موسم دراسي دون ابتزاز
الأربعاء 21 غشت 2024 19:42
كان الموسم الدراسي السابق جهم الطلعة، كئيب المنظر، دون عواطف ولا عطف على أبنائنا، وكأنهم من جنسيات أجنبية، وطغى منطق “راسي يا راسي” على كل شيء، وضاعت شهور من المعرفة والعلم بسبب من تركوا وراءهم الطوفان وغنموا في سنة واحدة ما لم يغنمه رجال التعليم في عشرات السنوات من النضال، نضال عقيم حقا، لكنه كان متسما بإعلاء المصلحة العليا للإنسان المغربي على أي اعتبار مادي.
ضيع التلاميذ شهورا من الدرس، انعكست على مستواهم في جميع الشعب، باستثناء المنتمين للتعليم الخاص الذين حصلوا على ما يكفيهم من التحصيل. وقد فوجئوا بمستوى الامتحانات الإشهادية، الأسهل في تاريخ المغرب، ومن ثمّة النسبة القياسية من النجاح. وتحولت نتائج امتحانات البكالوريا إلى جبر للخواطر بسبب مخلفات الحرب التي شنتها التنسيقيات على المجتمع.
ما لا يعرفه بعض الأنانيين من الأجيال الجديدة، أن رجل التعليم كان محروما من السلم التاسع بالنسبة للتعليم الابتدائي ومن السلم العاشر بالنسبة للتعليم الإعدادي ومن السلم الحادي عشر بالنسبة للتعليم الثانوي، منذ الاستقلال إلى سنة 1986 حيث سمحت الحكومة أخيرا بذلك في ترقية استثنائية همت من اشتغل في هذا السلم قبل 1976 ثم وضعت عراقيل كبيرة في وجه آلية الترقي بالأقدمية، حتى أن بعض المدرسين قضوا 19 سنة في السلم العاشر، حتى أنقذتهم حركة استثنائية أخرى سنة 1997. وتم تحريك السلم لباقي الفئات منذ هذا التاريخ، مع استثناء أساتذة التعليمين الابتدائي والإعدادي من خارج السلم.
30 سنة من التجميد في سلم واحد! من سنة 1956 إلى سنة 1986، هل كانت الأجيال “المزروبة” تستطيع احتمال ذلك؟
نحن اليوم أمام واقع جديد، اختفى فيه قمع رجل التعليم وحل محله احترام حقوق المواطن دون تأويل نضاله إلى ما يدخل في “كل ما من شأنه” زعزعة النظام السياسي. أجيال لم تعرف القمع والسجن وحتى القتل في الصدامات الكبيرة مثل ما حدث سنوات 1965 و1981 و1984 و85 و 1990 ليس لهؤلاء القدرة على إعادة قراءة تاريخ بلادهم ليتهيبوا شنيع أفعالهم.
الموسم الدراسي الجديد على الأبواب، والحكومة استجابت لأغلب مطالب رجال التعليم، وهي اليوم على عتبة تطبيق النظام الأساسي الجديد وإصلاح التقاعد، وليس من المستبعد ان يصطاد البعض في المياه العكرة، لغاية غير نقابية ولا تنسيقية وإنما لأغراض سياسية دنيئة، المراد منها ليّ دراع الحكومة لتحقيق غايات شيطانية.
ليست حكومة أخنوش مكونة من الملائكة ولا من الرسل والأنبياء، لكن الأبيض أبيض والأسود أسود. نحن نعرف عيوبها وأخطاءها وحدود عملها والسياق الوطني والدولي الذي تشتغل فيه. كما نعرف الفاسدين الذين لا يزالون يختبئون في زمن تسييرها للبلاد، ونسعى إلى جعل الجميع خاضعين لسلطة القانون والمحاسبة، ولا نضع العصوات في عجلاتها مجانا، كما يفعل الذين في قلوبهم مرض، فيغتنمون الفرص لإشعال نار الفتنة في المغرب، كلما كانت هناك مناسبة، من شعلة خارجية أو داخلية، يرمون غابات بلدنا بما يتسبب في إشعال النار فيها. غابات بلدنا التي من فرط الجفاف المادي والمعنوي، أصبحت نباتاتها يابسة حساسة تكاد تشتعل فقط من نية قبيحة ما، فبالأحرى من مسِّها بالنار الحقيقية.
المصدر: هسبريس