اخبار المغرب

بعد الاعتراف بمغربية الصحراء.. باريس تعتمد خريطة المغرب كاملة داخل الكتب المدرسية

في خطوة جديدة تُبرز موقف فرنسا الداعم للسيادة المغربية على الصحراء، قامت باريس بتضمين خريطة المغرب كاملة في اليوميات الموجهة للتلاميذ قبيل بدء الموسم الدراسي، مما يمثل تحولًا نوعيًا في مسار الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.

ويعد إدراج خريطة المغرب كاملة، وفقًا لما حصلت عليه جريدة “العمق” من صور، خطوة متقدمة في مسار الاعتراف الفرنسي بالقضية المغربية، كما أن انتشار هذه اليوميات في المكتبات الفرنسية يشير إلى أن هذا الاعتراف لم يعد محصورًا في الأطر الدبلوماسية بل امتد ليشمل الرأي العام الفرنسي، خاصة بين الشباب الذين يشكلون قوة مؤثرة في تشكيل الرأي العام.

رسالة واضحة

وفي هذا السياق، أوضح خبير العلاقات الدولية، الموساوي العجلاوي، أن رسالة الرئيس الفرنسي الموجهة للملك تؤكد أن فرنسا ستسعى لترجمة موقفها الجديد تجاه مبادرة الحكم الذاتي على المستويين الداخلي والدولي، بما يشمل كل ما يتعلق بالخرائط والاستثمارات وفتح قنصليات جديدة وإنشاء مراكز ثقافية في الأقاليم الصحراوية، مما يمثل تطبيقًا عمليًا للقرار السياسي الفرنسي.

وأضاف العجلاوي في حديثه مع “العمق” أن الموقف الفرنسي له خصوصيته، نظرًا لكون فرنسا عضوًا دائمًا في مجلس الأمن وتمتلك نفوذًا في بعض الدول الإفريقية والأوروبية. ومن المتوقع أن تسعى فرنسا لترجمة موقفها داخليًا وخارجيًا.

وتساءل العجلاوي حول حدود الدعم الفرنسي للحل السياسي ومبادرة الحكم الذاتي، معتبرًا أن المستقبل سيكشف عن مدى هذا الدعم.

دعم للمغرب

من جانبه، أكد خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، أن هذه الخطوة تمثل اعترافًا ضمنيًا بمغربية الصحراء من قبل فرنسا، وتعد انتصارًا دبلوماسيًا للمغرب يعزز موقفه الدولي ويؤكد صحة مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع.

وأضاف معتضد أن إدراج الخريطة يشير إلى تحول جوهري في السياسة الفرنسية على المستوى الفعلي والعام الداخلي، حيث لم يعد بإمكان باريس الوقوف على الحياد أو تبني مواقف ضبابية تجاه القضية، بل أصبحت الآن تدعم صراحةً السيادة المغربية، مما يعزز من موقع المغرب كقوة إقليمية رئيسية.

وأشار معتضد في تصريحه لجريدة “العمق” إلى أن هذه الخطوة تتجاوز البعد الدبلوماسي لتشمل تأثيرها على الرأي العام الفرنسي والدولي، حيث تساهم في تشكيل وعي الأجيال الجديدة وتعزيز الفهم الصحيح للوضع الجغرافي والسياسي للمغرب.

ووفقًا للمحلل السياسي، فإن هذا الإدراج يعتبر خطوة رمزية قوية تشير إلى دعم فرنسا للاستقرار الإقليمي ودورها كشريك استراتيجي للمغرب في مواجهة التحديات المشتركة، كما يعكس قدرة المغرب على التأثير في السياسات الخارجية للدول الكبرى من خلال دبلوماسية فعالة ومدروسة.

تعزيز التعاون الاقتصادي

وتابع معتضد بالقول: “الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء أصبح واقعًا ملموسًا من خلال سلسلة من الإجراءات التي تعزز هذا الموقف، موضحًا أن إدراج خريطة المغرب كاملة في المناهج المدرسية الفرنسية يشكل خطوة أساسية في ترسيخ هذا الاعتراف، حيث يتم تقديم السيادة المغربية كحقيقة جغرافية وسياسية للأجيال القادمة في فرنسا، مما يعكس تحولًا كبيرًا في الوعي العام الفرنسي، ويساهم في تأكيد أن الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب المغربي”.

وأضاف أن هذا التطور لن يقتصر على المجال التعليمي فقط، بل من المتوقع أن يرافقه تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين المغرب وفرنسا، خاصة في الأقاليم الجنوبية، مع احتمالية فتح المزيد من القنصليات الفرنسية في هذه المنطقة، مما يعكس التزام باريس بدعم موقف المغرب بشكل عملي على أرض الواقع.

هذه الخطوات، بحسب معتضد، تضع أسسًا قوية لتعاون أعمق بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وفي السياق الدولي، أوضح معتضد أن التزام فرنسا بموقفها الجديد تجاه قضية الصحراء سيظهر من خلال مواقفها في مختلف المحافل الدولية، حيث ستعمل باريس على دعم المغرب في المنظمات الدولية، وتسعى إلى تكريس هذا الاعتراف ضمن المواقف الرسمية للاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع.

وأكد معتضد أن الدعم الفرنسي لن يكون مجرد تأييد نظري، بل سيعكس شراكة فعلية تساهم في ترسيخ السيادة المغربية على الصحراء على المستوى الدولي.

موقف مغاير

وأشار هشام معتضد إلى أن الموقف الفرنسي تجاه قضية الصحراء المغربية يتسم بخصائص فريدة تجعله مغايرًا لمواقف الدول الأخرى. موضحًا أن فرنسا أحدثت نقلة نوعية بتبنيها موقفًا واضحًا وصريحًا يعترف بمغربية الصحراء، وهو ما تجلى من خلال إدراج خريطة المغرب كاملة في المناهج الدراسية الفرنسية، والاعتراف بمخطط الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع، مما يعكس التزامًا جريئًا من جانب باريس في دعم المغرب بشكل علني.

وأضاف معتضد أن ما يميز الموقف الفرنسي هو أنه يأتي من دولة تُعتبر من القوى الإقليمية ذات التأثير السياسي والدبلوماسي الكبير في المنطقة وأفريقيا. كما أن موقف باريس يشكل ضغطًا على الدول الأخرى التي تقع تحت نفوذها الاستراتيجي، خاصة في أفريقيا والاتحاد الأوروبي، مما يدفعها إلى مراجعة مواقفها وربما تبني سياسات مشابهة.

واختتم معتضد بأن فرنسا، من خلال هذا الموقف، تضع نفسها في مقدمة الدول الداعمة للاستقرار الإقليمي وتقر بالحقائق على الأرض، مما يعزز من مصداقيتها كشريك استراتيجي في المنطقة.

وأكد أن الموقف الفرنسي يزداد أهمية عندما نقارنه بمواقف دول أخرى لا تزال تتردد في اتخاذ خطوة مماثلة، مما يضع هذه الدول أمام تحدٍ لإعادة تقييم مواقفها، خاصة مع تزايد عدد الدول التي تعترف بمغربية الصحراء. ومن هذا المنطلق، فإن الموقف الفرنسي لا يُعد فقط مخالفًا، بل يمكن أن يكون نقطة تحول رمزية في السياسة الإقليمية تجاه هذا النزاع، مما يمهد الطريق لتحولات أوسع في المستقبل.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *