برغم قرار تبعية المعابر لمجلس السيادة.. استمرار اعتصام المخلصين بوادي حلفا وتوقف حركة الصادر والوارد
تقرير: سليمان سري
وجه رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، أمس الثلاثاء، بأيلولة الإشراف على المعابر الحدودية لمجلس السيادة .بينما واصلت شعبة التخليص الجمركي بوادي حلفا اعتصامها لليوم الثاني تصعيدًا للإضراب الذي استمر لثلاثة أيام. وبدأ الجانب المصري تحركات واسعة واتصالات مع المسؤولين السودانيين لاحتواء الموقف بعد تكدس الشاحنات بمعبري قسطل وأرقين داخل على الجانب المصري.
وقال إعلام مجلس السيادة في تعميم صحفي، تحصل عليه “راديو دبنقا” إن القرار جاء تسهيلاً للإجراءات عبر المعابر الحدودية ولضمان إنسياب الحركة التجارية وسرعة تخليص البضائع.
ودخلت شعبة المخلصين بجمارك وادي حلفا وعمال الشحن والتفريع و بعض الأهالي في اعتصام مفتوح تصعيدًا للإضراب الذي دخل يومه الرابع، احتجاجًا على حزمة إجراءات اتخذتها شرطة الجمارك، ونصب المعتصمون خيامًا أمام معبر إشكيت الحدودي، وسط توقف حركة البضائع “الصادرة والواردة” عبر المعابر الحدودية بين البلدين.
تأثير قرار السيادي:
قلل عدد من المخلصين الجمركيين من قرار رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان بأيلولة الإشراف على المعابر الحدودية لمجلس السيادة.
وقال خبير جمركي لـ”راديو دبنقا” إنّ مراقبة الحدود والمعابر هي من اختصاص سلطات الجمارك، وإن مجلس السيادة ليس لديه آلية للمراقبة التي اسندت اليه، نسبة للظروف الاقتصاديه التي تمر بها البلاد وأضاف ليس في مقدور بنك السودان توفير النقد الأجنبي لتمويل الواردات.
واعتبر أن الحل وفق قانون الجمارك الذي يكفل للمدير سلطة عمل التسويات في بعض الواردات حسب القيمة الجمركية للسلعة، والتي اسندها القرار للنائب العام الذي ليست له دراية بالإجراءات الجمركيه التي تحكم المعاملات الجمركيه، ورأى بأن الغرض من القرار أضعاف سلطات الجمارك.
من جهته قال المخلص محمد عبدالحافظ إن قرار تبعية المعابر ليس بجديد فقد كانت المعابر تتبع لرئاسة الجمهورية وأصبحت تتبع لوزارة النقل، مشيرًا إلى أن صدور القرار في هذا التوقيت بإعادة المعابر لمجلس السيادة لم يعالج المشكلة وليس له أي تأثير ولاعلاقة له بمشكلتهم. واعتبر أن وزارة النقل أًصبحت عاجزة عن تشغيل وإدارة المعابر.
ودخلت شعبة المخلصين بوادي حلفا في إضراب شامل عن العمل، يوم السبت، بمعبري إشكيت وأرقين الحدوديين مع مصر، بمحلية وادي حلفا بالولاية الشمالية، احتجاجاً على ارتفاع تكاليف التخليص بزيادة سعر الدولار الجمركي إسبوعيًا بمعدل خمسين دولارًا، بنسبة 4% وتأخير الإجراءات.إضافة إلى إلزامهم من الجمارك باستخراج فورم الاستيراد (I.M).
وقال المخلص محمد عبدالحافظ إن خلافهم مع شرطة الجمارك يتعلق بفورم الاستيراد (I.M) والذي لايستخرج إلا للبضائع أعلى من خمسة ألف دولار، وأن شرطة الجمارك تطلب من المخلصين استخراج الفورم للأمتعة الخاصة “العفش الشخصي”. على سبيل المثال لشخص مورد 20 كرتونة مراوح أو عشرة لفة خرطوم مياه، ورأى بأنه لايمكن لشخص أن يورد بضاعة في حدود 300 دولار ويقف في صف البنك ويطلب من البنك استخراج الفورم. مؤكدًا بأن البنك لايسمح باستخراج الفورم بأقل من خمسة ألف دولار.
واعتبر أن شرطة الجمارك أصبحت تطالب مع كل الواردات ابراز فورم (I.M) بغض النظر عن نوع وحجم البضاعة المستوردة.
اليوم الثاني للاعتصام:
وأبلغ رئيس لجنة الخدمات بالمجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا “راديو دبنقا” إن الاعتصام نجح في حشد عدد كبير من المخلصين يفوق الـ 400 مخلص وحوالي 600 من عمال الشحن والتفريغ، مع عدد كبير من أهالي المنطقة المتضررين من توقف المعابر ومتضامنين مع شعبة المخلصين.
واعتبر أن مطالبهم واحدة وأنهم متضررون من إجراءات الجمارك التي تؤثر اقتصاديًا على معاشهم إذ يعتمد مواطني وادي حلفا في دخلهم على المعابر، بجانب احتجاجهم على نقص الخدمات الأساسية.
وقال إن المواطنين وشعبة المخلصين رفعوا مذكرتين كل طرف على حده، للمدير التنفيذي وتعهدوا بتصعيد قضيتهم لحكومة الولاية والحكومة الاتحادية.
مذكرة المخلصين:
دفعت شعبة المخلصين بجمارك وادي حلفا بمذكرة للمدير التنفيذي تتعلق بتكدس البضائع بحظيرتي وادي حلفا وأرقين، وأرجعت الشعبة أسباب التكدس في القرار الأخير الصادر من قبل الحكومة الاتحادية.
وقالت المذكرة التي تحصل “راديو دبنقا” على نسخة منها، إنَّ القرار نص على أن يتم التخليض الجمركي بواقع مستندات بنكية بفورم “I.M”، وسجل تجاري وأن تكون المستندات مستوفية شهادة المنشأ والفاتورة “البوليصة” وأن يتم عبر المصارف. وأضافت بأن هذا القرار تم تطبيقه أيضًا للاستعمال الشخصي وصغار التجار الذين يعملون وفق ضوابط حسب القيمة المعلنة.
ورأت شعبة التخليص في مذكرتها بأن الشيء المتبع في هذا الإجراء أن هناك فترة محدودة لتفريغ الحظائر من البضائع المكدسة قبل اتخاذ القرار.
وقالت الشعبة أن لديها بضائع في الحظائر منذ فترة طويلة قبل صدور القرار وصدر القرار وتم تطبيقه عليها.
كما أشارت إلى أن لديها شاحنات تحت إجراءات التخليص لأكثر من شهر حسب العمل، ترتبط بمصالح أخرى مثل الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس والصحة، وعدم وجود معامل لهذه المصالح بوادي حلفا مما يؤثر في تأخير الإفراج الجمركي ويؤدي إلى دفع أرضيات وعطل الشاحنات.
واشتكت شعبة التخليص الجمركي في مذكرتها من عدم توفر السيولة النقدية في البنوك ما يؤدي إلى تأخر الإجراءات وتلف البضائع.ويتسبب في تعطيل الإجراءات في المعابر والمصالح المرتبطة مع الجمارك مثل المرور والنقل .
وطالبت شعبة المخلصين بجمارك وادي حلفا بمراجعة القرار من قبل وزارة المالية مشيرة إلى آثاره السيئة على الدولة التي تتمثل في ضعف الإيرادات المالية، وكذلك الولاية والمحلية .
وأعادت مذكرة المخلصين التذكير بأن قانون الجمارك معروف بأنه قانون متماسك وأي خلل في منظومة الجمارك يؤدي إلى ضرر كبير.
وجددت شعبة المخلصين مطالبتها بمراجعة القرار مشيرًة إلى أن البلاد تمر بفترة حرجة وأن هنالك حاجة ماسة في اجتياز المخاطر والحروب والسيول التي اجتاحت الولاية الشمالية.
وأصدرت شرطة الجمارك بداية أغسطس الجاري، قرارًا منعت بموجبه تخليص أي معاملات استيراد إلا من خلال استمارة الاستيراد الإلكترونية (IM)، من بنك الخرطوم حصريًا، وألزم القرار المصارف بعدم البدء في أي إجراءات مصرفية أو تحويل أي نقد أجنبي للخارج لأغراض الاستيراد دون تقديم هذه الاستمارة، ويهدف الإجراء إلى تنظيم السوق، و تخفيف الضغط على السوق الموازي من خلال ضمان الرقابة الفعالة على كافة عمليات الاستيراد و وسائل الدفع مما يحمي ذلك حصيلة النقد الأجنبي المتوفرة.
ولم تعلن عن الجهة التي أصدرت القرار بينما خاطبت إدارة الجمارك المخلصين بالتقيد باصدار الاستمارة، بينما يتردد وسط المخلصين أن القرار صادر من وزارة التجارة ويقول البعض إنها صادرة من وزارة المالية عبر بنك السودان.
منع تجارة “الشنطة”:
وفي تصعيد جديد من قبل شرطة الجمارك قصدت به صغار التجار، أصدر مدير فرع جمارك أرقين بالانابة العقيد معاوية بدوي رزق الله قراراً تحصل عليه “راديو دبنقا”، منع بموجبه أصحاب البصات السفرية من شحن بضائع تجارية إلى الحظيرة الجمركية اعتبارًا من تاريخ يوم 20/8/2024م، وحذر القرار أصحاب بأن كل من يخالف القرار يعرض نفسه للمساءلة.
وقال أحد المخلصين لـ”راديو دبنقا” إنَّ قرار الجمارك الأخير بمنع سائقي البصات السفرية من شحن البضائع، قصد به حرمان شريحة صغار التجار من نشاطهم التجاري والمعروفين بـ”تجار الشنطة” وتوقع أن القرار سيضر بمصالحهم ، واعتبر القرار خطوة تصعيدية في مواجهة اضراب واعتصام المخلصين ورأى بأنه بدلًا من حل المشكلة فإن الجمارك تعمل على تعقيدها.
ووصف القرار بغير القانوني ومحاولة لاجبار صغار التجار “تجار الشنطة” بين مصر السودان، للتقيد بإجراءات فورم “I.M” الذي لايمكنهم استخراجه.
وحذر العضو بشعبة التخليص الجمركي بوادي حلفا، من أن هذه الخطوة من شأنها وقف التجارة الحدودية بين البلدين بخروج صغار التجار من الدورة الاقتصادية والتضييق عليهم، وقال أن البلاد في حالة حرب وهنالك عطالى بأعداد كبيرة وهذا القرار سيضاعف ويزيد من العطالة ويفتح أبواب التهريب، وسيفاقم من معاناة مواطن وادي حلفا.
وأوضح أن صغار التجار “تجار الشنطة” شريحة مهمة تساهم في اقتصاد البلاد وتنعش التجارة الحدودية بين البلدين، بتوفير احتياجات الأسواق من بعض المواد الغذائية والملبوسات لدى صغار التجار وتساهم في استقرار سعر الصرف.
وطالب المسؤولين برفع هذا الحظر وترك التجارة الحدودية في انسياب، ليستفيد المواطنين خاصة في ظروف الحرب وغلاء المعيشة فإن التجارة تفتح لهم منفذا يتعايشوا منه.
تهديد بنزع الترخيص:
وتأثر الجانب المصري من إغلاق المعابر بسبب الاعتصام الذي نفذته شعبة التخليص الجمركي وأهالي وادي حلفا، حيث تقاطرت الشاحنات المحملة بالبضائع والتي كانت في طريقها إلى السودان على طول الطريق داخل الحدود المصرية على بعد أكثر من 30 كلم. في معبري قسطل وأرقين داخل الحدود المصرية.
وقال رئيس لجنة الخدمات بالمجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا، محمد جمال الذي كان يتحدث لـ”راديو دبنقا” من موقع الاعتصام، إن حوالي 880 شاحنة في الطريق على معبر إشكيت، بينما تقف حوالي 1500 شاحنة على طول الطريق بمعبر أرقين من جهة الجانب المصري.
وعبر محمد جمال عن تقديره للجانب المصري الذي أرسل بقافلة محملة بالأغذية الخفيفة والعصائر والمياه المعدنية، للمعتصمين مع عيادة متحركة مجهزة بالكامل خدمة لأشقائهم في السودان.
وتلقى عدد كبير من المخلصين تهديدات بسحب رخصهم من قبل أفراد في شرطة الجمارك وجهاز المخابرات، بينما طالب نقيب بشعبة الاستخبارات المعتصمين بفك الخيم ومنع التجمعات أمام المعبر، إلا أن المعتصمين تمسكوا بموقفهم.
حالات إغماء:
إلى ذلك بدأ الجانب المصري تحركات واسعة في اتجاه احتواء الموقف بعد تكدس الشاحنات في معبري أرقين وإشكيت على الجانب المصري، بعد توقف حركة الصادرات والواردات.
وعلم “راديو دبنقا” حدوث حالات إغماء وضربات شمس وسط بعض سائقي الشاحنات في مصر، بينما رشحت أنباء غير مؤكدة عن حالتي وفاة.
وذكرت وسائل إعلام مصرية بأن محافظ أسوان اللواء دكتور إسماعيل كمال يتابع جهود تسهيل حركة النقل والتجارة للشاحنات بميناء أرقين البرى على الحدود المصرية السودانية، وكيفية معالجة تكدس لشاحنات بمعبري قسطل ـ أرقين على الجانب المصري نتيجة الإجراءات التى تم إتخاذها من الجانب السودانى.
وإيفاد قافلة لتوزيع المياه والعصائر والوجبات الخفيفة على سائقى الشاحنات والبصات في أعقاب تلقي بلاغات بوقوع حالات إغماء وسط سائقي الشاحنات والبصات السفرية.
وكلف محافظ أسوان د. إسماعيل، الأمين العام لميناء أرقين البرى اللواء أيمن الشريف، بالتنسيق لعقد إجتماع يضم ممثلى كافة الجهات المعنية بمنظومة حركة النقل والتجارة عبر ميناء أرقين، وذلك للعمل على تسهيل حركة الشاحنات والبصات بداية من تواجدها أمام منطقة كركر بمحافظة أسوان، مع تحديد توقيت التحرك لمنع أى تكدس، والتسهيل لإنهاء إجراءات الدخول إلى الأراضى السودانية.
مذكرة الأهالي:
من جهته سلم المجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا مذكرة للمدير التنفيذي، حول ما وصفوه بتأزم وتفاقم الأوضاع بالمحلية، الخدمية والأمنية والمعيشية والاقتصادية، واعتبر المجلس أن ربط مشاكل المحلية بظروف الحرب الدائرة في أكثر الولايات أمنًا “الولاية الشمالية”، ماهو إلا هروبًا من مجابهتها على المستويين الولائي والمحلي كل فيما يليها.
وطرحت المذكرة إهمال السلطات المحلية لمشكلة المياه ، ومشكلة الكهرباء المتواصلة خاصة في الأسواق والمرافق الخدمية دون أي مسوغات ومبررات، مع تدني مستوى الخدمات الصحية بشقيها العلاجي والوقائي ووماوصفه حالة الفوضى التي عمت الأسواق بيئيًا وتنظيميًا وأمنيًا، إضافة إلى الشكاوي المتكررة من القطاعات الفئوية كماهو الحال في شريحة التجار والمخلصين وغرف النقل والترحيل، وغيرها من المشاكل التي أختتمت بكارثة السيول والأمطار التي ضربت المحلية في قراها ومدنها وتركت آلاف الموالمواطنين في العراء، في غياب للأدوار الرسمية على المستويين الاتحادي والولائي
.
وقال المجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا أن كل تلك المواقف توحي للجميع بأن المنطقة بكل ثقلها الجغرافي والتاريخي والمجتمعي والاقتصادي مستهدفة استهدافًا ممنهجًا يستدعي الوقوف عندها.وتعهد المجلس بإعادة الأمور إلى نصابها بكل الوسائل السلمية المتاحة.
دبنقا
المصدر: صحيفة الراكوبة