اكتئاب ما بعد الإجازة.. ضريبة «نفسية» لاستعادة الروتين
مع انتهاء الإجازة أو العطلة الصيفية، يعود الجميع إلى عمله أو دراسته، إلا أن كثيرين يشتكون من الدخول في حالة نفسية سيئة، مملوءة بالضيق والحزن، أطلق عليها أطباء نفسيون، مجازاً، اسم «اكتئاب ما بعد الإجازة»، مؤكدين أن أعراضه تصيب عدداً كبيراً من فئات المجتمع موسمياً.
وقد تلازم المصاب بها لأيام قليلة، وقد تمتد أطول من ذلك، حسب قدرة كل شخص على تخطيها.
وأكد أطباء مختصون أن عيادات الطب النفسي، تشهد تزايداً في عدد المراجعين خلال هذه الفترة من كل عام (من نهاية أغسطس حتى منتصف سبتمبر)، لمرضى يعانون أعراض «اكتئاب ما بعد الإجازة»، ودخولهم في حالة من الحزن والأرق وعدم الاستقرار النفسي.
وأكدت استشارية الطب النفسي، الدكتورة ميادة عبدالله باناجه، أن ما يُعرف بـ«اكتئاب ما بعد الإجازة»، هو نوع من الأعراض الموسمية، عادة ما يرتبط بالتغيير المفاجئ في نمط الحياة، خصوصاً بعد قضاء إجازة مملوءة بالرفاهية والوقت الممتع، ليعود بعدها الشخص إلى نمط حياة مختلف، يتسم بزيادة الضغوط سواء في بيئة العمل أو الدراسة.
وأوضحت أن «التغيّر المفاجئ في نمط الحياة، الذي يحدث عادة خلال هذه الفترة من كل عام، يعرّض كثيرين لضغوط، ويدخل بعضهم في حالة اكتئاب تتطلب العلاج، مشيرة إلى أن هذه الحالة تصيب أصحاء نفسياً، وفي الأغلب يتمكنون من تجاوزها، إلا أنها في الوقت نفسه تصيب آخرين لديهم أعراض نفسية أخرى، فتسبب لهم انتكاسة».
وذكرت أنها تستقبل كثيراً من المرضى الذين يعانون أعراض «اكتئاب ما بعد الإجازة» خلال هذه الأيام.
وقالت: «هذه الأعراض ليست حكراً على فئة عمرية محددة أو جنس معين، وتختلف حدتها وطبيعتها حسب قدرة كل شخص على التحمل، وعوامل الخطورة التي قد تكون لدى بعضهم».
بدوره، أكد استشاري الطب النفسي، الدكتور طلعت مطر، أن وصف الأعراض التي يمر بها بعض الأشخاص بعد عودتهم من عطلتهم بالاكتئاب، أمر مبالغ فيه وغير علمي، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي يشعر فيه البعض بأعراض نفسية سيئة لعودتهم للعمل أو الدراسة، هناك آخرون يشعرون بفرح شديد، عند عودتهم، ويعتمد ذلك على كيفية قضاء كل شخص إجازته، وأثر ذلك في نفسيته.
وشرح أن «كثيراً من طلبة المدارس يفرحون بعودتهم للقاء أصدقائهم، وعودة حياتهم إلى طبيعتها. وهناك موظفون يعودون بكل طاقة ورغبة في الإنتاجية، وكل ذلك يعتمد بشكل أساسي على بيئة العمل أو الدراسة، فإن كانت سيئة كانت الأعراض سلبية، وإن كانت صحية كانت جاذبة ومريحة لأصحابها».
وقال استشاري الطب النفسي، الدكتور محمد بردي، إن عيادات الطب النفسي تشهد تزايداً في المراجعين خلال هذه الفترة من كل عام، من بينهم موظفون وطلبة يعانون أعراضاً يطلق عليها، مجازاً «اكتئاب ما بعد الإجازة».
وأوضح أن أبرز الأعراض التي تصيب هذه الفئة من المرضى، هي انخفاض القدرة على العطاء، وتراجع الفاعلية، والشعور بفقدان الطاقة، والحزن الشديد، والضيق، وعدم الرغبة في الذهاب إلى الدوام أو المدرسة.
وقال، إن الأعراض تستمر لمدة تقارب أسبوعين أو أكثر، حسب قدرة الشخص على تجاوزها.
وذكر أن من يتعرضون لـ«اكتئاب ما بعد الإجازة» ينقسمون إلى صنفين، الأول يستطيع أن يتجاوزها خلال فترة بسيطة، بعد الحصول على الدعم النفسي، والآخر يحتاج إلى جلسات علاجية مكثفة، لمساعدته على تجاوزها، وهذه الفئة عادة ما يكون لديها أسباب جينية.
وحدد وصفة تمكن من يشعرون بأعراض الاكتئاب الموسمي، أن يتجاوزوها بسهولة، تتمثل في ضرورة أن يكون لدى جميع أفراد وفئات المجتمع قدر من الثقافة والمعرفة حول هذه الأعراض، وأن الإصابة بها خلال الفترة نفسها من كل عام، أمر طبيعي، وضرورة الالتزام بنمط حياة صحي من خلال النوم الجيد، والتغذية الصحية، لمقاومة أي أفكار سلبية قد تسيطر على الإنسان، وضرورة مراجعة طبيب مختص، والحصول على الاستشارة المناسبة، والخضوع لجلسات وأدوية إذا لزم الأمر.
• عيادات الطب النفسي تشهد تزايداً في عدد المراجعين خلال هذه الفترة من كل عام لمرضى يعانون أعراض «اكتئاب ما بعد الإجازة» ودخولهم في حالة من الحزن والأرق وعدم الاستقرار النفسي.
العودة إلى الروتين
في مقابل «اكتئاب ما بعد الإجازة»، هناك أشخاص يستمتعون فعلاً بالعودة إلى العمل، لأنه يوفر لهم الروتين والقدرة على التنبؤ والألفة.
لذلك، على الرغم من أننا نتوق إلى التغيير، فإن عقلنا يفضل في الواقع الاتساق، ويحاول استعادة الاستقرار كلما تعرض روتيننا العادي للتهديد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
المصدر: الإمارات اليوم