الحملات الإعلامية ضد ثورة ديسمبر.. من يقف خلفها وماذا أعد لها الثوار؟
انتظمت بعض الصفحات السودانية في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا حملات إسفيرية تسخر من ثورة ديسمبر 2018 وتروج لتسببها في الحرب الحالية الدائرة في البلاد.
الخرطوم: التغيير
تظهر الحملات في شكل منشورات شبه منظمة يغلب على كاتبها صفة مجهول الهوية وتتغنى بايام النظام البائد وتتحسر على انفراط عقد الامن والطمانينة.
ويخاطب بعض هؤلاء عاطفة البسطاء على وسائط التواصل لا سيما إبان الحرب الحالية بعقد مقارنات مزعومة بين الوضع الحالي وعهد نظام المؤتمر الوطني المحلول.
ويلاحظ أن بعض الحسابات التي تكتب هذه المنشورات متفرغة تماما للرد على المتداخلين ومتابعة التعليقات لمزيد من التفاعل وضمان وصول المنشورات لاكبر عدد ممكن.
ويستهدف بهذه الحملات السياسيون لا سيما المنتمين لقوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) أو تنسيقيه القوى الديمقراطية المدينة (تقدم) مضافا إليهم الثوار ولجان المقاومة وقوى الثورة بشكل مباشر ومتكرر.
وتصل حدود بعض المنشورات احيانا إلى الاساءات الشخصية لقوى الثورة والتنمر على اشكالهم وحيواتهم الشخصية والتشكيك في وطنيتهم واتهامهم بالعمالة.
واحيانا تميل أهداف هذه الحملات المنظمة أو غير المنظمة الى تقويض الحكم المدني الديمقراطي وتمجيد الحكم العسكري وتشكيل رأي عام ضد المدنيين والسياسيين والثوار.
ويتجنب هؤلاء تحميل النظام البائد وزر ما وصل إليه حال البلاد مع التركيز على الربط بين قوى الثورة والدعم السريع بالإدعاء أن الأولى تمثل الجناح السياسي للاخيرة.
ويردد معظم الناشرين مواضيع متشابهة ومتطابقة متفق عليها على الصفحات الاجتماعية والخدمية والرياضيه على منصة (فيسبوك) تركز على تحميل الثورة والسياسيين السبب في الحرب.
الوعي الثوري
يرى الصحفي السوداني والمحلل السياسي عثمان فضل الله، أن هذه الحملات لم تتوقف إلا أيام اعتصام الثوار أمام قيادة الجيش بالخرطوم، وأنها تهدف إلى تشويه وشيطنة الثورة والثوار ووصفهم بانهم صعاليق يتعاطون المخدرات.
واستدرك في حديثه لـ (التغيير): “لكن استطاع الوعي الشعبي أن يهزمهم ولولا هذا الوعي من القوى الثورية منفصلة أو مجتمعة لعاد النظام البائد بشكل جديد وهذه كانت الخطة المرسومة”.
ويعتقد فضل الله أنه بعد إندلاع الحرب في أبريل 2023 التبس الأمر على الناس بسبب الدعم السريع وحدث خلل وأحتار الناس هل يقفوا مع القوات المسلحة رغم سعيها الحثيث والواضح لإعادة النظام البائد أم الوقوف مع مليشيا الدعم السريع رغم ما فعلته سابقا في دارفورد وما مارسته في الجزيرة والخرطوم خلال الحرب الحالية. وتابع: “هذا خلق ارتباكا في موقف القوى السياسية والمؤيدين لها”.
وأوضح فضل الله أن داعمي الحرب يصفونها بأنها بين الوطنيين المخلصين والعملاء لإظهار أن الثوار متحالفين مع الدعم السريع.
ورأى أنه وبعد عام ونصف من الحرب بدأ المد الثوري يتماسك من جديد وأكتشف الناس زيف وخداع هذه الحملات وأن التحالف مع الدعم السريع غير منطقي.
وأضاف بأن القوى المحايدة والرافضة للحرب خلقت قوة وتماسكا يجهض الخطاب الموجه ضد الثورة.
وزاد فضل الله: “الحملة كبيرة ومتعوب عليها ومصروف عليها صرفا كبير جدا لكي تروج بأن القوى الثورية حليفة للدعم السريع وشريكة في الدم لكن قوه الحجج والمنطق تبعه تضحد هذه الاتهامات”.
وتابع: “معظم القوى المدنية الثورية لديها مشكلة إعلامية وهي غير منظمة لتناهض هذا الخطاب، ولا توجد خطط استراتيجية أو مرحلية لمواجهة هذه الحملات كما أن ردة الفعل مبنية على جهود فردية أو حزبية غير منظمة على الرغم من أنها مهتمة بالتحول المدني الديمقراطي وداعمة لثورة ديسمبر”.
تصفية الثورة
وفي حديثه لـ (التغيير) وصف الناطق الرسمي باسم تنسيقية (تقدم) بكري الجاك، الحملة الإعلامية بأنها منظمة وأنها اتخذت عدة أشكال واتبعت عدة تكتيكات”.
واستدرك: “لكن الهدف الإستراتيجي لتحالف المال والسلطة من بقايا نظام البشير وبعض حلفائهم الجدد هو تصفية ثورة ديسمبر ومحوها من ذاكرة الشعب حتى لا يكون هنالك مرجعية لإعادة البناء ولا يكون هناك من يلام على كل ما جري وأن يصبح للجميع الحق في ادعاء التمثيل وفي الحديث باسم الشعبي بما في ذلك من قامت الثورة ضدهم ومن فعلوا كل شيء لهزيمتها وإفشال حكومتها سواء بالتآمر والانقلاب واخيراً بإعلان الحرب ورفض ايقافها”.
غياب المواكب
يعتقد الصحفي السوداني محمد حلفاوي، أن الحملة مصدرها نابع من القوى المضادة للثورة ويصفها بانها قوى عابرة بين الأحزاب والنظام العسكري.
ويضيف: “للأسف ليس هناك شيء مضاد لها أو ترياق، نسبة لظروف الحرب لأن الثورة كانت تاخذ بعدها السياسي بالمواكب في الشوارع وهذا متوقف حاليا بسبب الحرب ونزوح غالبية المواطنين خاصة الطبقة المتعلمة والمثقفة أو المجتمعات التي اوقدت الثورة وجمعيهم إما في المنافي أو النزوح داخل الوطن.
وتابع: “سابقا كانت توجد حملة مضادة لشيطنة ثورة ديسمبر نجحت في ذكرى السادس من ابريل، لكن في 3 يونيو وذكرى فض الاعتصام لم تكن قوية وحدث لها بعض التراجع”.
واشار حلفاوي إلى أن الحملات المضادة للثورة تأتي من غرف منظمة ومدفوعة القيمة.
وحول الحملات المؤيدة لخط الثورة يقول حلفاوي إنها طوعية من شباب وفتيات متمسكين بالحكم المدني والعدالة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
المصدر: صحيفة التغيير