من زمان ما قبل الدمار .. زكريات ايام الكتابة والقراءة البهيجة
د. احمد التيجاني سيد احمد
يا للمتعة!! نسيج الشملة ولا سجاجيد شيراز !! .
او: شواطين المحبة محمد المرتضي حامد وطارق محجوب كبلو
غمرني صديق تعرفت عليه قبل بضعة اشهر بما فقدت خلال اربعةً حقب من الاغتراب (الجد جد ) .الجهل نعمة ولولا ذلك لما كانت هناك خاصية لاسعة في تذوق ما حدث من اطايب الطعام والشراب ….. ولقد غبتً لحقب في معامل كليفورنيا وكلورادو ونبراسكا وغرب كينيا اتذوق الحامض واشم روايح الكيماوي وروث البهائم ..
لكنني ما تغربت عن المشاعر والمحبةً!
كان بعض رافدي الي كثبانها صديقي الكلظي الذي لا تشبع نهمه كل مسطرات القراطيس عثمان الكد …. تفصلنا سهول يوتا وكلورادو وحر القراند كانيًون! لك الرحمة الابدية! .
ولعل هذا التقديم كاف لمنحي جواز الكلمة في مقام شواطين المحبة ! .
عشت حاجا معتمرا في شواطي كليفورنيا بداء من شمال مندسينو سيتي القرية الموسيقية الصغيرة علي شاطي الباسفيك الي ساساليتو والي محلية البرتقال وبلاجات جينير وشواطي سانتا كروز ومونتري وبيق ثور وًكارمل الي لونغ بيتش ولاقونا فيستا وتغوانا الي جبال الحرايق الممتدة الي حدود اريزونا مارة بمدينة النخيل العراقية. واستمتعت ببيلوكونسرتات العاشق البارع حمزة علاء الدين وجين باييز وجوني ميتشل وسانتانا والقريتفل دد ! .
وًكنت قد خرجت مدفوعا في سبيعينيات القرن الماضي بعد ان استباح العسكر السودان واستشاروا بالاسلاميين الكيزان المغتصبين الجدد هاتكو بكارات الفتيات وخدور الحرائر … اعادتني محبة عيون الثوار والكنداكات.
خرجت تاركا اجمل الانغام والاغاني النوبية صالح ولولي وعبدالنبي وامان الله وحسين لالا. واجمل ما غناه وردي وعثمان حسين والكابلي والكاشف وخليل اسماعيل وسيد خليفة والهادي ومني الخير وابوداود وزيدان ووو.. وتمنيت لو مكثت قليلا لاستمع الي ابو عركي واسوط مع اولاد ودنوباي وراء حفلات كمال ترباس …… ،واعيد ذكريات وانغام وحكايات خليل فرح (اعبدة هل ينسي مودتك القلب … نحن ونحن الشرف البازخ … وعزة نحن الجبال) وسيد عبدالعزيز والبارع كرومة. وتظلل حزني ابتسامة وانا استرجع ما سمعت في الراديو قول الموسيقار اسماعيل عبد المعين عن زنقار : “”الله يرحمه كان صوته جميل لكنه كان راجل شين!”” وباستثناء شناة الكوز صاحب الغزالة اسحاق فضل الله فكل ملامح خلق الله جميلة بما ينبثق من بواطنها من محبة وخير وصدق!! .
كنت من جيل صغار وشباب طرب لموسيقي سلاح المدفعية وسبسب خصلات الشعر للهزهزة في حفلات الذري (الماتينية) في كوستي وعلي مسرح عطبرة الثانوية حيث طلسم الناظر المربي الفنان! .
وكانت قوة الشكيمة في المحبة! .
هذا الاسبوع حيث النوافذ كلها مفتوحة في داري بروما اتي بريدي الواتسب البهيج برسايل وتسجيلات من صديقي المرهف محمدا الامين التيجاني يقدم ما كتب الرايع الباحث الموهوب محمد المرتضي حامد بصوت طارق محجوب كبلو الشجي. يا الله!! .هذا موسم السقيا لاراضيى القاحلة اليباب بداءا بحلقات البرنجي مصعب الصاوي الرمضانية .
تعج الاسافير بالتسجيلات والموائد الباهظة ولا املك الا الكتابة عن القليل القليل:
(١) خيوط الشملةً
وبعد الاستماع المتقطع بعد عناء العمل خصصت هذا اليومً للاستماع والتذوق والاستنشاق والتحسس. وكأن الجهل قد جعل عقلي كعقل الطفل كالاسفنج متحفز للتلقي والحفظ بدونً موانع.
سمعت طارق كبلو يقدم صوتا دافقا يدخل الحواس كالسهم النوبي مارا بالحدق الي اعماق الجوف .. يا الله. يابن الايه … يابن اللذينا ؟ اين كنت واين كان محمد سلام في مقتبل العشرونً بالافرو وًالشارلستون علي مسرح سينما النهود؟ اتي طربا وشبابا وقدم نسيجا خيوطا نادرة كشملة الريد صعب الحصول عليها واتقان رصها. يمسك سلام بفضاء المسرح في احاطة الواثق ويتوجع مغردا امامً جمهور لا يعرفه ولا يعرفهً فتهتز الكراسي ويزمجر الفضاء :
قام اتعزز الليمون
عشان بالغنا في ريدو
بدور اشكيهو للقمرا
واشوفك من اجاويدو
يفرحنا ويزعلنا
ويخالف في مواعيدو
حارق جوفنا ده الليمون
نضج من غير مواعيدو
شفتو مفرهد الليمون
شفتوً مندي يوم عيدو
هزا حشاي انا الليمون
وهدهد لي اغاريدًو
رحنا نصيدوا ده الليمون
عشان نحن بنريدوا
وراح صايدنا ده الليمون
قبال نحن ما نصيدوا
وليه صايدنا ياليمون
قبال نحن مانصيدك
عشان السمرة في خديك
ده قلبي الشلتو في ايدك
عشان ساهرت فيك الليل
وشاهدين كل اجاويدك
اتعزز الليمون
عشان بالغنا في ريدو
حنينةً وحاتي يالقمرا
تلاقي الزول تسليهو
ما تخليهو ديمة براه
كان زهجان تحجيهو
كان نعسان تلوليهو
كان بردان تغطيهو
قولي ليهو الحكاية شنو
حبيبك ورحت ناسيهو
وكان شتتً دميعاتو الحنان
خفي عليهو ضميهو
…..
ولا استفيق
ولكنني ابحث عن من هم وراء هذا العمل الجميل :؛ الشاعر ازهري عبدالرحمن والصداح محمد سلام يا له من مغزل استثنائي
ولا يتوفف النول فالخيوط النادرةًمتاحةً في مغازل العشاق : فيبكي سلام وهو يرد. شعر عثمان بدوي :
زاد السفر يا غاليةً كان
كلمةً وداعك لي في ساعة الرحيل
كلمةً وداعك كفكفت دمعات اساي
خلتني انسي تعب شقاي
واسرح مع الحلمً الجميل
ورحلت ياحلمي الجميل
لا كنت باكي كسير جناحً
ولا حتي دمعاتي بتسيل
كنت عاد يا ست هواي
شايل بسيمتك شمعة للدرب الطويل
كنت زي ما قلتي لي
بلقاكي ما بين كل خطوة وكل لمحة وكل لفتة زول جميل
في كل شتلة علي الضفاف
حارسة الجروف ساقيها نيل
في كل غيمة صيف تطل
تبسط ظلاها علي الشتول
والقاكي في حلم الصبي
راجع هناك مع الاصيل
والله يا حلمي الجميل
كانت حروفك ضي عيوني وزادي في السفر الطويل
كانت نغم طنبور يداوي الوجعة في بين الجراح
كانت نغم دوباي تشيل صمت الجروف قبل الصباح
وانا حالي يا ست السماح
كالعندليب هلت مواسم هجرتو
ياحليلو كان مكسور جناح
لكنه ياًضي الصباح
لا داوي بالغربة الجرحً
لا في غصون داره استراح!
ولا يحتمل المغني سلام اي لحظة هدوء واستكانة … فمهمته الرئسية هي الاقتلاع الموجع . وكيف لا! وذكرياتي في مدينة النهود ورمالها وانا قادم اليها من الضعين بالكومر ابو منفلة ونحن نسرع الخطي للابيض حيث عسكر النميري قد استولوا علي السلطة !! وعندما ينساب صوت سلام الموجع اذكر ليلتنا في النهود في ضيافة خالد شمس !! اين انتم واين نحن يا خالد؟! وشجي محمد سلام مختالا في المسرح اختيال الباكي المحروق . وهو يضم مغزله الذي لا يفقد الخيوط النادرة: داير اقول ليك ..، النجمة الحزينة …
ومرة تانية (صلاح احمد عبد الفتاح) :
اصلو دربك بي طريقنا
مالو لو تغشانا ثانية
ديمة نترجاك تزورنا
ديمة ردك مرة تانيةً
مرة نسرح بي نغيمة
غنوة جوه قلوبنا حانية
وحاتك انت وكت تقوله
نبقي نحن في دنيا تانية
ابقي غرد بيها لينا
خفف الشوق العلينا
وعيده لينا مرة تانية
حتي لو يوم جيتنا زاير
زي ربيعا زاهي ناضر
ليك كل الحي يغني
تزحم الافاق مشاعر
وحات حنانا شفنا عندك
بيهو قلبك ديمة عامر
ابقي زورنا وسيبنا بس من .. مرة تانية
(٢) اصل الشملةً
فسر محمد المرتضي حامد كلام نابغة الشعر السوداني سعد الدين ابراهيم عنً (العزيزة) .. قال : كانً في عينيها حزناً موقر! كانت لها التفاتة مثقفة تغيير اتجاه الرياح واشرعة السفن !! وكان الشاعر متبتلا محبا رومانسيا كثير الشكوي ووافر التقريظ .. فالعزيزة التي لحنها عمر الشاعر اطربت الناس بارقي الاصوات : الطيب مدثر وفتحي حسين والعندليب زيدان ابراهيم فهي . القصيدة الكاملة .. وهي ليست مغيرة لاتجاهات الرياح فحسب وانما لقادرة علي خلق عالم مصغر وعالم كبير وعالم نهائي لا يستطيع الوصول اليهم الا المتبتلين العابدين المومنين حتي الثمالة . ولقد استمعت الي الاغنية ما يقارب العشرة مرات .. ومازلت تواقا وواقعا الي اخمص قدمي ان لم اكن مكتولا تماما! رحم الله الشاعر الفذ سعد الدين وليهنا في الابدية وهو علي يقين تام بان شملته ابدية غزل خيوطها من عصب ريدة وود حريري لا يقدر الزمان علي اذابة قوة الوانها … يذكرني بغزل مايكل انجلو علي سقف كنيسة السستين
((العزيزة))
العزيزةً الما بتسأل كيف ظروفنا
الوحيدةً الطال عشان جيتك وقوفنا
العزيزةً الما بتسأل كيف حروفنا
الوحيدة الما بتحاول يوم تشوفنا
المواعيد لسة حزنانة بتنادي
والاماسي بتبكي في اسئ ما اعتيادي
ما كنتي بهجتنا بروائع قوس قزح
والله ما طلانا من بعدك فرح
سلميلنا علي ضفايركً موجة موجة و كلميها
قولي ليها حرامً تتوه فيها المواسم ونحن بالجد نشتهيها
سلميلنا علي عيونكً يوم تسهي تغروديها
ويبقو تفاحتين خدودك بس خدودك وين شبيها
سلميلنا علي يدينك وشملة الريد أنسجيها
سلميلنا علي خطاكي عزة العاملة ومشيها
والله احضانك بلد يا حلوة ما تنسينا فيها
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة