هل يساهم العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي في تعزيز الاقتصاد الوطني؟
يشكل العفو الملكي الذي شمل مجموعة من المزارعين المتورطين في زراعة القنب الهندي منعطفاً حاسماً في مسار الاقتصاد المغربي، لاسيما بعد تقنين هذه الزراعة، فبالإضافة إلى الجانب الإنساني لهذا القرار الذي يعيد الكثيرين إلى أحضان المجتمع، فإن هذا العفو يحمل في طياته آفاقاً واعدة لتعزيز الاقتصاد الوطني.
ولطالما كانت زراعة القنب الهندي ظاهرة معقدة في المغرب، تتراوح بين التراث الثقافي والنشاط الاقتصادي غير القانوني، إلا أنه مع تقنين هذه الزراعة دخل هذا الملف منعطفا جديدا، إذ من المنتظر أن يجني المغرب ملايين الدولارات من هذا المجال، كما أن العفو الملكي الصادر يوم أمس على مجموعة من المزارعين الذين يشكلون العمود الفقري لهذه الزراعة من المنتظر أن يساهم بشكل فعال في تعزيز هذه الزراعة التي أضحت اليوم مشروعة، وتحكمها قوانين بعينها.
في تصريح ل “العمق”، أعرب المحلل الاقتصادي ياسين اعليا عن أهمية قرار العفو عن مزارعي القنب الهندي، مشيراً إلى أن هذا القرار يمثل دفعة إيجابية لاقتصاد المناطق التي اشتهرت بزراعة هذه النبتة.
وأوضح اعليا أن القرار يستند إلى عاملين رئيسيين من شأنهما تعزيز التنمية الاقتصادية على المستويين المحلي والوطني.
العامل الأول، وفقاً لما ذكره اعليا، يرتبط بالاستثمار في رأس المال البشري، إذ إن مزارعي القنب الهندي، الذين يمتلكون خبرة طويلة في المجال الزراعي، سيعملون الآن في إطار قانوني جديد يقنن زراعة القنب الهندي ويشرع استخدامها لأغراض طبية.
هذا التحول القانوني حسب المتحدث من شأنه أن يضع حداً لاستغلال هؤلاء المزارعين، الذين كانوا سابقاً الحلقة الأضعف في سلسلة تجارة المخدرات خاصة وأن القانون الجديد سيضمن لهؤلاء المزارعين بيع محاصيلهم بأسعار عادلة، مما يعزز من قدرتهم على تحسين أوضاعهم الاقتصادية.
ومن ناحية أخرى، يرى اعليا أن هذا القرار سيؤدي إلى انتعاش المناطق التي تشتهر بزراعة القنب الهندي، حيث أن ارتفاع الإنتاج في ظل الإطار القانوني الجديد سيخلق حركة اقتصادية موازية ستساهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
وأضاف أن هذه الديناميكية الاقتصادية لن تقتصر على المستوى المحلي فقط، بل ستمتد آثارها الإيجابية إلى الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وفي ختام حديثه، أشار ياسين اعليا إلى أن هذا القرار يحمل في طياته آمالاً جديدة لسكان تلك المناطق، حيث من المتوقع أن يساهم في تعويض ما فقدته هذه المناطق خلال السنوات الماضية، فضلاً عن توفير فرص استثمارية جديدة تدعم النمو الاقتصادي المستدام.
جدير بالذكر أن الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، أصدرت منذ مطلع سنة 2024، 3029 ترخيصًا مقابل 721 ترخيصًا في سنة 2023، وذلك في إطار القانون رقم 2113 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
ويتعلق الأمر بـ2837 ترخيصًا لفائدة 2659 فلاحًا لنشاط زراعة وإنتاج القنب الهندي، مقابل 430 ترخيصًا في 2023، و192 ترخيصًا لفائدة 98 فاعلًا، مقابل 291 ترخيصًا لفائدة 138 فاعلًا سنة 2023.
وصادقت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، منذ بداية السنة الجارية، على 7.3 ملايين بذرة للقنب الهندي بناءً على 26 ترخيص استيراد منحها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، وذلك على مساحة 1164 هكتارًا لفائدة 100 تعاونية إنتاجية تضم 1520 فلاحًا.
كما رخصت الوكالة، منذ بداية العام 2024، استعمال 1634 قنطارًا من بذور القنب المحلية (البلدية)، استنادًا إلى 106 تراخيص استعمال لهذه البذور “البلدية”، والممنوحة من طرف (أونسا) لمساحة 1916 هكتارًا لفائدة 106 تعاونيات إنتاجية تضم 1816 فلاحًا.
وللإشارة فإنه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب أصدر الملك، محمد السادس أمر بالعفو عن 4831 شخصا من المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي المتوفرين على الشروط المتطلبة للاستفادة من العفو.
المصدر: العمق المغربي