اخبار المغرب

مهنيو اللحوم الحمراء والدجاج والسمك يستبعدون تراجع الأثمان بعد الصيف

رجحت تحليلات كثيرة أن انتهاء العطلة الصيفية من شأنه أن يُسهم في هبوط أسعار بعض المواد الغذائية التي ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الفائتة، خصوصا اللحوم الحمراء والدجاج والسمك؛ وهو ما فندته جهات مهنية مُعتبرة هذه النبوءة التحليلية “قاصرة على استشراف وضع الأسعار التي من المستبعد أن تعرف انخفاضا، حتى لو شهدت الطفرة الاستهلاكية الصيفية تراجعا واضحا”.

وتتحكم مسألة القدرة الشرائية في نقاش ارتفاع الأسعار؛ وهو ما أفرز دائما “تباينا في الرؤى”، مع أن الكثيرين يعتبرون أن “المقياس” هو الفئة الغالبة من الشعب المغربي: الطبقة الفقيرة والطبقة المتوسطة بوصفهما طبقتين “تحملتا الوزر الأكبر ليس في غلاء أثمان هذه المواد الغذائية الحيوية التي تواصل الارتفاع؛ بل أيضا في غلاء المنتوجات الأخرى التي تعد هذه المواد المعنية بالغلاء ضمن تكوينها الأساسي أو عنصرها الأصلي”.

اللحوم تواصل الالتهاب

عبد العالي رامو، رئيس الجمعية الوطنية لبائعي اللحوم الحمراء بالجملة، استبعد “تماما” إمكانية نزول أثمان هذه اللحوم، مشددا على أن “الغلاء مستمر ولن يتراجع؛ لكون المصيبة العظمى أن سلطات الفلاحة ما زالت تواصل السير بالمنهجية القديمة نفسها التي أثبتت إفلاسها حقيقة”.

وزاد رامو: “الأمور واضحة والغلاء سيعمر طويلا، وهم يعتبروننا حين ننتقد سياسة وزارة الفلاحة أننا نقوم بـ’البلبة’، والحال أن المشكلة جلية؛ ولكن ردود الفعل الرسمية غير عملية”.

واختار رئيس الجمعية الوطنية لبائعي اللحوم الحمراء بالجملة، ضمن تصريحه لهسبريس، أن ينفي ما سبق أن قاله محمد صديقي، الوزير الوصي على القطاع الفلاحي، مرة بخصوص انتفاء “اللوبيات” في المجال الفلاحي.

وفي هذا الصدد، أبرز المتحدث سالف الذكر أن “هذا القطاع هو موطن اللوبيات التي تتحكم في مصير اللحوم، بمباركة وزارة الفلاحة والصيد البحري. وهذه التنظيمات المهنية النافذة هي التي تخرب القطاع من داخل الوزارة”، لافتا إلى أن “الفشل في التدبير هو الذي جعلنا نصل هذا المستوى وهذه الندرة الشديدة في اللحوم سواء الأغنام أو الأبقار؛ وهو ما يفضحُ خدعة الوفرة الرائجة قبل عيد الأضحى”.

وتابع المهني ذاته أن “الدجاج أصابته عدوى الارتفاع في الأسعار لكونه وقع على استهلاكه ضغط كبير حين لم يعد جزء كبير من المغاربة قادرا على اقتناء اللحوم الحمراء”، معتبرا أن “المخطط الأخضر هو المتسبب الأول في هذا الوضع، ولهذا صرنا عاجزين عن تأمين حاجياتنا، والحال أنه يمكن تشجيع إنتاج الحليب مرة أخرى محليا؛ وبالتالي تعزيز القطيع الوطني من الأبقار، حيث إن كل بقرة يمكن أن تلد لنا بقرة أخرى تواصل إنتاج الحليب وعجلا يوجه إلى الذبح.. وهذا ما أهمله الفاعل الرسمي”.

الدجاج وارتباك الوضع

محمد أعبود، رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، قال إن الأسعار يمكن أن “تنخفض ويمكن أن تحافظ على نفس درجة الارتفاع”، مشيرا إلى أن “الاستهلاك الذي كان في السنوات الماضية عرف نقصا بينا، والمهنيون قاموا بتخفيض الإنتاج وبنقص ترويج الكتكوت وبرفع ثمنه؛ ما يعني أن الغلاء ينطلق من المنبع، وهناك احتكار واضح يتطلب فسح المجال أمام الاستيراد لتعزيز العرض الوطني من الكتاكيت”.

وأوضح أعبود، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “التوريد يمكن أن يفضي إلى نتيجة تنعكس في النهاية على أسعار الدجاج في الأسواق”، معتبرا في هذا السياق أن السوق الوطنية تعرف مشاكل واضحة من خلال صرف الدعم لجهات لا تستحقه، وخصوصا المنتجين الكبار، والمربي الصغير صار رهينا بهذه التلاعبات التي تتم على المستوى الأعلى من هرم العملية برمتها، والتي لم تعد تقبل أية تبريرات واهية من قبيل الغلاء عالميا أو الجفاف”.

ولفت المتحدث عينه إلى أن “الأسعار في السوق العالمية تراجعت بشكل واضح؛ ما يعني أن المواد الأولية في السوق الدولية لا تمثل مشكلا”، مضيفا أن “الجفاف بدوره لا يشكل أية معضلة للإنتاج الوطني؛ لأن القطاع يعتمد على 95 في المائة من المواد الأولية المستوردة من الخارج”، مسجلا أن “هناك مغامرة بالقطاع من خلال هذا الغلاء.. والمقاطعة تقصم ظهر المربي الصغير، الذي سيضطر إلى بيع ما لديه بنوع من الخسارة”.

الأسماك تنتظر الحسم

عادل السندادي، عضو المكتب الجامعي للرابطة الوطنية للصيد البحري المنضوية تحت لواء رابطة النقابات الحرة، استبعد بدوره الانخفاض ما دامت هناك لوبيات تتواطأ بخصوص رفع الأسعار؛ وهو ما جعلنا نعاين هذا الصيف هوة خطيرة بين ثمن البيع بالجملة وبين ثمن البيع للمواطن، معتبرا أن هذا الغلاء الفاحش يستدعي تدخل مجلس المنافسة لتتبع سلسلة قيمة السمك، وهل تخضع لأي تلاعب يضر بمبادئ المنافسة الشريفة.

ودعا السندادي، ضمن تصريحه لهسبريس، إلى “الحسم في هذه الفوضى التي يعرفها قطاع السمك، من خلال إعادة النظر في القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة وتسقيف سعر السردين والأسماك حتى نقطع الطريق على ممارسات تحاول تحويله نحو الإنتاج الصناعي ليكون سمكا معلبا، معتبرا أن “هذا غير مقبول، ويجب أن نحرص على ممارسات لا تضر بالقدرة الشرائية للمواطنين وأيضا لا تضر بمصالح المهنيين؛ لأن اللوبيات أساءت كثيرا إلى القطاع”.

وشدد المتحدث على أن “الأسعار تخضع للتلاعب. وهذا لا غبار عليه”، مؤكدا أن “هبوط الأثمان رهين بالمراقبة، فليس معقولا أن يصل السردين (الذي هو سمك الفقراء) إلى 50 أو 60 درهما مثلما حدث في بعض المناطق”.

وزاد: “هذه الأثمنة تسائلنا جميعا، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في القيام بأدوارها، لوقف هذه الطبيعة غير السليمة التي صارت تعرفها الأسواق المتعلقة ببيع السمك بشكل عام”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *