اخبار العراق

| “التيك توك”.. بوابة للمحتوى الهابط ومصنع التفاهة المستشرية

منذ إطلاق منصة تيك توك، المعروفة في الصين باسم دوين Douyin، والتي تملكها شركة بايت دانس الصينية، في سبتمبر/أيلول 2016، بدأت تشهد نمواً تصاعدياً ملحوظاً. هذا التنامي، مدفوعاً بالأرباح الكبيرة وسهولة تحقيق الدخل، حفز صناع المحتوى على الانخراط بقوة في المنصة.

كما ساهم تطبيق نمط دقيق من خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تشجيع المستخدمين والمتصفحين على قضاء وقت أطول على المنصة، نظراً لقدرتها الفائقة على تلبية رغبات المشاهدين وكأنها تعي تماماً مزاج المستخدم.

ونظراً لأن أغلب تطبيقات التواصل الاجتماعي تقدم الأموال للمتابعين على استحياء، وعبر طرق قد تبدو معقدة، كالتحويلات البنكية وغيرها، فإن سخاء منصة تيك توك وسهولة تحويل الأموال وسحبها دون فرض قيود، شكّل ميزة للمستخدمين وصناع المحتوى، وكذلك للداعمين.

محتوى هابط

ومنذ اكثر من عام تواصل السلطات العراقية حملة محاسبة من تصفهم بـ”صُنّاع المحتوى الهابط” على منصات التواصل الاجتماعي، مع توالي إصدار أوامر القبض والأحكام القضائية التي تصدر بحقهم، وسط مخاوف من استغلال الملف لتكميم الأفواه.

فيما وضعت السلطات الأمنية مواقع التواصل تحت رقابة لجنة أمنية خاصة جرى تشكيلها أخيراً، لرصد المحتويات الهابطة وملاحقة صانعيها، فيما توعّدت بمحاسبة قانونية يخضع لها المخالفون.

وفي الاسبوع الماضي صدرت لجنة عراقية تابعة لوزارة الداخلية متخصصة بمحاربة المحتوى الهابط أمرًا بالقبض على التيكتوكر محمد عمر محي الدين قادر المدعو “بلانه”.

وأفاد مصدر أمني في وزارة الداخلية العراقية، بصدور أمر قضائي بحق التيكتوكر “بلانه” بسبب المحتوى الهابط الذي يقدمه على مواقع التواصل.

وأوضح المصدر أن: “لجنة محتوى الهابط في وزارة الداخلية اتخذت الإجراءات القانونية بحق التيكتوكر المدعو (بلانه) محمد عمر محي الدين قادر وصدور أمر إلقاء القبض بحقه”.

فيما أصدرت لجنة المحتوى الهابط في الداخلية، في مطلع اب الجاري، امرا بالقبض على احد مشاهير تطبيق التيك توك.

وذكرت مصادر امنية في الوزارة ان “اللجنة أصدرت امرًا بالقبض بحق المدعو عناد خالد، الملقب بـ “حسحس”.

وأضاف، ان “سبب القاء القبض بسبب المحتوى الهابط الذي يقدمه”.

بينما افاد مصدر امني، يوم الخميس الماضي، بالقبض على المدعو عباس الركابي بتهمة المحتوى الهابط.

وقال المصدر إنه “تم القاء القبض على المدعوة رقية الركابي الملقب “عباس الركابي” بتهمة الترويج للمحتوى الهابط”.

ويذكر ان القضاء العراقي أصدر امر استقدام بحق (رقية رحيم) المعروفة باسم “عباس الركابي” وذلك للتحقيق بخصوص جريمة الفعل الفاضح والمقدمة من المشتكي (الحق العام).

وبحسب وثيقة قضائية متداولة، فأنه “سيتم التحقيق معه بخصوص جريمة الفعل الفاضح والمقدمة من المشتكي (الحق العام).

كما ان المدعوة رقية تظهر في بعض الأحيان على شكل انثى واحياناً على أنها ذكر، وفي سابقة أُخرى استخدمت عجلات حكومية مظللة وقامت بالنداء من اللاسلكي في الشارع العام.

و”عباس الركابي” شخصية معروفة على تطبيق “التيك توك” ولديها متابعون من داخل وخارج العراق، غير أن هناك خلافاً على هويتها بسبب ظهورها تارة على هيئة فتاة، وترى أُخرى على هيئة ذكر.

حجب ومنع

وفي اذار الماضي أعلنت وزيرة الاتصالات في العراق، هيام الياسري، تقديم طلب لمجلس الوزراء لحجب “تيك توك”، كونه “ساهم في تفكك النسيج المجتمعي العراقي”، بحسب تعبيرها، مع العلم أن وزارة الاتصالات كانت قد أثارت أكثر من مرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية احتمالية حجب التطبيق، ولا سيما مع المشكلات الاجتماعية التي سبّبها.

وقالت الياسري خلال مؤتمر صحافي إن “وزارة الاتصالات قدمت طلباً إلى مجلس الوزراء لحجب تطبيق تيك توك كونه ساهم كثيراً في تفكك النسيج المجتمعي العراقي، وكونه لا يحتوي على فائدة علمية وتعليمية وهو مجرد تطبيق للترفيه”.

وأضافت أن “حجب التطبيق لا يؤثر على أي مؤسسة أو على التعليم”، ولفتت إلى أن “القرار ليس بيد وزارة الاتصالات، بل يجب أن يصدر من مجلس النواب أو مجلس الوزراء”، مشيرةً إلى أن “الكثير من الدول قامت بحجب تيك توك وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية إضافة إلى كندا ودول أخرى”.

وجاء هذا الحديث، بعد أن فتح قرار المحكمة الاتحادية العليا، منتصف مارس/ آذار الماضي، بشأن حجب “المواقع المسيئة، التي تتضمن صناعة المقاطع المخلة بالأخلاق والآداب وقيم المجتمع العراقي ونشرها، والمحتوى الهابط الذي يخدش الحياء والتجاوز على الذات الإلهية وحرمة الكتب المقدسة والتجاوز على الأنبياء والرسل والرموز الدينية والإساءة إلى الأديان والمذاهب والترويج والنشر للفسق والفجور والبغاء والشذوذ الجنسي والتعرض للآخرين والإساءة إليهم”، بحسب بيان للمحكمة.

تشذيب المحتوى

من جهته، قال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، الدكتور فاضل الغراوي، إن “حرية الرأي والتعبير في كل التشريعات والدساتير والمواثيق والعهود الدولية تعتبر من الحقوق الأساسية للمواطن، وهذه الحريات مكفولة باعتبارها تمثل حقاً من الحقوق الأساسية التي يجب أن تكون متوفرة لكل البشر”.

وأوضح الغراوي، ان “هذه الحريات يجب أن لا تكون مفرطة وتتجاوز على الذوق والنظام والآداب العامة، ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي وجِدت لخدمة البشر وفيها الكثير من الإيجابيات، لكن البعض منها بدأ يخرج عن الذوق والآداب العامة خاصة في استخدام التيك توك بالعراق”.

وأكد أن “الحظر الشامل للتطبيق غير صحيح، بل ينبغي تنظيم هذا البرنامج كما في باقي الدول، وهذا التنظيم سيساعد على تشذيب ما ينشر في البرنامج التي لا تتناسب مع الذوق والآداب العامة، لذلك على الحكومة توفير بيئة مناسبة وآمنة ومحمية لممارسة هذا الحق دون حظره”.

وكان عدد مستخدمي تطبيق “تيك توك” في العراق، قد ارتفع إلى 31.95 مليون مستخدم هذا العام بعد أن كان يبلغ 23.88 مليون مستخدم العام الماضي، متفوقاً على كل مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، في بلد يبلغ تعداد سكانه 43.5 مليون نسمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *