مجلس سيادة القتلى والجوعى والمشردين السودانية , اخبار السودان
خالد فضل
“قل للذين يوزعون الظلم _باسم الله_ في الطرقات
إنّ الله في نار الدموع
وفي صفوف الخبز
والعربات
والأسواق
والغرف الدمار..”
الصادق الرضي، (غناء العزلة ضد العزلة)
لكن عندما تغمر المياه أحياء مدينة الجنينة، وتجرف فيضانات وادي كجا الجسر الرابط بين أحيائها الشرقية والغربية لتعزلها مجددا عزلة فوق عزلة، ذات الجنينة التي قال فيها نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول محمد حمدان دقلو: (إنّ الجناة في أحداث الجنينة لم يفلتوا من العقاب، وأن الدولة ستستفيد هذه المرّة من التجارب السابقة، وموضوع الديّة سيتوقف تماما لينال القاتل عقابه وفق القانون، كما لن نجعل من الآخرين شمّاعة نعلّق عليها الأخطاء، وإنّ ما جرى تمّ بأياد داخلية)، اليوم السابع _الأربعاء 1 يناير 2020.
ولكن الجنينة اغتيل فيها والي غرب دارفور خميس أبكر والتمثيل بجثته، وشبهة مذبحة جماعية، وتطهير عرقي طال إثنية المساليت على يدي القوات التي يقودها نائب رئيس المجلس السيادي نفسه، والقوات القبلية الأخرى المتحالفة معه في حرب 15 أبريل 2023، بعد أن صار النائب الأول العدو الأول للبرهان.
عندما تقرأ _إعلام مجلس السيادة _الخميس 29 أغسطس 2024، عقد المجلس اجتماعه بكامل عضويته لأول مرّة مساء الأربعاء برئاسة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وتداول حول مجمل الأوضاع في البلاد، لا سيما الأوضاع الإنسانية التي خلفتها السيول والأمطار وآثارها على المواطنين).
تقرأ من مجمل الأوضاع، في بيان لجان مقاومة أحياء مدينة بحري _ الخميس 29 أغسطس 2024 (قبل أن تجف دماء ضحايا قصف الطيران بمنطقة الوزارات شمال الجيلي، وقبل أن يجف المداد الذي كتب به بيان إدانة الحادثة استيقظ الريف الشمالي لمدينة بحري على وقع مجزرة جديدة نفذتها المسيّرات التابعة للجيش السوداني بسوق الجيلي الكبير _ محطة القطار _ وراح ضحيتها 12 شخصا).
وعندما تقرأ في معظم المواقع الإلكترونية الإخبارية السودانية نقلا عن وكالة رويترز _الأربعاء 28 أغسطس 2024 (قال 11 شخصاً مطلعين على التحقيق إنّ برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة يحقق مع اثنين من كبار موظفيه في السودان بشأن مزاعم تشمل الاحتيال وإخفاء معلومات عن المانحين حول قدرته على توصيل مساعدات غذائية للمدنيين وسط أزمة الجوع الشديدة في البلاد. ويبحث المحققون ما إذا كان موظفو البرنامج سعوا إلى إخفاء الدور المزعوم للجيش السوداني في عرقلة المساعدات وسط حرب وحشية مستمرة منذ 16 شهرا، وذكرت 4 مصادر أن مدير منظمة برنامج الأغذية العالمي في السودان محمد علي يخضع للتحقيق فيما يتصل باختفاء 200 ألف لتر من وقود المنظمة في مدينة كوستي. كما يتم التحقيق مع خالد عثمان نائب مدير برنامج الغذاء العالمي في السودان).
نعود إلى مجلس السيادة الانتقالي، الذي أدى أعضاؤه اليمين الدستورية في يوم 21 أغسطس 2019، لأول العهد نتيجة لعقد الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري بقيادة البرهان وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير (بمكوناته المعروفة وهي 5 كتل سياسية، تولت قيادة الثورة الشعبية منذ مطلع يناير 2019). أضيف للمجلس 3 أعضاء آخرين في أكتوبر 2020م بعد توقيع اتفاق سلام مع الجبهة الثورية هم مالك عقار والهادي إدريس والطاهر حجر، استقالة د. عائشة موسى السعيد قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021، الذي قاده البرهان وأعضاء المجلس العسكريين الذين كانوا يمثلون القوات المسلحة بشقيها (الجيش/الدعم السريع) ضد الأعضاء المدنيين الذين كانوا يمثلون الحرية والتغيير، فخرجوا من المجلس لم تلحق بأي منهم شبهة فساد، ولم يمتلك أحدهم دارا في تركيا أو سبائك من ذهب، ولم تغن لهم المطربة الجماهيرية ندى القلعة الشريف مبسوط مني، بل حمل محمد الفكي سليمان (بقجة) من منزل الحكومة إلى ديار أهله على متن دفار! وقد عيّره كاتب مرموق وشاعر مجيد (بالفقر) ذات مرّة في تسجيل صوتي منتشر عبر الوسائط، وأكرم به من هجاء!
المهم سارت الأزمان سيرتها المعلومة، ومجلس السيادة باق، يطرد منه البرهان من يشاء ويعيّن من يوافق هواه، من ناس سلمى، وبرطم إلى عصر رصاص، ويجتمع قبل يومين ليناقش مجمل أوضاع البلاد المنكوبة ابتداء بداء عضال من أبرز أعراضه الظاهرة مجلس السيادة، سيادته الوهمية فوق الأشلاء، القتلى والجوعى والمشردين، واخسأ بها من سيادة لو كان في الوجوه مزعة حياء، تبا للإنسان عندما ينحط إلى أسفل سافلين تبا.
المصدر: صحيفة التغيير