اخبار المغرب

عام على “جريمة السعيدية”.. ضحيتان غدرهما رصاص الجزائر وثالث ينتظر الإفراج

مرَّ عام كامل على واقعة إطلاق الجيش الجزائري الرصاص على سياح مغاربة عزَّل، كانوا على متن رحلة بحرية عبر دراجات نارية “جيتسكي” بالسعيدية، خلف الحادث حينها مصرع شابين واعتقال آخر ونجاة شخصين بأعجوبة، في واقعة أثارت ردود أفعال مستنكرة، محليا ودوليا.

تفاصيل الحادث 

تعود تفاصيل الحادث المأساوي الذي تابعته جريدة “العمق” وصحف وطنية ودولية، إلى تاريخ 30 غشت 2024، حينما أطلق خفر السواحل التابع للجيش الجزائري، الرصاص على شبان مغاربة من جنسية فرنسية كانوا على متن رحلة بحرية على متن زلاجات مائية “جيتسكي”، لينتهي بهم المطاف داخل المياه الاقليمية للجزائر بعد نفاذ الوقود، مما أدى لاعتراضهم بوابل من الرصاص الحي من مسافة قريبة على الحدود المغربية الجزائرية،

الحادث خلف مصرع مغربيين من جنسية فرنسية وهما بلال قيسي وعبد العالي مشيور، هذا الأخير ظلت جثته محتجزة بالجزائر لعدة أشهر، وواجهت أسرته صعوبات كبيرة واستفزازات وابتزاز لنقلها إلى مسقط رأسه بمدينة وجدة، فيما اعتقل شخص ثالث يدعى اسماعيل صنابي، وحُكم عليه بالحبس ل15 شهرا ولا يزال معتقلا لديها بسجن تيارت.

ردود فعل 

أثار الحادث ردود أفعال شعبية، وأخرى إعلامية وحقوقية، على الصعيدين الوطني والدولي، وتناقلت الخبر صحف عالمية، كما عجَّت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات غاضبة تدين اعتراض سبيل سياح مغاربة بالرصاص بدل تقديم يد المساعدة، أو حتى التعامل معهم بالقوانين الجاري بها العمل في حال الاشتباه فيهم، سيما أنهم لم يكونوا من حملة السلاح.

وكانت النيابة العام قد أصدرت أول بلاغ رسمي في الموضوع، وذلك حين أشارت إلى أنها فتحت بحثا قضائيا في ظروف وملابسات مصرع أحد الشابين المغربيين الذي بعد العثور على جثته بعرض البحر.

من جانبها، قالت فرنسا إن أحد مواطنيها قتل بينما احتجز آخر بالجزائر في حدث يشمل عدد من مواطنيها، من غير أن توضح ظروف وفاته.

وأوردت الخارجية الفرنسية في بيان لها، أن “مركز الأزمات والدعم في وزارة الخارجية والشؤون الأوروبية وسفارتي فرنسا في المغرب والجزائر، على تواصل وثيق مع عائلات مواطنينا التي نقدم لها دعمنا الكامل”، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية “أ ف ب”. وقالت متحدثة باسم الوزارة: “نحن على اتصال بالسلطات المغربية والجزائرية. وتم إخطار النيابة العامة”، فيما لم تحدد الخارجية الفرنسية هوية المتوفى.

من جانبه أصدرت دول أجنبية أبرزها كندا وبريطانيا، تحذيرات لرعاياها من السفر إلى منطقة بين الجراف المتاخمة للحدود المغربية الجزائرية على مقربة من مكان الحادث، وذلك تفاديا لتكرار واقعة مماثلة.

تبرير جزائري

وبعد مرور أيام على الواقعة خرجت الجزائر عن صمتها حول واقعة الإطلاق المتعمد للرصاص من طرف خفر السواحل الجزائري على 4 شبان مغاربة كانوا على متن جيتسكي ببحر السعيدية، والتسبب في مقتل اثنين منهم.

وقالت وزارة الدفاع في بيان لها ، إنه “خلال دورية تأمين ومراقبة بمياهنا الإقليمية، اعترضت وحدة من حرس السواحل تابعة للواجهة البحرية الغربية بالناحية العسكرية الثانية أمسية يوم الثلاثاء 29 أوت (غشت) 2023، في حدود الساعة 19:47 مساء 3 دراجات مائية قامت باختراق مياهنا الإقليمية”.

ولم يشر البيان إلى مقتل مواطن مغربي يحمل الجنسية الفرنسية أيضا، حيث اكتفى بالقول  أنه خلال “دورية أخرى لحرس السواحل، يوم الأربعاء 30 أوت تم انتشال جثة مجهولة الهوية من جنس ذكر مصابة بطلق ناري تم تحويلها إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى تلمسان”.

دوافع “الجريمة”

في تغريدة له، وجّه الاعلامي الجزائري وليد كبير اتهامات للنظام العسكري الجزائري بانتهاك كافة الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، واصفاً إياه بالنظام الإجرامي والخائن الذي يحكم بالدم. كما أشار إلى أن هذا النظام يدفع المنطقة نحو الحرب، داعياً الأمم المتحدة إلى التدخل العاجل من خلال نشر قوات على الحدود بين الجزائر والمغرب لمنع تكرار مثل هذه الجرائم المتعمدة.

وأكد كبير أن حماية الحدود لا تتم من خلال تصرفات جبانة، خاصة أن السياح الشباب الذين تم إطلاق النار عليهم لم يكونوا مسلحين. واختتم تغريدته قائلاً: “هذا عدوان وإجرام لا يمكن السكوت عليه”.

من جانبه اعتبر المحلل يونس التايب، الخبير في الحكامة الترابية وسياسات الإدماج، أن ما جرى هو بلطجة تؤكد أن حالة التوتر والهيجان العدواني تجاه كل ما يمت للمغرب بصلة، قد بلغ منتهاه لدى أجهزة البؤس الاستخباراتي وقوات الجيش الجزائري، بسبب سياسة يقودها “الجنرال” المتحكم في السلطة، تقوم على الكراهية والسعي لافتعال مواجهة مع “العدو الكلاسيكي”، والاعتداء على أبنائه في كل فرصة تتاح.

خرق قانوني

وكانت العمق قد سلطت الضوء على مجموعة من الخروقات القانونية التي كانت قد ارتكبتها الجزائر في التعامل مع دراجات مائية تائهة بمياهها الإقليمية، وانتهكت المعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار.

من ضمن هذه المعايير التي لم تحترمها خفر سواحل الجزائر، خرق اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالبحار والمسماة “قانون البحار” المعتمدة في 10 دجنبر 1982، تحديدا المادة 98 التي تنص بشكل صريح على واجب تقديم المساعدة.

كما أن الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974، “سولاس” تنص على ضرورة تقديم ربان السفينة المبحرة المساعدة، بحيث يتحتم على “ربان السفينة المبحرة والتي تستطيع أن تمد يد المساعدة عند استقبال معلومات من أي مصدر بوجود أشخاص مكروبين، أن يتوجه بأقصى سرعة لمساعدتهم، مبلغا إياهم أو خدمة البحث والإنقاذ بذلك…”.

استمرار اعتقال أحد الناجين 

وفي غياب لاتفاقيات للجزائر مع فرنسا فيما يتعلق بنقل معتقلين من هذا القبيل، فإن الشاب اسماعيل سنابي ذو الجنسية الفرنسية، لا يزال معتقلا بسجن تيارت بالجزائر بعدما حكم عليه ب15 شهرا، المحامي حكيم شركي أوضح أن الجزائريين استجابوا لطلب الفرنسيين بنقل إسماعيل سنابي، وأن الإجراء قد بدأ بالفعل قبل عدة أشهر. وأضاف أن أي عملية نقل دولية تتم عادة بطريقتين: في حال وجود اتفاق مسبق بين البلدين يتعلق بعمليات النقل، يتم تنفيذها بشكل أوتوماتيكي، إلا أن عدم وجود اتفاقية يجعل من سنابي ينتظر شهر نونبر موعدا لانتهاء مدة عقوبته.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *