حماة المستهلك ينادون بتجاوز “مناسباتية” حملات المراقبة لمواجهة موجة الغلاء
تستمر موجة الغلاء التي تطال مجموعة من المواد الاستهلاكية الحيوية في إثارة القلق في أوساط المستهلكين المغاربة، الذين باتوا ينشدون في كل مرة تفعيل خيار يرونه حلا من أجل محاصرة “تغول الأسعار”؛ فبعد أن ناشدوا في غير ما مرة مجلس المنافسة التدخل لوضع حد للممارسة التي تئد المنافسة الشريفة، على غرار “الاتفاق على الأسعار”، كثفوا في الآونة الأخيرة مطالبتهم بتجاوز “مناسباتية” حملات المراقبة التي تقوم بها اللجان المكلفة بمراقبة الأسعار وجودة المنتجات الغذائية.
وفيما شدد العديد من المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي على أن “عمل اللجان المذكورة يجب أن يستمر طول السنة، لا في رمضان لوحده”، مراهنين على دورها في “مراقبة الأسعار”، يعتبر حماة المستهلك أن هذا الرهان يكشف عن “سوء فهم” لدى المواطن المغربي للقانون المنظم لحرية الأسعار والمنافسة، الذي أكد أن ما يحدد الأسعار حصرا هي “المنافسة الحرة”، موضحين من جهة أخرى أن “ما يتعيّن على هذه اللجان فعله هو مراقبة إشهار الأثمنة باعتباره من أنجع الطرق لخفض الأسعار”، فيما تبقى “الكلمة الأولى والأخيرة للمستهلك الذي يحوز ورقة المقاطعة”.
“سوء فهم”
أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية “مع المستهلكين”، أكد أن “المراهنة على تدخل اللجان لأجل مراقبة الأسعار بما يؤدي إلى الحد من غلاء مجموعة من المواد الأساسية، تكشف وجود خلل كبير لدى العديد من المواطنين في فهم القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، الذي نص على تحرير السوق وتحديد الأثمنة بناء على المنافسة، وهو الخلل الذي يرجع بالدرجة الأولى إلى تسمية هذه اللجان نفسها، وبالدرجة الثانية إلى عدم قيام جمعيات حماية المستهلك بمجهود كاف لشرح هذا القانون”.
وأوضح بيوض، في تصريح لهسبريس، أنه “مبدئيا، لا يمكن لهذه اللجان أن تقوم بمراقبة الأسعار في رمضان أو في غيره من فترات السنة، لأن ذلك يعني ضربا لمقتضيات القانون سالف الذكر”، موردا أن “هذا الأخير مثلما ضمن حرية الأسعار، فإنه منع أيضا الممارسات التي تجهض المنافسة، على غرار الاتفاق على الأسعار، مثلما يحدث الآن داخل الأسواق المغربية حيث أصبح المستهلك يتجول في السوق كاملة ليجد مختلف بائعي الدجاج يبيعون الكيلوغرام الواحد منه بـ 30 درهما”.
وشدد الرئيس المؤسس لجمعية مع المستهلك على أن “المراقبة من طرف اللجان أمر ضروري، لكن يجب أن تتوجه بالأساس نحو متابعة حرص الباعة على إشهار الأثمنة بشكل واضح ومقروء بالنسبة لجميع المستهلكين”، مؤكدا أن “إشهار الأثمنة يعد من أنجع الطرق لخفض الأسعار دون الحاجة إلى مراقبتها”.
وأضاف المتحدث أن “المشكل الذي يواجه المستهلك المغربي، ليس هو حرية الأسعار، بل عشوائية الأسواق، وعدم وجود وسائل تمكن من معرفة مصدر جميع المواد المعروضة في السوق المغربية، فبالنسبة إلى الخضر على سبيل المثال، لا يمكن التحقق من خلوها من جميع المبيدات الحشرية والضارة بخلاف الوضع في الأسواق الأوروبية”، مشددا على أن “مصلحة المستهلك تقتضي إعادة تنظيم وتوزيع السوق بشكل عام”.
“الحق في الاختيار”
بوعزة الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق المستهلك، شدد من جهته على أن “تركيبة اللجان المذكورة تبقى من الأساس غير قانونية؛ فكل المؤسسات الممثلة في هذه اللجان ينبغي أن تتوفر على لجنة خاصة بها وتراقب السوق وفقا للأدوار المنوطة بها”، موردا أن “الدور الذي يمكن للداخلية القيام بها من خلال أي لجنة ذات علاقة بموضوع الغلاء، هو مراقبة إشهار الأثمان بالأسواق”.
وأكد الخراطي، في تصريح لهسبريس، أنه “لا يمكن لأي لجنة أن تراقب الأسعار، بصرف النظر عما إذا كانت مراقبة ظرفية أو على مدار السنة، لأن حرية الأسعار مكفولة بمقتضى القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة”، مبرزا أن “ما يتعيّن على المستهلكين المغاربة فعله للحد من موجة الغلاء الحالية، هو ممارسة الحق في الاختيار المكفول بموجب القانون 31.08 المحدد لتدابير حماية المستهلك”. وزاد: “للأسف، بعض المستهلكين المغاربة غير واعين بهذا الحق ولا يتحدون لأجل إنجاح مقاطعة مادة واحدة يمكن أن تؤدي إلى خفض أثمنة مواد أخرى”.
وأوضح رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك أن “إيفاد أقسام الشؤون الاقتصادية والتنسيق التابعة لوزارة الداخلية لجانا خاصة بها لأجل مراقبة الأثمنة لا الأسعار في الأسواق المغربية بشكل دائم، يمكنه أن يساهم في خفض أسعار المواد الأساسية، شريطة توفير الحماية اللازمة لأعضاء هذه اللجان”، إلا أنه عاد ليؤكد أن “الكلمة الأولى والأخيرة في كبح هذا الغلاء تبقى للمستهلك المغربي”.
المصدر: هسبريس