إحداثيات الأجهزة الإعلامية السودانية , اخبار السودان
إحداثيات الأجهزة الإعلامية
د. الفاتح يس
في خضم هذه الحرب، وما يصاحبها من اشتباكات ومدافع ومعارك وأحداث وتشريد ونزوح وقطع للشبكات؛ تكُثر الأخبار والمعلومات والشائعات والتريندات الهاشتاق؛ بغض النظر عن صحتها ومصدرها.
كل هذا يحتم على الكيس الفطن التقصي في أخذ الخبر وتداوله بعد التحقق من صحته، ولابد من تركيب فلتر ومنظار لمعرفة الحقيقة من الشائعات.
وإذا تمعن الكيس الفطن سيعرف كيف تعمل وتدار هذه الآلات الإعلامية في النشر والتداول الإعلامي.
الإعلام له أشكاله بين إعلام مكتوب مقروء ومسموع ومرئي؛ وأيضاً للمواطن ميوله للمادة الإعلامية، فمواطن يثق في الإعلام الرسمي في القنوات الرسمية كتلفزيون السودان وإذاعة أمدرمان، ومواطن آخر يميل للإعلام المقروء الذي فيه كتابات علمية وكتابات بلغة عربية فصحى رصينة، ومواطن آخر يتأثر بالمفردات العامية الدارجية، ومواطن آخر يميل للاسلوب المستفز في الكتابة.
في المقابل لكل صحفي طريقته وأسلوبه وكلماته ومفرداته وحروفه الخاصة به، وبالتأكيد لكل شخص ميول لصحفي ومنصة إعلامية يتابعها ويستمتع ويثق فيها. وهنالك نوع آخر يعتمد على الإعلام الغير رسمي وما تبثه الأسافير من مقاطع صوتية ولايفات.
حتى الكاريكاتير بأشكاله المختلفة؛ يعتبر من المواد الإعلامية، ولديه رواده ومعجبية يفهمون مضمونه، ويستخلصون ما به من معلومات، ولا ننسى دور الدراما والفن في هذا الإعلام.
القاسم المشترك بين كل ما ذُكر أعلاه هو مصادر هذه الأخبار والمعلومات؛ فالإعلامي المهني يكون لديه مصادر موثوق بها يستمدها من الجهات الأم صانعة وصاحبة الحدث والأجهزة الحكومية والأمنية ويعرف ما يدور في أروقة هذه الأجهزة؛ وبديهي ليس كل شئ يتم بثه للإعلام، وفي المقابل ليس كل ما بثه الإعلام؛ هو كل ما يدور في هذه الأجهزة وهذه الغرف المغلقة، فالمعلومات بها الجهر والسر.
على الصعيد العالمي نجد الدول والمؤسسات الحكومية والخاصة والجهات الأمنية تتخذ أسلوبها الإعلامي في توصيل المعلومات؛ تارة يتخذون الإعلام المباشر وتارة الإعلام الغير مباشر على حسب نشاط المؤسسة وطبيعتها.
الآن الإعلام أصبح سلاحاً قوياً وحساساً ويصنع الفارق في الصراعات والحروب المسلحة بين الجيوش والمكونات الاقتصادية المختلفة؛ لهذا بعض الدول والشركات الاقتصادية والحواضن السياسية الراعية للجيوش؛ تنسق مع القنوات والمنصات (الإعلام المُوَجَه) للتغطية الإعلامية ولتنشر لها الأخبار والمعلومات بعد صياغتها في قوالب إعلامية في شكل مقال مقروء أو تسجيل صوتي أو لايف أو كاريكاتير أو أي محتوى إعلامي آخر وتختار الإعلامي أو الصحفي الذي يصيغها بالصيغة القياسية لتناسب تركيبة وعقلية وسلوك الشريحة المستهدفة والمقصود إيصال الخبر لها، والغرض من ذلك ملء الفضاء الإسفيري بما يخدم مصالحها سواءً الوطنية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الدبلوماسية أو غيرها.
أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والاستدامة
المصدر: صحيفة التغيير