كتاب جديد يعرّب قصائد أمازيغية مغربية
أغانٍ أمازيغية ينقلها كتاب جديد إلى العربية، يكشف ما طال كلمات بعضها من نسبة إلى مغنيها لا من كتبوها ونظَموها، وقعه الشاعر محمد مستاوي، مع إثبات القصائد بلغتها الأصلية مدوّنةً بحرف عربي.
هذه الأبيات غنتها مجموعات موسيقية مغربية وموسيقيون؛ من بينهم أسماء بارزة، مثل: “أوسمان” و”إزنزارن” وعموري مبارك و”مجموعة لارياش” و”إخوان مستاوي” وعبد المجيد كرابي وعلي شوهاد “أرشاش”، وتُرجمت الأشعار رغم أن “الوردة لن تحتفظ بجمالها إذا اقتُطفت من منبتها (…) والسمكة تفقد حيويتها وحياتها فور مغادرتها مسقط رأسها”؛ لكن “ومع ذلك، ليس من حق أي واحد، شاعرا كان أو ناثرا، أن يحتفظ بها، لأن الكلمة إنسانية قبل أن تكون وطنية”، و”قد كانت الكلمة ولا تزال وستظل صلة وصل بين الأفراد والجماعات؛ وبالتالي بين ماضي الإنسانية وحاضرها ومستقبلها”.
هذا المؤلف، المُهدى “إلى الذين واللائي لا يريدون ما ليس لهم، الذين واللائي لا يسرقون ما لغيرهم، كلاما كان أو شيئا آخر”، استهله كاتبُه بـ”صرخة شاعر”، يقول فيها: “لما أصدرت ديوان ءاسايس المرقص سنة 1988 أشرت في ملحق للديوان إلى ظاهرة مرضية موروثة، هي ظاهرة التخلف لدى العديد من الفنانين (…) من فئة الروايس وتارايسين وبعض المجموعات المعاصرة (…) وثقت جل القصائد التي تم السطو عليها في دواويني دون استشارتي، ودون الإشارة إلى اسم الشاعر محمد مستاوي كتابة أو صوتا، التجأت إلى هذه المحكمة وتلك ضد الشركات المروجة للأشرطة الحاملة لكلماتي، وأنصفني القضاء طبقا للقانون”.
وأضاف الشاعر محمد مستاوي: “المجموعات، أو أغلبها، استمرت في تجاهل حق المؤلف (…) مما جعلني أدوّن بعض قصائدي المغناة في هذا المؤلف، وتم تسجيلها في الحالة المدنية للآخرين”، مع تنبيهه إلى ما لحقه “من ضرر معنوي ونفسي” بسبب سماع رائعة من الروائع المغناة دون ذكر اسم شاعرها، مثل: تابرات، ءامطا ءوهو، مامنك ءوريالا، إجدر واكال ءاجديك، كتيغد ءاجديك ءومليل، تيلاس.
وأبرز الكتاب خطورة هذه الظاهرة على الذاكرة الموسيقية المغربية كما تحفظُها الأبحاث الأكاديمية: “عندما يقوم طالب بتفريغ الأشرطة وغيرها لإنجاز دراسة جامعية ما، لا يجد طبعا أسماء الشعراء؛ فيُسند المتن الشعري إلى هذا المغني وذاك ممن لا يتقنون النطق السليم بما نسبوه ظلما إلى أنفسهم”.
وهكذا، “حملنا الفساد من المفسدين إلى الدراسات الجامعية، والطالب الباحث لا يلام لأنه تعامل مع الذي أمامه، والمواطن المستمع لا يلام عندما ظن ويظن أن الأغنية الفلانية للذي تغنى بها هو ومجموعته، أو الرايس الفلاني والرايسة الفلانية، وليست الكلمات مثلا للشاعر الحاج أحمد ربح، والشاعر عمر برغوت، لصمتهم ولقبولهم أن تسجل بنات فكرهم في الحالة المدنية للآخرين بمقابل رمزي، وبدون مقابل”.
ومن بين من يتحمل مسؤولية هذه الخطيئة تُجاه الذاكرة الشعرية المغربية “الجمهور المتلقي خاصة المتعلم، والإعلام السمعي البصري والمكتوب؛ فالكل عليهم أن يعملوا لاستئصال هذا الورم الموروث الخبيث، حماية لذوي الحقوق، ولنفسية المبدعين، وللدراسات الجامعية”، علما أن هذا الإشكال الذي تعانيه الأغنية الأمازيغية السوسية والأطلسية والريفية تعانيه بدرجات أقل الأغنية الشعبية المغربية باللسان الدارج، “وعلى المتخصصين فيها أن يفضحوا المستور”.
الكتاب الجديد، المنبه إلى ضرورة العناية بفناني الروايس ودراسة وضعيتهم المعنوية والمادية وصيانة فنهم من التشويه المُدعي “التطوير”، من بين رسائله رسالةٌ إلى “الفنان الأمازيغي” قال فيها المؤلف محمد مستاوي: “عليك أن تتخلى عن الموروث القائل: لن تكون فنانا إلا إذا كنت شاعرا وملحنا وذا صوت موصل مقبول. إذا توفر لك أحد الأعمدة الثلاثة فأنت فنان، وعليك أن تتعاون مع من يمتلك ما لا يتوفر لديك”.
المصدر: هسبريس