فلاحون يراهنون على البحث العلمي لزرع أشجار صبّار مقاومة للحشرة القرمزية
على غرار مجموعة من التحديات التي تواجه القطاع الفلاحي في المغرب، تواجه مساحات شاسعة من أشجار الصبار، المعروفة محليًا بـ”الهندية”، تهديدًا كبيرًا بسبب انتشار الحشرة القرمزية التي دمرت مساحات واسعة من هذه النباتات، وهي الآفة الزراعية التي تسببت في تراجع كبير في إنتاج ثمار التين الشوكي؛ ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعارها التي تجاوزت 40 درهمًا للكيلوغرام الواحد، مما يثير قلق الفلاحين والمستهلكين على حد سواء.
وفي مواجهة هذه الأزمة، يراهن الفلاحون المغاربة على جهود البحث العلمي والابتكار، حيث بدأت تظهر تجارب علمية جديدة تركز على تطوير أنواع مقاومة من أشجار الصبار لمواجهة الحشرة القرمزية؛ وهي الجهود تعتبر بمثابة بصيص أمل لإعادة إحياء هذا القطاع الزراعي المهم والحفاظ على مصادر رزق العديد من العائلات التي تعتمد على زراعة الصبار في مناطق مختلفة من المملكة، فضلا عن إعادة “فاكهة الفقراء” إلى موائد المغاربة.
في هذا السياق، قال عبد الله أبودرار، الأستاذ الباحث بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، إنه يمكن القول بأن المغرب قد تجاوز اليوم مرحلة تجارب الصبار المقاوم للحشرة القرمزية، حيث حدّد المعهد الوطني للبحث الزراعي ثمانية أصناف من هذا النوع؛ وهي اليوم في مرحلة الإكثار لتوزيعها للفلاحين لإعادة زرع ما أتلفته الحشرة القرمزية.
وذكّر أبودرار، ضمن تصريح لهسبريس، بالقيام بجميع التجارب الضرورية من طرف المؤسسة الوطنية المذكورة حول هذه الأصناف المقاومة للحشرة القرمزية، حيث وضعت وزارة الفلاحة برنامجا طموحا يهدف إلى إعادة زراعة 120 ألف هكتار من هذه الأصناف المقاومة لهذه الحشرة في أفق 2030؛ فيما تم زرع ما يقارب 7 آلاف و500 هكتار منها إلى حد الآن، حسب أرقام الوزارة ذاتها.
ويبقى استعمال الأصناف المقاومة لهذه الحشرة، وفق الخبير الزراعي ذاته، “الطريقة الفعالة الوحيدة لإعادة تأهيل هذه الزراعة عوض اعتماد المحاربة الكيميائية والبيولوجية التي تتطلب إمكانيات مادية وتقنية كبيرة، فضلا عن ضرورة مواصلة البحث الزراعي لتتبع مدى تراجع هذه الآفة ومواكبة الأصناف الثمانية على الميدان لمعرفة مدى تكيفها مع ظروف الإنتاج في جميع مناطق المملكة”.
من جانبه، قال كمال أبركاني، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور خبير في العلوم والهندسة الزراعية، إن تطوّر الحشرة القرمزية أتلف مساحات واسعة من شجرة الصبّار في المغرب؛ ما استدعى تدخّل البحث العلمي كوسيلة لتطوير أصناف جديدة من هذه الشجرة، وهي الوسيلة التي نجحت في زراعات أخرى متضررة من مختلف أنواع الحشرات.
وأشار أبركاني، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن هناك أبحاثا علمية دولية اعتمدت على برامج للفرز الجيني أثبتت نجاحها في تجاوز إشكالية الحشرة القرمزية لدى شجرة الصبّار وتطوير أصناف مقاومة لهذه الآفة.
وأبرز الخبير في العلوم والهندسة الزراعية أن “التحدي الآن على مستوى المغرب هو اختيار الأصناف الجديدة المقاومة لهذه الحشرة والملائمة في الوقت نفسه للمناخ والتربة المحليين؛ وذلك بالأخذ في الاعتبار التمثيل الضوئي ودرجة الحرارة ونسبة الرطوبة، وهي العملية التي يسهر عليها المعهد الوطني للبحث الزراعي، والتي قد تحتاج إلى حوالي 5 سنوات قبل توجيه المنتج نحو الاستهلاك”.
المصدر: هسبريس