ولازم تقيف .
لكن انصار النظام البائد وحلفائه وغرمائه قالوا نعم للحرب ونعم لاستمرارها (بل بس) وهاهم ينصبون شراع رياحهم الهوج لتقذيم الوطن وتقسيمه جهويا ببث خطاب الكراهية ولغة العنف كما فعلوا من قبل عندما تخلوا عن الجنوب الحبيب ينشدون منجاة لزعيمهم قاتل الاطفال ومدبر الابادات الجماعية من قبضة محكمة الجنايات الدولية التي حررت امر قبض في مواجهته اثر ارتكابه لجرائم حرب وتطهير عرقي وجرائم ضد الانسانية .
وهؤلاء بالطبع يمثلون ارادة القوي المعادية للثورة والصوت النشاذ للعاطلين عن المكارم من فاقدوا الضمير الانساني والحس الوطني والاحساس بالمسؤولية هؤلاء هم سر مأساتنا الانتهازيين والعنصريين الباحثين عن موطئ قدم في سلطة مفقودة لم يراعوا حقوقها عندما كانوا يتمرغون في نعيمها ويستمتعون ببريقها الزائف وهم قلة قليلة لفظها الشعب واقسم علي صدر عموم الشهداء بالا لن يعودوا حتي تشرق الشمس من غرب
فهل نستمع لصوت هؤلاء السلطويين من من رفضهم شعبنا؟ وظل يناضل ضدهم بكافة اشكال ووسائل النضال من عمل سلمي معارض الي عمل مسلح وصولا الي ثورة سلمية في ديسمبر الميمون شارك فيها الجميع نساء ورجال شيب وشباب مثقفون وطلاب جامعات ومهنيون واصحاب عمل وقدموا فيها الشهيد تلو الشهيد؟ .
اذا لا مخرج من محنتنا ولا سبيل الا برؤية موحدة ووحدة صف كل من هتف لا للحرب ولازم تقيف تحت قيادة متحدة وهذا طريقه ان نقبل ببعضنا البعض ونتحاور بجدية لوضع الاساس السليم والمتين لتحالف السودان الجديد سودان العدل والحرية والسلام فقد آن الاوان وتهيأ الزمان لتبحر سفينة التغيير الي شواطيء الامان في سودان العزة والكرامة والحقوق المتساوية بلا تمييز لكافة المواطنين فهيا وحدوا الكلمة ورصوا الصفوف في جبهة شعبية مدنية تؤمن بوحدة السودان أرضاً وشعبا ترسخ ثقافة الديمقراطية وترسي دعائم الحكم المدني الرشيد وتقيم دولة العدل والحرية الدولة المدنية الديمقراطية.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة